اذهبوا الى الحبشة فهناك حاكم لا يخدع ولايغدر بأحد . أسرفت النخبة السياسية اليمنية المؤيدة للشرعية في الثناء على الدور السعودي في إستعادة الشرعية وظهرت في الأسابيع والشهور الأولى لعاصفة الحزم التحليلات التي وزعت الوهم وزرعت التفاؤل الكاذب ؛ أنه وفي أسابيع قليلة ونستعيد صنعاء ونحرر اليمن من الحوثه ، وها هي تمر السنوات الخمس ومملكة آل سعود لم تحسم أمرها في اليمن ولن تحسمه لصالح أحد. بل انها بعد شهور فقط أدخلت الحوثه في حوار مع الشرعية بحثاً عن حل سياسي توافقي يرضي جميع الأطراف. طبعاً لم تكن السعودية عاجزة عن حسم مسألة صنعاء لو هي أرادت ، وليست عاجزة إلى الآن ولكنها لاتريد ذلك ، وهذا منطق من يعرف ألف باء العمل العسكري . نعم ستجد صعوبة في هذا الوقت أكبر بكثير من السابق ولكنها قادرة وبمفردها على الحسم. الذي يمنع المملكة من الحسم في اليمن هي الطبيعة الماكرة والمخادعة والتي تقف ضد إستقرار أي دولة من دول الربيع العربي أو الدول الجمهورية بشكل عام وتستخدم الآن شماعة لمحاربة الأحزاب والجماعات الإسلامية وتسوق ذلك للغرب تحت يافطة محاربة الإرهاب والذي يلبي ويرضي النفَس الإستعماري الصليبي عند الغرب. وكما أستخدمت من قبل شماعة الإشتراكية والشيوعية واليسار في الجمهوريات العربية الوليدة في الخمسينيات والستينيات لمحاربة أي تغيير جدي في الجمهوريات الجديدة وتحولت تلك الجمهوريات الى ثكنات للإستبداد السياسي والفكري باسم حماية الثورة وحماية الأمن القومي وحماية الوطن من الرجعية ومن الرجعيين ، وتم قمع الحريات وإنشاء الدول البوليسية ، وتم إلغاء الهامش الديمقراطي الذي كان موجوداً في الأنظمة السابقة. كانت مملكة آل سعود في تلك الفترة تستقبل الفارين بجلودهم من الأنظمة المستبدة الظالمة في جنوباليمن؛سوريا ومصر وليبيا والعراق وخصوصاً "الأخوان المسلمون " والذين ساهموا وبشكل كبير في نهضة علمية تعليمة في المملكة لاينكرها إلا مكابر. وعندما تحول فكر الأخوان من العمل الدعوي التربوي فقط الى المشاركة السياسية في العملية الديمقراطية في مصر واليمن والكويت ولبنان والسودان والجزائر تغير موقف المملكة منهم الى مايشبه القطيعة خصوصاً في تسعينيات القرن الماضي ، ومرت العلاقة بمرحلة فتور شديدة لأن ملوك آل سعود دائماً يقفون ضد إرادة الشعوب ومع الحاكم الظالم المستبد وإن كان علمانياً ليس حباً في العلمانية طبعاً ، وإنما كراهية لأي تغيير سلمي ديمقراطي فما بالك إذا كان هذا التغيير يقوده اسلاميون ، لأنه سوف يسحب الكثير من مشروعيتها في الحكم والقائمة على أسس دينية سلفية تقليدية. تعتبر السعودية نفسها حامية الدين طبعاً بمفاهيمها السلفية القائمة على المبالغة في طاعة ولي الأمر وعلى حرمة أي خيار إنتخابي وتحريم العمل النقابي والمهني ناهيك عن التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وتقوم على تكفير الديمقراطية. ثم جاءت ثالثة الأثافي ثورات "الربيع العربي" التي أسقطت الحكام في تونس ومصر واليمن وهزت عروش حكام الخليج ، هذه الثورات الشعبية كان واسطة عقدها هي جماعة الأخوان المسلمون بما تملك من جماهيرية جاهزة للحشد ووقفت المملكة بكل ما أوتيت من قوة ومال وحضور دولي ضد هذه الثورات وقادت ودعمت الثورات المضادة في مصر وليبيا واليمن. وقد كتب أحدهم حينها مقالاً بعنوان " حماية الثورات العربية بحل الدولة السعودية " ولم يجد صحيفة تنشره أو موقع إلكتروني يقبله ومن حقد المملكة على التغيير أنها دعمت العدو التاريخي للوهابية والسلفية ؛ جماعة الحوثي حتى تسقط صنعاء بيدها وتم لها ما أرادت ولكن الممثل خرج عن النص وتجاوز إرادة وتوجيهات المخرج وأخذ نصاً أخر من طهران وأسقط الدوله كلها ووصل الى عدن. ومات ملك وجاء أخر واستبشرنا خيراً لعل وعسى وجاءت عاصفة الحزم لإعادة الشرعية الى صنعاء ومن يوم 25مارس 2015م والكثير يوزع الوهم ويبيع الأمل في سوق عكاظ لقد عادت قريش الى تآمرها وخداعها. لقد رحل أهل السودان الى الحبشة حيث يوجد رئيس لايمكر ولايخدع أحد ولايظلم عنده أحد فتوسط وتوسل وترجى حتى وصل الى حلول لأهلنا في السودان وليس ترقيع أو ترحيل أزمات أو صناعة ألغام مستقبلية كما فعل بنا حلفائنا ؛ السعودية والإمارات . إن جريمة المليشيات الإنفصالية في عدن تتحمل وزرها السعودية قبل الإمارات، وما على النخبة السياسية اليمنية المؤيدة للشرعية إلا التوجه الى الحبشة فهناك حكومة ودولة لا تمكر بمن جاءها مستجيراً ، لا تخدع ضعيفاً لجأ إليها هروباً من جحيم الحوثي وقد قالت العرب : المستجير بعمرو عن كربتة ** كالمستجير من الرمضاء بالنار. │المصدر - الخبر