أدّت التداعيات السياسية والأمنية لأحداث عام 2011 في اليمن وثورة 11 فبراير الشبابية ، إلى تراجع أعداد العمال الأجانب المرخّص لهم رسمياً، من 16916 عاملاً وافداً عام 2010، إلى 12015 عام 2011، ثم إلى 12070 في 2012. وأظهرت إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية أن القطاع الخاص استحوذ على الحصة الأكبر منهم (6237 عاملاً) يليه قطاع النفط الذي وظّف 3932 عاملاً، في حين توزّعت البقية على قطاعات الاستثمار (888) والتعليم والجامعات (337) والمناطق الحرة (289) ومعاهد التدريب المهني (34) وجهات أخرى (353 عاملاً). وعلى رغم وجود آلاف من العمال الأجانب غير المسجّلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أو الجهات الحكومية الأخرى، مثل الوافدين من سورية والعراق نتيجة الأوضاع الأمنية، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة والإصلاحات الاقتصادية دفعت آلاف المدرّسين العرب إلى مغادرة اليمن بعد إلغاء العمل بنظام التعاقد، والاكتفاء فقط بنظام الإعارة الذي يتيحه التبادل الثقافي، كما غادر كثرٌ من أطباء اليمن بسبب ضعف الأجور وتدني القدرة الشرائية. ووفق المهن الرئيسية للعمال الأجانب، فهناك 2664 مديراً في الإدارة العامة وإدارة الأعمال، و3193 مختصاً في المجالات العلمية والفنية والإنسانية، و2753 فنياً في تلك المجالات، و451 من الكتبة، و846 في البيع والخدمات، و410 حرفيين، و70 في الزراعة وتربية الطيور والصيد، و846 في مهن هندسية أساسية ومساعدة، و837 في مهن بسيطة. وأظهرت الإحصاءات أن العمالة الأجنبية تنقسم وفق النوع إلى 7993 من الذكور، و4077 من الإناث. وتظهر المقارنة بين حجم الأيدي العاملة الأجنبية واليمنية، أن الأولى المسجّلة لا تشكّل نسبة معتبرة في مقابل الموظفين الثابتين في الجهاز الإداري والقضائي للدولة والقطاعين العام والمختلط، والذين زاد عددهم من 546.7 ألف عامل عام 2010، إلى 522.5 ألف عام 2011، ثم إلى 575.8 ألف في 2012. وتقدّر قوة العمل في اليمن، والتي تضم العمال والعاطلين من العمل ب5.07 مليون. الصحة الأعلى كلفة وعلى رغم عدم وجود إحصاءات رسمية مجمّعة حول الكلفة الاقتصادية للعمال الأجانب في اليمن وشحّ البيانات، إلا أن مصدراً في وزارة المال أكّد ل «الحياة» أن رواتب الخبراء والمتعاقدين غير اليمنيين في القطاع الصحي الحكومي هي الأعلى بين القطاعات التي تستقطب العمالة الأجنبية كافة. ولفت المصدر إلى أن رواتب القطاع الصحي بلغت 1.292 بليون ريال يمني (6.013 مليون دولار) عام 2013، وقدّرت ب1.210 بليون ريال (5.631 مليون دولار) في موازنة هذه السنة. وأشار المصدر إلى أن رواتب المدرّسين غير اليمنيين بلغت 294.8 مليون ريال عام 2013 وقدّرت ب265.9 مليون هذه السنة، فيما بلغت رواتب غير اليمنيين في وزارة النفط والمعادن 12.6 مليون ريال عام 2013، وقدّرت هذه السنة بالمبلغ ذاته. وينتهج اليمن سياسة التوطين في الشركات النفطية، والتي تعرف ب «اليمننة» وتقدّر حالياً بحوالى 90 في المئة. وأظهرت نتائج التقويم الاجتماعي والاقتصادي لتداعيات أزمة 2011 على المؤسسات الخاصة، والذي شمل 200 مؤسسة في ستة مراكز، أن الأزمة كان لها أثر سلبي واسع وكان وقعها أشد على المؤسسات الأصغر. إذ تأثرت المبيعات والصادرات والتوظيف والقدرة على الحصول على مستلزمات الإنتاج وعلى الوصول إلى الأسواق. وأظهر التقويم الذي نفّذه «البنك الدولي» والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن أكثر من 40 في المئة من الأعمال الصغيرة، أبلغت عن اضطرارها لتقليص الوظائف 40 في المئة من كانون الأول (ديسمبر) 2010 حتى حزيران (يونيو) 2012. وكان أشد العوامل تأثيراً في هذا التدهور القدرة على الحصول على الكهرباء، وتأسيس الشركات واستصدار تراخيص بناء. ولم تكن اليد العاملة الأجنبية بمنأى عن أثر الأزمة التي طاولت قطاع الاستثمار، فالبيئة الاستثمارية فقدت جاذبيتها، إذ توقفت معظم النشاطات الاستثمارية وانخفضت نسبة المشاريع المسجّلة لدى «الهيئة العامة للاستثمار» بسبب الاضطرابات بحوالى 41 في المئة. وتُعد مشكلة البطالة أحد أهم التحديات التي تواجه عملية التنمية وتساهم في تقويض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن، بخاصة أنها تتركّز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 33 في المئة. وتقدّر نسبة الشباب من الذين خارج نظام التعليم والتدريب، وخارج سوق العمل بحوالى 48 في المئة عام 2010. وأعدّت وزارتا التخطيط والتعاون الدولي والشؤون الاجتماعية والعمل أخيراً «الخطة الوطنية لتشغيل الشباب 2014 – 2016» بهدف الحد من معدل البطالة المرتفع في أوساط الشباب الذين يمثلون حوالى ثلث المجتمع اليمني. ويراد لهذه الخطة أن تكون إطاراً مرجعياً لمجمل التدخلات اللازمة لتوفير فرص عمل كريمة وكافية للشباب. وتتضمن الخطة مجموعة من السياسات والبرامج والنشاطات والتدخلات لتوفير فرص عمل مستدامة للشباب. كما توفّر أجندة مهمة يمكنها واقعياً أن تحقق أثراً سريعاً وملموساً لتعزيز الاستفادة من طاقات الشباب الإنتاجية والإبداعية بما يساهم في تحسين مستويات الاستقرار الاجتماعي والمعيشي والسياسي في اليمن. في هذا السياق، قال وكيل وزارة التخطيط لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، محمد الحاوري: «إن الخطة تهدف إلى زيادة الفرص المتاحة لتشغيل الشباب وتوفير أعمال لائقة ومنتجة، خصوصاً للشباب الجدد الذين ينضمون إلى سوق العمل كل سنة». وأوضح أن الخطة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية، تتمثّل في «توفير فرص عمل فورية للشباب من خلال برامج الأشغال الكثيفة العمالة، وبناء قدرات الشباب وتعزيز دور القطاعات الاقتصادية الواعدة في زيادة تشغيل الشباب، وتسهيل انتقال الشابات والشبان إلى سوق العمل المحلية والخارجية».