إن الولاياتالمتحدة ومهما أدعت غير ذلك لا يوجد لها أصدقاء دائميين أو حلفاء على المدى الطويل سوى تلك الدول التى تتفق معها فى مشاريعها التوسعية التى تجعل من العالم فناء تعبث فيه كيف تشاء ، فما قاله أوباما عن علاقة الولاياتالمتحدة بمصر هو توصيف للعلاقة سابقاً ولاحقا ، مصر ليست حليفا لأمريكا و ليست عدواً ، مصر فى عهد مبارك كانت تابعة وخاضعة بشكل تام للادارة الامريكية ، فللأسف جعل مبارك من مصر دولة تخضع لكل ما تريده أمريكا دون نقاش ، وهو ما أضاع هيبة مصر التى سعى جمال عبدالناصر وأنور السادات من أجلها سنوات طويلة فى الماضى ، لكن مبارك ببساطة جاء و إحتمى بأمريكا دون شعبه ، وهو ما جعل من مصر تابعاً لأمريكا ولسياساتها و توجهات إدارتها العسكرية ، و لإضفاء نوع من البريق على تلك العلاقة الوضيعة تم تسميتها علاقة تحالف أو شراكة استراتيجية و أحياناً صداقة ، وكلها أوصاف و مصطلحات للاستهلاك المحلى ليس أكثر ! الرئيس مرسى لا يمكن أن يدين الاعتداء على السفارة دون أن يدين أولاً الاعتداء على قداسة الدين الاسلامى و نبيه الكريم “محمد – صلى الله عليه وسلم " ، ويبدو أن الامريكان قد اعتادوا من الادارة القديمة لمصر أن تدين وتشجب و تستنكر كل ما يمس الذات الامريكية حتى ولو كانت تلك الادانة تتعارض مع ثوابت داخلية مصرية ، لقد تغيرت مصر ألان ، ليس فقط على صعيد الادارة السياسية والعسكرية ولكن حتى على صعيد رجل الشارع الذى لم يعد حرجاً فى التعبير عن رايه بكل صراحة و دون خوف ، ولا يتورع فى النزول فى مليونيات بالميادين الشهيرة فى القاهرة وغيرها من المحافظات المصرية للتعبير عن رفضه للهيمنة الامريكية والاوربية التى غالبا لن يأتى من ورائها أى نفع أو فائدة لبلاده ، أمريكا تدرك جيداً ومنذ فترة ليست بالقصيرة أن التعامل مع مصر يجب أن يأخذ شكلاً مختلفاً ، شكل جديد لا يقوم على مبدأ المعونة والضغوط مقابل تنفيذ أوامر الارادة الامريكية ، وفى نفس الوقت لا تريد أن تستخدم لهجة شديدة ومستفزة مع مصر قد تؤدى فى النهاية الى القضاء على ما تبقى من بقايا للعلاقات المصرية الامريكية ، ولعل هذا ظهر جلياً عندما قدم أوباما شكره للرئيس اليمنى والليبى على ما قاما به لحماية السفارة فى بلديهما وتحدث عن مصر بلهجة مختلفة . أود أن أذكر فى هذا المقام عن عدم قدرة الادارة الامريكية على عدم بث الفيلم أو إنتاجه متذرعة بالقانون وحرية التعبير ، أتساءل ماذا لو كان هذا الفيلم يشكك فى صحة محرقة اليهود المزعومة ؟ ، هل كانت أمريكا ستترك الفيلم يتم إنتاجه و بثه ؟ ، وهل كانت شركة “جوجل" الامريكية ستدع مقاطع الفيلم على موقعها “يوتيوب" أم كانت ستحجبه عن إسرائيل فحسب وتترك باقى الدول تشاهده ؟ ، فى ظنى أنه لو حصل أمر كهذا فإن أمريكا ودول الغرب بأسره كانوا سينددون بصناع الفيلم ويطالبون بمحاسبتهم وعقابهم حتى ولو كانوا على أرض دولة لا تجرم التشكيك فى صحة محرقة اليهود ، إذن أمريكا والتى تعد “صانعة الكراهية الأولى" فى العالم تجنى أولى ثمار نشرها للفتنة بين الاديان وتدخلها المفرط فى شئون الغير ، بل و تدنيسها لمعتقدات و رموز الأخرين تحت مسميات مزيفة مثل : الحرية و الابداع وعدم التضييق .