ارتفعت حدة التوتر في القدس خلال تشييع جنازة قتيل فلسطيني في سن المراهقة الجمعة، وفيما استمر إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب إسرائيل تواصل الغارات الإسرائيلية والقصف على القطاع. تزامن ذلك مع مصادمات في القدس الشرقية. وشنت طائرات حربية إسرائيلية أربع غارات على قطاع غزة، حيث أطلق مسلحون منه قذائف صاروخية على جنوبي إسرائيل. وذكرت مصادر فلسطينية مساء اليوم الجمعة (الرابع من تموز/ يوليو 2014) أن الغارات الإسرائيلية استهدفت موقع تدريب لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وأراضي خالية في جنوب قطاع غزة. ولم يبلغ عن وقوع إصابات جراء الغارات التي خلفت أضرارا مادية. في المقابل أعلنت مصادر إسرائيلية أن قذيفة سقطت في أراضي المجلس الإقليمي (اشكول) في النقب الغربي، فيما اعترضت منظومة القبة الحديدية الدفاعية قذيفتين أطلقتا على مدينتي اوفاكيم ونتيفوت جنوب إسرائيل. وكانت خمس قذائف صاروخية أطلقت من غزة سقطت في بلدة (سديروت) ومجلس (شاعر هنيغيف) الإقليمي في النقب الغربي دون وقوع إصابات أو أضرار. كما ذكر المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس، أشرف القدرة أن مزارعا فلسطينيا (35 عاما) أصيب بجروح خطيرة برصاص الجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية لوسط القطاع. وكانت صدامات بين مئات الشبان الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية قد حدثت في القدس الشرقية خلال تشييع الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير الذي يعتقد الفلسطينيون أنه اغتيل انتقاما لمقتل ثلاثة شبان إسرائيليين. وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة أكثر من 60 متظاهرا بجروح، احدهم بالرصاص الحي. في حين تحدثت الشرطة الإسرائيلية عن إصابة 13 شرطيا بجروح طفيفة. ووقعت كذلك صدامات متفرقة في أحياء أخرى في القدس الشرقية ذات الغالبية العربية وخصوصا عند مدخل الحرم القدسي. وفي السياق قال الجيش الإسرائيلي إن 150 قذيفة صاروخية تم إطلاقها من غزة باتجاه إسرائيل، منذ اختفاء ثلاثة مستوطنين في 12 يونيو/حزيران الماضي، وأعلن لاحقا العثور على جثثهم. وأوضح في بيان له، اليوم، أرسل نسخة منه لوكالة الأناضول، أنه "منذ اختطف 3 شبان إسرائيليين تم إطلاق 150 قذيفة على إسرائيل، 89 منها سقطت في إسرائيل 18 تم اعتراضها من قبل منظومة القبة الحديدية". ولم يوضح البيان مصير باقي الصواريخ (43 صاروخا) وفقا لإحصائية الجيش الإسرائيلي. وأشار البيان إلى أنه "منذ منتصف الليل (ليل الخميس الجمعة) تم إطلاق 14 قذيفة على إسرائيل، حيث أصابت 10 صواريخ وقذائف هاون إسرائيل و3 تم اعتراضها من قبل منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ وصاروخ واحد سقط على الأراضي الفلسطينية". في المقابل قصفت طائرات حربية، وآليات مدفعية إسرائيلية، مساء اليوم الجمعة، أربعة أهداف جنوبي قطاع غزة، دون أن يسفر ذلك عن وقوع إصابات. ويأتي القصف الإسرائيلي ضمن حملة عسكرية واسعة تشنها إسرائيل في الضفة الغربية وغارات على مناطق بقطاع غزة منذ اختفاء ثلاثة مستوطنين قبل نحو شهر، والعثور على جثثهم لاحقا جنوبيالضفة الغربية، في حادثة اتهمت إسرائيل حركة حماس بالوقوف وراءها وهو الاتهام الذي رفضته الحركة. وترتبت المصالحة على عجل في وقت متأخر بين الرئيس محمود عباس واثنين من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح إثر مشاجرة ونقاش عاصف عصر الخميس لم تشمل عضو اللجنة المركزية اللواء توفيق الطيراوي الذي رفض الذهاب للمصالحة وبقي خارجها بعد تطور النقاشات داخل حركة فتح وقادتها الكبار. عضوان في اللجنة المركزية شاركا في النقاش هما أبو ماهر غنيم وسميح المدني تصالحا مع الرئيس عباس مساء الخميس بعد الإفطار بعدما هدد بصوت مرتفع قبل ذلك بفصلهما من حركة فتح لكن هذه المصالحة لم تشمل اللواء الطيراوي الذي جمعه عصر نفس اليوم "نقاش عنيف جدا" مع الرئيس عباس. العلاقة بين عباس وطيراوي توترت جدا وخلال النقاش تقدم الطيراوي بمداخلة في إجتماع اللجنة المركزية حول أسباب إلتزام عباس الصمت إزاء إعتداءات العدو الإسرائيلي كما طالبه بالخروج عن صمته. ويبدو أن الطيراوي ارتفع صوته وهو يتهم عباس بممارسة سياسات فاشلة دفعت الشعب الفلسطيني للنظر لجميع القادة بإعتبارهم "خونة" وطالب الطيراوي بتصحيح المسار ووافقه على ذلك كل من غنيم والمدني. الحدة برزت حصريا ضد الطيراوي الذي سأله عباس ما إذا كان يتهمه بالخيانة ثم سأل عباس الطيراوي: من أنت حتى تتحدث عن ذلك؟