استعرضت في الحلقتين السابقتين أبرز محطات التحول في مسيرة الثورتين وأبرز التحديات التي انتصبت أمام رجالاتها.. وها أنا ذا اليوم أقف عند قيادة الرئيس عبدربه منصور هادي وهو يقود مرحلة حساسة من تاريخ اليمن المعاصر الذي يخوض غمار إشكالات حقيقية نلمسها في المشهد السياسي الراهن. و من خلال العودة إلى نقاط تسلسل بعض الأحداث التي تؤكد بأننا لم نصل بعد إلى إقامة الدولة المنشودة أو حتى صياغة مشروع الدولة التي نطمح إليها بعد كل هذا الصراع، بل إننا كلما كدنا أن نضع مداميك هذا المشروع الأساسية حتى ينفجر الوضع ..ونتوه في ملاحقة بعضنا البعض لمجارات انعكاسات تلك الأحداث. ربما هذا ما يحدث اليوم بعد تجارب مريرة عشناها، إذ ما كدنا نوشك على وضع خاتمة سعيدة لأحداث 11 فبراير 2011م من خلال التسوية السياسية المدعومة إقليمياً ودولياً والآليات التي أجمع عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني ..وصولاً إلى إنجاز مشروع دستور الدولة الاتحادية حتى كدنا –مع الأسف الشديد – نستعيد مشاهد الأحداث المأساوية عقب ثورة سبتمبر وحصار صنعاء وسلسلة الوقائع التي عصفت بالوطن وأحرقت المراحل على نحو أثر على استقرار وتطور اليمن. وكأني بالرئيس عبدربه منصور هادي الذي يقود هذا التحول الحضاري الكبير بشجاعة واقتدار، يستعيد كل تلك الأحداث والتطورات المؤسفة التي زجت باليمنيين في متاهات صراعات ألهتهم طويلاً عن اللحاق بركب المستقبل. ويقيني أن الرئيس هادي أقدر على انتشال اليمن من هذه الأزمة ليس لذاته ولكن لأنه يمثل بالنسبة لليمنيين (سواء في الشمال أم الجنوب بوصلة الأمان)..وبالتالي إنقاذ السفينة من الغرق.. وأظن –كذلك – امتلاك الرئيس هادي حساً وطنياً مرهفاً يجعله أقدر على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات المناسبة لمحاصرة هذه التداعيات، بل لعل ثمة ميزة إضافية في كارزما الرئيس هادي قد تسهم في قدرته التحرك وسط هذا الغبار فضلاً عن امتلاكه فكراً استراتيجياً يؤهله أولاً سبر أغوار المشكلة ويعينه ثانياً على جمع عناصر التوحد والتوافق وإزالة فتيل الاشتعال و وضع مشروع سلمي مشترك يعمل على نزع فتيل الأزمة من جذورها.. وليس ذلك على المخلصين بالمستحيل.