نعيش خلال هذه الأيام، أكبر موجة لإضراب عن الطعام موثقة في تاريخ مصر. و يختلف نمط الإضراب عن الطعام المتبع حاليا، عن النمط التقليدي، حيث أن الهدف من الإضراب الحالي، هو الحياة لا الموت، لذلك يكسر المضربون الطريقة التقليدية، بتناولهم لمحلول ملحي محارب للجفاف، يوميا، لإطالة أمد المعركة، مع قامعي حريتهم. وهي طريقة ليست جديدة في الإضراب الكلي عن الطعام، حيث سبقهم إليها عدد كبير من المحتجزين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفي سجون المغرب. ينقسم المضربون عن الطعام في السجون إلى فئتين. الأولى وهي الأقدم، المضربون عن الطعام بسبب عدم توجيه تهم لهم، وتأجيل محاكمتهم إلى أجل غير مسمى. والثانية، وهي الأحدث، المضربون عن الطعام، اعتراضا على حبسهم وفقا لقانون التظاهر المعيب دستوريا، و استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة. وقام المسئولون عن موقع ويكي ثورة بتفنيدهم كالتالي: 396 شخص، أعلنوا إضرابهم الرمزي عن الطعام خلال يومي التضامن العالميين، مع المضربين المصريين عن الطعام، منهم 304 داخل مصر، و29 خارجها، والباقي غير محدد الجهة. بجانب أكثر من 105 مضرب عن الطعام داخل السجون المصرية، منهم من تعدى حاجز ال240 يوم كمحمد سلطان، الذي تدهورت حالته الصحية، ومؤشراته الحيوية، الأمر الذي دفع بأحد الأطباء الذين تابعوا حالته للتعليق قائلا "هو عايش ازاي وعلاماته الحيوية بالشكل ده"؟ لا يعلم الطبيب، أن الحرية لدى بعض البشر، أهم كثيرا من حياة العبودية داخل السجون. محمد سلطان، هو مواطن مصري- أمريكي، قُبض عليه، بعد مداهمة منزله، للقبض على والده القيادي الإسلامي صلاح سلطان، الذي لم يكن متواجدا، فتم اعتقال نجله بدلا عنه، وصدر بحقه أمر ضبط و إحضار، بعد القبض عليه في أغسطس 2013. بدأ سلطان في إضراب عن الطعام على خطى سجين أخر، أطلق سراحه بعد أكثر من 130 يوم إضراب عن الطعام، وهو مراسل قناة الجزيرة عبد الله الشامي، الذي رفضت السلطات المصرية في حينها، الاعتراف بإضرابه عن الطعام، لدرجة أنهم أجبروه على التصوير، وهو يأكل، كي يكذبوا إضرابه. يأتي في المرتبة الثانية إبراهيم اليماني ب185 يوم أضراب عن الطعام، المسجون منذ 71 أغسطس 2013 في أحداث حصار مسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة، حيث تطوع طالب كلية الطب، جامعة الأزهر، بالخروج للتفاوض مع الداخلية، حسب طلبهم، لفتح ممر آمن لخروج النساء والأطفال، من المسجد، لكن بمجرد خروجه، تم الاعتداء عليه بالضرب، وإلقاء القبض عليه، وسجنه حتى اللحظة. هذا هو ثاني إضراب عن الطعام لليماني، فبعد أن قام بفك إضرابه الأول نتيجة سوء المعاملة، والتعذيب الذي تلقاه حسب شهادة أسرته، "تم تعذيبه لمدة 20 يوما في حبس انفرادي وخلع ملابسه كاملة وغمر الزنزانة بالماء مع تعرضه للضرب وتعليقه كالذبيحة من يديه ورجليه حتى يفك إضرابه". دفع ذلك باليماني، إلى عدم إبلاغ إدارة السجن بإضرابه عن الطعام، إلا بعد مرور أكثر من 100 يوم من إضرابه، خشية تكرار الأمر مرة أخرى. الحالة الأكثر قسوة في الإضراب عن الطعام، هي حالة أحمد المصري، المسجون بسجن العقرب شديد الحراسة، والذي يعتبر الأسوء سمعة في السجون المصرية على الإطلاق. يقترب المصري الآن من يومه الخامس والسبعين، بسلة أمراض مزمنة، أقلهم طفح جلدي قوي بسبب ظروف زنزانته الانفرادية السيئة، من انعدام للتهوية، والشمس، وارتفاع رطوبة الزنزانة بدرجة مخيفة، واكثر أمراضه خطورة هو تورم الطحال والكبد، مما يهدد بفقدانه للحياة قريبا جدا. على أثر إضراب المصري، وظروف معاملته البالغة السوء في السجن، قام عدد من زملائه داخل السجن، بالتضامن معه، وبدأ إضراب عن الطعام، منذ يوليو الماضي. ولا تتوافر أي معلومات حاليا، عن حالة زملاء المصري المتضامنين معه، أو عن تطورات الإضراب. الحالات الثلاث السابقة، هم الأكثر قسوة وسوءا في حالات المضربين عن الطعام، والمحسوبين على الفئة الأولى، بسبب علاقاتهم الإنسانية بإسلاميين كما حالة سلطان، أو تواجدهم، في تظاهرات لإسلاميين معارضين لخلع الرئيس المصري المعزول والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، كحالتي اليماني، والمصري لتبقى حالة المضربين عن الطعام في السجون المصرية، غير حاضرة في ضمير المجتمع المحلي والدولي، ومعها حقوق البشر الأساسية في حياة كريمة حرة.