اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    الصين: بعد 76 عاما من النكبة لا يزال ظلم شعب فلسطين يتفاقم    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    صيد ثمين بقبضة القوات الأمنية في تعز.. وإفشال مخطط إيراني خطير    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وداعاً للروتين.. مرحباً بالراحة: بطاقة ذكية تُسهل معاملات موظفي وزارة العدل!    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    نص المعاهدة الدولية المقترحة لحظر الاستخدام السياسي للأديان مميز    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمن الشرق الأوسط وأسلحة الدمار الشامل «2»
نشر في الخبر يوم 18 - 04 - 2014


أمن الخليج
تعتبر الإحتكاكات الحاصلة داخل منطقة الخليج العربي حافزاً دائماً للدول هناك على نشر أسلحة الدمار . فالتنافس بين إيران والعراق ، وهشاشة وضع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأصغر ، والقدرات النووية الباكستانية ، والتواجد العسكري الأميركي كلها متغيرات في معادلة انتشار الأسلحة في منطقة الخليج ، ومن المحتمل أن يصبح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عاملاً أساسياً هو الآخر . بالإضافة إلى ذلك ، فإن وجود صواريخ أبعد مدى قادرة على الوصول إلى إسرائيل أو أبعد من ذلك معناه أن المنظومات التي ستقتنيها دول الخليج ، وكل قد وضع نصب عينيه أعداء معينين ، سوف تؤثر لا محالة على التوازن الإقليمي في منطقة المشرق ، والعكس بالعكس . فالحرب العراقيةالإيرانية شهدت استخداما مكثفاً لأسلحة الدمار الشامل بما فيها التبادل المطول للصواريخ البالستية والاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيماوية . وقد أسهم هذا الاحتكاك بين العراق وإيران بشكل كبير في تغيير ديناميكيات الانتشار في المنطقة . إلا أن إيران خرجت مستفيدة من سياسة الاحتواء العسكري للعراق خلال سني التسعينيات ، حيث حسّن انخفاض قدرات العراق التقليدية المرعبة من الوضع الأمني الإيراني ، كما خفض من الناحية الجدلية دوافعها لحيازة أسلحة الدمار الشامل ، ولو أن من الواضح أنه لم يلغها . وأقل ما يقال ، إن احتواء العراق ربما يكون قد سمح بالتقدم في مجال التطوير النووي والصاروخي ولكن بخطوات أبطأ . بعد ذلك جاء الاحتلال الحالي للعراق ليقلل الخطر أكثر من هذا الجانب ، ولكنه من ناحية أخرى أوجد تحديا جديداً متمثلاً في صورة الوجود الأميركي على عتبة إيران وهو وجود قد يدوم لفترة غير معلومة . والسعي لحيازة أسلحة ترفع الشأن وتعزز الثقل الاستراتيجي في حالة إيران تمتد بداياته إلى ما قبل النظام الثوري الحاكم ، ومن المرجح له أن يستمر بصرف النظر عن تطلعات هذا البلد إلى الإصلاح والاعتدال . وهذا معناه أن قيام علاقات إيرانية أفضل مع أوروبا ، وربما مع الولايات المتحدة مستقبلاً ، سوف يفرض درجة من التقييد على محاولة حيازة الأسلحة الفتاكة والتقنيات الأبعد مدى . ولكن بروز باكستان كدولة تمتلك الأسلحة النووية من شأنه أن يفرض على طهران ضغوطاً لمحاولة المواكبة ، وعلى التحريم النووي مزيداً من التهرؤ .