، حسبما أفادت صحيفة «رأي اليوم». ويبدو أن فوضى اجتاحت الإجتماع وأن النقاش كاد يتحول لعراك بالأيدي فيما شوهدت زجاجة ماء طائرة في المكان لم يعرف بعد من ألقاها على من وتبادل الموجودين الشتائم وانتهى الأمر بإستدعاء عباس لحرسه ومطالبته بإخراج القيادين الثلاثة من الإجتماع وهم طيراوي وغنيم والمدني وأطلق عباس لفظا شتائميا وهو يستدعي الحرس . لاحقا حصل إستدراك للموقف بواسطة غنيم وحصلت جلسة مصالحة حضرها غنيم والمدني وتغيب عنها الطيراوي. وفي الصعيد شكّل استشهاد الفتى محمد ابوخضير على أيدي مجموعة من المستوطنين قاموا باختطافه وحرقه ، سابقة خطيرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . المستوطنون وطوال فترات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و اختلاف الحقب الزمنية لم يكن لديهم الجرأة لارتكاب مثل هذه الجرائم، بل كانوا يتنقلون بحراسة الجيش الإسرائيلي خوفا من النشطاء الفلسطينيين . جرأة المستوطنون يعزيها بعض المحللين إلى ترهل في مواقف المؤسسة الرسمية الفلسطينية وضعفها أمام جبروت الموقف الإسرائيلي . جريمة استشهاد الفتى أبو خضير فجرت الشارع الفلسطيني، فتوحد على اختلاف مشاربه وانتماءاته، رافضا ماحدث ، غاضبا ناقما منتفضا على الاحتلال وجريمته بحق هذا الطفل فخرج إلى الشوارع ، بصورة لم تشهدها أي انتفاضة سابقة، فالقدس لم تهدا إلى الآن ، وإصابات في العشرات في صفوف الشباب الفلسطينيين الذين اقسموا بدم أبو خضيرة بان لا يهدا لهم بال حتى يضعوا حدا لاعتداءات المستوطنين في ظل غياب الحماية الرسمية . الموقف الرسمي الفلسطيني على لسان محمود عباس " أبو مازن " رئيس السلطة الفلسطينية أدان الحادث مطالبا نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بالإدانة أيضا ، وهذا الموقف رآه بعض السياسيين المقربين من الرئيس′′ أنه أقرب إلى موقف مبعوث دولي إلى الأراضي الفلسطينية " في تعبير مجازي عن ضخامة الحادثة وعدم الرضي عن الموقف الرسمي . احد أعمدة السياسة الفلسطينية قال لرأي اليوم غاضبا معقبا عن موقف الرئيس وبيان الرئاسة بلكنته " مش على كيفهن ، نشوف دمنا في الشوارع ، الليلة رح يتغير الموقف بكفي الشارع الفلسطيني فاقد الثقة فينا ". الشارع الفلسطيني استقبل الموقف الرسمي الفلسطيني بحالة من الاستغراب ..استياء الشارع ، والخوف من انفجاره في وجه قيادته بسبب هذا الموقف ، ارشد بعض العقلانيين المحنكين من مفاصل السياسة والأمن إلى استدراك الموقف باجتماع عاجل الليلة الماضية نتج عنه موقف أخرجه الرئيس محمود عباس لعله يكون تعديلا للموقف الأولي ، فقد نقلت الصفحة فيس بوك معنونة بفلسطين – الصفحة الرسمية – موقفا عن الرئيس بان" القيادة سوف تتوجه إلى محكمة الجنايات ، كما دعت الأجهزة الأمنية إلى حماية الشعب الفلسطيني من قطعان المستوطنين" كما ورد من المصدر ولكن هذه الصفحة ليست رسمية ، والمستوى الرسمي لم يؤكد هذا الخبر الى الان الموقف الدولي كان اشد صرامة من موقف السلطة في البداية فقد وقال وزير الخارجية الأميركية جون كيري في بيان صدر عنه، مساء اليوم الأربعاء، ‘إن التفكير في اختطاف فتى بريء في السابعة عشر من عمره من الشوارع، وسلب حياته منه ومن عائلته، هو أمر يثير القرف والتقزّز والاشمئزاز، وإننا عاجزون عن التعبير بصورة وافية عن مواساتنا وتعازينا للشعب الفلسطيني. من ناحيته أدان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الأربعاء، الحادثة ، وجاء في بيان لقصر الإليزيه إن هولاند ‘يدين بأقسى التعابير هذا الاغتيال الشنيع ويقدم أحر تعازيه لعائلته'، وفق ما ذكرته وكالة ‘فرانس برس′. ‘أما توني بلير فكان موقفه "أدين بشكل قاطع خطف وقتل فتى فلسطيني من القدس الشرقية في السادسة عشر من عمره، إن أفكاري وصلواتي مع عائلة الفتى محمد أبو خضير في هذه الأوقات الرهيبة. لا يوجد أي مبرر ممكن لمثل هذا الفعل الفظيع- ويجب القبض على الفاعلين وإحضارهم للعدالة في أسرع وقت،" محللون في الضفة الغربية يرون أن إسرائيل من خلال موجة التصعيد الأخيرة تسعى جاهدة إلى تصغير دائرة الصراع ما بين شعب واحتلال إلى شعب فلسطيني و مستوطنين وبذلك يصبح التفاوض على قضايا جزئية تغيب وتذوب فيها ثوابت مفصلية لطالما ارتوت الأرض دما منهم ثمنا لعدم التفريط بها.