تحت ظروف التصادم المحتملة في الخليج ، أو بين إسرائيل وجيرانها ، فإن السعودية قد تقع تحت إغراء الاستثمار في مجال الصواريخ الحديثة ، وربما الأسلحة النووية أيضاً في الحالات الأشد تعقيداً . وهذا السيناريو يزداد رجحاناً إذا ما نجحت إيران في أن تصبح " دولة نووية " ، أو إذا ما شهد الخليج نزاعاً جديداً تستخدم فيه أسلحة الدمار الشامل على نحو مكثف ، أو إذا ما تخلت الولايات المتحدة عن الدفاع عن الخليج . وقدرة النظام السعودي على البقاء والاستمرار متغير مهم آخر . فمجيء نظام أكثر راديكالية ( وذو نزعة ثورية لا تقنع بإبقاء الأوضاع على ما هي عليه ) سيكون من شأنه أن يستحث السعودية على حيازة أسلحة الدمار الشامل . ولو حصل أن خفضت أميركا من التزامها بالدفاع عن الخليج ، أو حدث تحول في العلاقات الأميركية مع إيران ، أو طالت فترة الاحتلال الأميركي للعراق ، فإن ذلك كله سيترك آثاره على توجهات نشر الأسلحة . إلا أن المنافسات الإقليمية يرجح لها أن تستمر في تطوير قدراتها في مجال أسلحة الدمار بدرجة ما ، متذرعة بأسبابها المنطقية الخاصة بها .
شمال أفريقيا
انتشار اسلحة الدمار في منطقة شمال أفريقيا يبدو أشد تواضعاً مما تصوره وتنبأ به العديد من المحللين قبل عشر سنين . فالبرنامج الليبي يمضي على نحو غير منتظم ، ومجمل الشعور بالتهديد القادم من أسلحة الدمار الليبية قد أخذ بالتضاؤل منذ جنح النظام إلى الإعتدال في نبرته الخطابية وسلوكه . وعلى قدر ما ستبقى مطامح ليبيا لحيازة أسلحة الدمار الشامل مرتبطة ذلك الارتباط المباشر القوي بالإسلوب الشخصي الذي يتبعه القذافي مع المنطقة والعالم ، يرجح أن يظل مستقبل النظرة إلى البرامج الليبية معتمداً بشكل حساس وحرج على احتمالات تبدل القيادة مستقبلاً في طرابلس . كذلك لو نشبت أزمات جديدة مع الجيران ، وخصوصاً مع مصر ، فإن ذلك قد يبعث النشاط من جديد في محاولات ليبيا لحيازة أسلحة الدمار . أما الجزائر فأنها تعاود نشاطها في ميدان السياسة الخارجية بعد عقد من الإضطراب والفوضى . ولحد الآن كان هذا التأكيد على الدور الإقليمي للجزائر يتخذ صورة المبادرات الدبلوماسية والمحادثات الأمنية الوجلة مع أوروبا والولايات المتحدة . وهذه التوجهات من شأنها أن تثني الجزائر عن إحياء اهتماماتها النووية والصاروخية . ومن الواضح أن إمكانية ظهور نظام حكم إسلامي متطرف في الجزائر – وهو تطور كان من الممكن أن يثير قلقاً جدياً بصدد احتمالات مستقبل هذا البلد النووية – قد تراجعت ولا يتوقع لها أن تعود إلى الظهور . إلا أن التنافس الجيوسياسي مع المغرب ، بالإضافة إلى اهتمام الجزائر باستعادة موقع القيادة في العالم الثالث قد يعطيها دافعاً مستمراً ، ولكنه ضعيف ، للسعي وراء اكتساب الثقل الاستراتيجي من خلال البرامج التكنولوجية المعززة للهيبة . وإمكانيات الجزائر المستقبلية الكامنة في مجال أسلحة الدمار الشامل لها أهميتها لأنها ، لو طُوِّرَت ، ستحفز على الأرجح حدوث ردة فعل قوية في فرنسا وأماكن أخرى من أوروبا . وهذا بدوره قد يلهب الاهتمام الأوروبي بمسألة الدفاعات الصاروخية .
ديناميكيات خارج المنطقة
في مقدور الدول من خارج الشرق الأوسط أن تؤثر في ديناميكيات الانتشار داخل المنطقة بأكثر من طريقة . فهي تستطيع أن تفعل هذا من خلال السياسات الخارجية ، أو من خلال الاستراتيجيات الأمنية ، أو من خلال نقل تقنيات أسلحة الدمار الشامل والخبرات المتعلقة بها ، وهذه الأخيرة لا تقل شأناً عن سابقتيها . ومن المفيد أيضاً أن يؤخذ في الإعتبار اختلاف النظرة إلى موضوع الانتشار ، وكذلك تأثير أساليب الردع والدفاع الصاروخي الغربية الآخذة في التطور على بيئة الشرق الأوسط . وليس هنالك حتى الآن ما يوحي بأن تعاون الروس والصينيين مع واشنطن في الصراع ضد الإرهاب في أعقاب 11 أيلول سوف يترجم إلى تحسن في التعاون في مجال الحد من نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى الشرق الأوسط . فموسكو وبيجنك ، والعديد من حلفاء أميركا ، ينظرون إلى الإرهاب وانتشار الأسلحة على أنهما مشكلتان منفصلتان عن بعضهما . وهذا هو بالضبط ما أفصح عنه الاحتكاك الدبلوماسي خلال فترة الإعداد لحرب العراق في عام 2003 .
العامل الروسي
لا يلاحظ المراقبون أدلة تذكر على وجود استراتيجية روسية متماسكة تجاه الشرق الأوسط في أعقاب الحرب الباردة . إذ يبدو أن أسلوب موسكو في التعامل مع الأمر بات قائماً على القلق التقليدي المتعلق باختلال الأمن عند الأطراف الجنوبية لروسيا ، ومع تركيا بالدرجة الأساس . ففي أعقاب الحرب الباردة ورثت روسيا مجموعة من العلاقات شبه المهملة تمتد من المشرق إلى شمال أفريقيا كان من بينها صلات تجهيز بالسلاح مع الجزائر وليبيا وسوريا والعراق . ولكن روسيا طورت مع إيران علاقة أعمق خلال السنوات الأخيرة ، على الرغم من تباعد اهتمامات الطرفين ، وهي علاقة تنطوي على عناصر شراكة استراتيجية . كذلك يبدي التعاون الروسي – الليبي إمارات التجدد والانتعاش . وتواصل موسكو مع منطقة الشرق الأوسط يلوح عليه الافتقار إلى التماسك نتيجة للتنافس القائم بين المصالح التجارية والمصالح السياسية ، وفي بعض الأحيان نتيجة لعجز الدولة عن فرض سيطرتها التامة على اللاعبين البيروقراطيين اللذين وضعوا رهانهم على نقل الأسلحة والتقنيات . إلا أن السلوك الروسي يبدي ، رغم هذا ، دلائل تثير القلق من المحتمل لها أن تتعمق إذا ما استمرت العلاقة بين روسيا والغرب ماضية صوب مزيد من التنافس . لقد برزت روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة بما فيها الأسلحة الكيمياوية والنووية وتكنولوجيا الصواريخ . فروسيا هي المساهم الأجنبي الرئيسي في برنامج إيران النووي المدني ، ويكاد يكون من المحقق أنها تساهم أيضاً ، ولو بشكل غير مباشر ، في برنامج إيران السري للأسلحة النووية . كما أن الشركات الروسية دعمت برنامج صواريخ شهاب – 3 الإيراني ، وهي المزوِّد الرئيسي بمنظومات الصواريخ والخبرة لدول أخرى بما فيها ليبيا . وخلال السنوات الأخيرة نشطت روسيا في تسويق الصواريخ البالستية ( وأبرزها إسكندر – ي ) الذي يقع مداه وحجم حمولته ضمن المدى الذي حددته ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ . وقد ساعدت الخبرة الطويلة التي يمتلكها هذا البلد في مجال الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية على تطوير هذه القدرات لدى دول أخرى مثل إيران والعراق ومصر. ومشكلة المهندسين الروس المتخصصين في المجالات النووية وغيرها من المجالات ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل الذين يبحثون عن وظائف ، والمتوفرين في السوق العالمية ، تسهم هي الأخرى في زيادة إمكانيات انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط . فمنذ تفكك الاتحاد السوفيتي صار يصرف اهتمام خاص لمشكلة " الإمكانيات النووية السائبة " ، وهي الأسلحة النووية وتوابعها التي من الممكن أن ينتهي بها المطاف إلى الأسواق العالمية . وناشرو السلاح في الشرق الأوسط ، المحدودو القدرة على الوصول إلى المواد القابلة للإنشطار ، قد يلجأون إلى هذا السبيل السري لتحقيق الحالة النووية .
ويبدو أن دور روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الصواريخ إنما يمثل انتصار كفة الكسب التجاري قصير النظر على كفة المصالح الاستراتيجية الأبعد أمد . وعند أخذ النقاط الساخنة العديدة على امتداد الحواف الجنوبية لروسيا واحتمالات حدوث احتكاك مستقبلي مع الدول الإسلامية القريبة منها ، فأن روسيا نفسها قد تصبح في وقت من الأوقات هدفاً محتملاً لصواريخ مسلحة بأسلحة الدمار الشامل رابضة في قواعد في الشرق الأوسط . وقد حاول صناع السياسة الأميركيون أن يدخلوا المسؤولين الروس في محادثات حول هذا الخطر المشترك الذي يمكن أن يتعرض له الطرفان من دون أن يحققوا سوى نجاح محدود . وفي حالة اشتداد التنافس بين روسيا والغرب ، فإن مشكلة نقل الأسلحة الروسية إلى الشرق الأوسط قد تتعمق . وهذا الأمر مثير للقلق بشكل خاص عندما نأخذ في الإعتبار ضعف الفرص المتاحة لروسيا في أوروبا ، ربما باستثناء البلقان . فمن المحتمل جداً أن يأخذ تجدد الاحتكاك مع الولايات المتحدة وحلفائها صيغة التنافس في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة على الأطراف ، مثل منطقة الخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسط ، حيث يمكن أن يكون للأسلحة الروسية ونقل التكنولوجيا تأثير بالغ على الموازنات العسكرية وعلى حرية أميركا في التحرك . لذا فإن مشهد العلاقات الروسية – الغربية يبرز كمتغير رئيسي في معادلة نشر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط . بل أن سياسات نقل أسلحة الدمار الروسية في المنطقة بحد ذاتها تمثل ، في واقع الحال ، مصدراً رئيسياً من مصادر الاحتكاك بين الولايات المتحدة وروسيا .
الصين وكوريا الشمالية
وعلى غرار ما سبق فإن مجهزي أسلحة الدمار الشامل الآسيويين هم أيضاً مساهمون مهمون في نشر السلاح في المنطقة . فكلا الصين وكوريا الشمالية تواصلان القيام بدور له أهميته الخاصة في نشر الصواريخ البالستية الأبعد مدى وتقديم الدعم لتطوير القدرات المحلية لصناعتها وتطويرها . والصين و كوريا الشمالية ليستا أعضاء في نظام ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ ، ولو أن الصين تؤكد بأنها لن تعمل على نقل منظومات من مستوى الطبقة التي تحضرها تلك الضوابط . ومن أمثلة نقل الصواريخ الصينية إلى المنطقة يشمل بيع صواريخ سي أس أس – 8 إلى إيران ، والاشتراك مع باكستان في صاروخها شاهين ( البالغ مداه 2000 كيلومتراً ) ومنظومات حتف الأقصر مدى ، بالإضافة إلى تقديم المساعدة لليبيا . كذلك قامت الصين بمساهمة متواضعة في برنامج إيران النووي ، وكانت ضالعة بشدة في برنامج الجزائر النووي حتى مطلع التسعينيات عندما وضع العنف ضد الفنيين الصينيين والأجانب تحت تهديد لا يمكن التوقي منه . ومن المحتمل أن الباعث وراء نقل أسلحة الدمار الشامل الصينية إلى الشرق الأوسط ، حتى الآن ، لا يعدو أن يكون المصلحة التجارية والرغبة العامة في ترسيخ علاقات سياسية في أرجاء المنطقة .
أما كوريا الشمالية فإن لها سجلاً ملفتاً للنظر في مجال نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة ، وهي الآلة المحركة الرئيسية في عملية نشر الصواريخ . فعلى مدى العقد الماضي نقلت هذه الدولة نسخاً محسنة من صواريخ سكود إلى مصر وأنواع مختلفة من صواريخ نودونغ متوسطة المدى إلى إيران وباكستان .
وقد عبرت الجزائر وليبيا عن رغبتهما في الحصول على منظومات نودونغ الكورية الشمالية أو منظومات أبعد مدى . وإن سعة مدى ما لدى كوريا الشمالية من الصواريخ وبرامج إطلاق مركبات الفضاء التابعة لها وشدة تكثيفها على هذه الجوانب ، ونمط نقلها إلى المنطقة يوحي بأن من المرجح أن تكون كوريا الشمالية هي مصدر تكنولوجيا المنظومات المتوسطة المدى والعابرة للقارات التي ستواصل الظهور في الشرق الأوسط على مدى العقد القادم . وفي استطاعة باكستان وإيران بدورهما أن تنقلا منظومات الصواريخ الكورية الشمالية إلى أماكن أخرى من المنطقة . كما يكشف إعلان كوريا الشمالية في شهر تشرين الأول عن مواصلة العمل ببرنامجها النووي عن الدور المساعد الذي تضطلع به باكستان ، وهذا من المحتمل أن يكون تم لقاء حصول الأخيرة على منفذ إلى تكنولوجيا الصواريخ ، أي أنها قد تكون مبادلة باتجاهين تتعلق كلها بأسلحة الدمار الشامل . إن زج الآسيويين بأنفسهم في نشاط نقل الأسلحة على مختلف أنواعها إلى منطقة الشرق الأوسط قد يكتسب أهمية جيوستراتيجية أعظم كنتيجة للتطورات الحادثة في أسواق الطاقة . فالعديد من المحللين يحاولون لفت الأنظار إلى تعاظم الاحتياجات الآسيوية إلى الطاقة ، ولاسيما الصينية . ومن المرجح أن تسد هذه الاحتياجات من خلال الاستيرادات من منطقة الخليج العربي وبحر قزوين . وهذا سوف يخلق ظروفاً تسمح بعلاقات أعمق يقايض فيها السلاح بالنفط بين آسيا والشرق الأوسط ، على نمط الترتيبات التي كانت قائمة بين أوروبا ومنتجي النفط العرب في الستينيات والسبعينيات.
و قد يشجع ارتفاع أسعار النفط على مثل هذه الترتيبات .
إن ترافق وفرة العائدات المالية الضخمة المتأتية من بيع النفط مع حضور مجهزين متلهفين ومستعدين لتقديم أسلحة الدمار الشامل وتقنيات أخرى على أساس التنازل قد يطرح على مسرح انتشار الأسلحة ديناميكيات جديدة خطرة .
الهند وباكستان وتحالفات الانتشار
قدرات أسلحة الدمار الشامل في منطقة جنوب آسيا قد يكون لها تأثيرعلى انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط ، ولكن من المرجح أن هذا التأثير سيكون هامشياً . وقد يجادل البعض بأن الهند وباكستان جزء من المنطقة فعلياً إذا ما نظر إليهما وفق مقاييس الانتشار ، على الرغم من طبيعة تنافسهما الجيوسياسي . واختبارات الهند وباكستان لوسائلهما النووية ونشرهما لمنظومات صاروخية قادرة على حمل أسلحة نووية تصنع معياراً في الثقل الاستراتيجي والهيبة الاعتبارية قد يرغب آخرون مثل إيران في مضاهاته . وعلى أقل تقدير ، فإن وجود أسلحة نووية في منطقة شبه القارة الهندية قد يغذي الشعور بحق الحيازة النووية بين اللاعبين الإقليميين . كما أن مستوى التعقيد في ترسانتي أسلحة الدمار الشامل العائدتين للهند وباكستان من الممكن أن يجعل منهما مستقبلاً مصدرين مهمين للتكنولوجيا المتعلقة بأسلحة الدمار . وقد أظهرت باكستان اهتماماً أكثر بممارسة مثل هذا الدور بحكم ما لها من صلات وثيقة بالشرق الأوسط ، ولوجود شخصيات بارزة في حقل التكنولوجيا الباكستانية لها الاستعداد لتبني فكرة التعاون النووي بين الدول المسلمة . ولكن دوافع الناشرين ضمن العالم الإسلامي تبقى إقليمية إلى حد كبير ، وذات طابع علماني . فتطوير باكستان لأسلحتها النووية يتخذ من الهند نقطة مرجع له . ومطامح إيران النووية أسبق عهداً من الثورة ، في حين أن الميول الإسلامية لدول مثل ليبيا ضعيفة أصلا . فالتعاون في مجال أسلحة الدمار الشامل ، المرتبط صراحة بالمصالح الإسلامية ، يتطلب توفر شعور مشترك بوجود تهديد جدي أكبر من وضع المجابهة الحالي مع إسرائيل أو مجرد الخشية من وقوع تدخل غربي . ولكن الثقل الاستراتيجي ضمن ترتيبات المنطقة يعود ليبرز كعامل هنا مرة ثانية . والدول التي أفلحت ، بعد دفع الكلفة الاقتصادية والدبلوماسية الضخمة ، في اكتساب قدرات نقل قدرات أسلحة الدمار ( مثل الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات ) ستكون آخر من يرغب في انتقاص إنجازها هذا عن طريق نقل قدراتها إلى لاعبين آخرين ضمن المنطقة ، سواء كان هؤلاء تابعين لدول أم غير تابعين ( أما مجازفة باكستان بفقدانها السيطرة على الأسلحة والخبرة النوويتين ، واحتمال انتقال هذه الوسائل عن هذا الطريق إلى لاعبين تابعين أو غير تابعين لدول في الشرق الأوسط ، فقد سبق التطرق إليها آنفاً وهي مجازفة مختلفة تماماً عما ذكرناه ) . وحتى الدول النووية في الغرب لم تبدِ رغبة في تقاسم هذه القدرات مع غيرها من الدول حتى في إطار التحالف . وكذلك الهند ، رغم كل القلق الإستراتيجي الذي تشعر به إزاء التنافس من جانب الدول الإسلامية الواقعة إلى الشمال والغرب منها ، تبدو أبعد ما تكون عن السعي وراء تحالفات لنشر أسلحتها في الشرق الأوسط . والبلد الوحيد الذي قد يصلح شريكاً إقليمياً للهند في هذه المنطقة ، أي إسرائيل ، يمتلك قدراته النووية المتطورة الخاصة به . كذلك كان جنوب آسيا اختباراً محبِطاً تماماً في محاولة منع الانتشار ، وهذا قد تكون له انعكاساته المحتملة على منطقة الشرق الأوسط . فقد أثبتت عقود من الضغط الدبلوماسي ، و من ثم الحظر في وقت لاحق ، بأنها لم تكن فعالة أبداً في كبح الانتشار النووي في شبه القارة الهندية . وفي أعقاب أحداث 11 أيلول والتدخل في أفغانستان تم التخلي كلياً عن نهج وقف انتشار الأسلحة ، المعتمد على مبدأ الحظر في مناطق جنوب آسيا ، من أجل توطيد العلاقة الاستراتيجية مع كلا الهند وباكستان . وقد يكون من حق ناشري السلاح في الشرق الأوسط أن يخرجوا من هذه التجربة بدرس مؤداه : أن في وسعهم أن يسقطوا من حساباتهم مصداقية و فعالية أية عقوبات تتعلق بأنتشار الأسلحة . بل أنهم قد يخرجون من بعض المناسبات بقناعة تفيد بأن الولايات المتحدة ربما تكون مستعدة للسماح بنشر أسلحة الدمار الشامل شريطة أن تكون هنالك بالمقابل مصلحة أعلى في مجال التعاون الإستراتيجي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.