كشفت مصادر ليبية عن قيام دبلوماسيين مصريين وإماراتيين بجهود حثيثة لإفشال كل الجهود التي تبذلها الجزائر في إطار احتواء الأزمة الليبية، مؤكدا أن مصر والإمارات تسعيان بقوة لعرقلة أي جهود تبذل من أجل وقف الاقتتال الدائر في ليبيا، وأن البلدين يحاولان إشعال الموقف من خلال دعم عسكري ودبلوماسي لفصيل ليبي على حساب الآخر. وأكدت المصادر التي رفضت الإفصاح عن اسمها أنه مع تزايد التعقيدات التي تشهدها الأزمة الليبية واستمرار الجهود الجزائرية للوصول إلى حل سلمي يرضي جميع الأطراف في ليبيا، قام اليوم عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، بإرسال وزير خارجيته سامح شكري إلى الجزائر ويحمل رسالة لم يفصح شكري فحواها، بهدف إقناع الجزائر بالعدول عن المبادرات التي تبذلها لإحتواء الأزمة الليبية والالحاح عليها في القبول بمشاركة مصر والإمارات في عملية عسكرية في ليبيا. وبحسب المصادر فإن خطة السيسي الخبيثة لعرقلة التصالح الليبي تتمثل في محاولة إقناع الجزائر باستبعاد قيادات ثورية ليبية من مشروع الحوار الوطني الذي تسعى الجزائر إلى إنجازه بين الأطراف الليبية، وذلك تحت مزاعم أنها ميليشيات مسلحة، يجب ألا تعطى شرعية دولية، وهو ما يعقد الصراع في ليبيا ويعمق الأزمة بين جميع الأطراف. وبرى مراقبون أن زيارة سامح شكري للجزائر بعد يوم واحد من دعوة مسؤلين جزائريين دولة قطر إلى التدخل في مبادرات وساطة تنهي الصراع القائم في ليبيا، وتوقف نزيف الدماء هناك، تؤكد ما يقال عن الدور الخبيث الذي تلعبة كل من مصر والإمارات ومن خلفهم السعودية ودول أوربية أخرى بهدف تعميق الأزمة الليبية، وزيادة حدة الانقسام بين جميع الفصائل هناك بهدف تمهيد الوضع في ليبيا محليا ودوليا للقيام بعملية عسكرية بقيادة قادة الانقلاب العسكري للدخول إلى ليبيا، بينما تسعى فيه الجزائر ومعها بعض الدول العربية والإقليمية كتركيا وقطر لحل الأزمة الليبية والوصول إلى حلول مرضية لكافة الأطراف في ليبيا وتوقف القتال الدائر هناك. وتستفيد مصر دوليا من الاقتتال الدائر في ليبيا، عن طريق الترويج بأن هذا الاقتتال يشكل خطرا على الأمن القومي من ناحية حدودها مع ليبيا وأن ما يحدث في ليبيا هو مواجهة الدولة لمجموعات إرهابية مسلحة، وبالتالي تسعى جاهدة لعمل تحالف إقليمي يساعدها في أي عملية عسكرية في ليبيا. ويرى المراقبون أن الحديث عن أن الاقتتال في ليبيا يشكل خطرا على أمن مصر القومي، كان من الممكن تصديقة إذا وقفت مصر من جميع الأطراف الليبية على مسافة واحدة، ولم تنحز لطرف على حساب الآخر كما فعلت مع العقيد الركن المتقاعد خليفة حفتر، على حساب قوى ليبية أخرى محسوبة على الثورة، فضلا عن وقوفه مع "برلمان طبرق" ضد المؤتمر الوطني. ويكشف هذا الانحياز الأهداف الحقيقة التي تسعى جنرالات مصر تحقيقها من ضرب ليبيا وهي "القضاء على تيارات الإسلام السياسي" في ليبيا والتي تعتبرها كل من مصر والإمارات خطرا حقيقيا على أنظمتها القمعية، إلى جانب السيطرة على النفط الليبي والذي تحتاجة مصر بشدة في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013. وبالرغم من أن النظام الجزائري يتفق مع كل من الأنظمة القمعية في مصر والسعودية والإمارات في القضاء في محاربة تيارات الإسلام السياسي، إلا أن الجزائر لاتتقف معهم في أن العملية العسكرية هي الحل الأمثل في ليبيا، كما لا تخفي الجزائر تخوفها من أن تقوى شوكة جنرالات العسكر في مصر بعد السيطرة على الأوضاع في ليبيا. وتشهد ليبيا حالة من العنف والفوضي منذ أن أعلن العقيد الركن المتقاعد خليفة حفتر منذ أشهر عن عملية عسكرية تسمى عملية "الكرامة" تحت مزاعم القضاء على الإرهاب والميلشيات المسلحة في البلاد، وهي الخطوة التي اعتبرها الثوار الليبيون أنها بمثابة انقلاب عسكري على الشرعية على ثورة 17 فبراير كونها عملية عسكرية انطلقت دون إذن من الدولة مؤكدين انها تهدف لعودة نظام القذافي للحكم مرة أخرى. لكن وبعد انتخاب مجلس النواب، في يوليو الماضي، أبدى المجلس، الذي يعقد جلساته في منطقة طبرق، شرقي البلاد بالمخالفة للإعلان الدستوري الصادر من الثوار، دعما للعملية التي يقودها حفتر، وصلت إلى حد وصف قواته ب"الجيش النظامي". وكان أحمد هدية، المتحدث باسم "قوات درع الوسطى"، التابعة للجيش الليبي، والتي تشارك في عملية "فجر ليبيا" التابعة للثوار ضد قوات حفتر قد اتهم في وقت سابق كلا من مصر والإمارات بشن غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية بالعاصمة طرابلس. وخلال اليومين الماضيين قالت كتائب منتمية للثورة الليبية: إنها قتلت جنديا مصريا شارك مع قوات خليفة حفتر في الهجوم عليهم، وبثت تلك الكتائب بطاقة ثبوتية قالوا: إنها صادرة عن وزارة الدفاع المصرية لأحد المجندين وأضافت الكتائب أن هذه الاوراق تم العثور عليها في سيارة تابعة لقوات خليفة حفتر بعد قتل كل من فيها . وشملت تلك الاتهامات التي وجهتها قوات "فجر ليبيا" التابعة للثوار الليبين، كلا من مصر والإمارات بتنفيذ ضربة جوية في العاصمة الليبية طرابلس حيزا كبيرا من الاهتمام في مصر خلال الأيام الماضية، ولا سيما بعد تأكيد الولاياتالمتحدة الاتهامات نفسها قبل أن تتراجع عن موقفها. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نقلت قبل أيام على لسان مسؤولين أميركيين قولهم: إن مصر والإمارات نفذتا ضربتين جويتين ضد قوات (فجر ليبيا) مضيفة أن "الإمارات وفرت طائرات وطيارين، بينما وفرت مصر قواعد لشن الهجمات" بشكل سري، وهو ما نفته الخارجية المصرية. وبدوره، نفى عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر هذه الاتهامات، وقال في اجتماع مع بعض الإعلاميين: إن مصر ليس لها جيوش خارج حدودها، مضيفا "لم نقم بأي عمل عسكري في ليبيا حتى الآن". على جانب آخر هاجم الشيخ صادق الغرياني -مفتي دولة ليبيا- ما وصفه بالتدخل المصري العسكري وأكد ان الحكومة المصرية اعترفت بقصف طائرات مصرية لمواقع ليبية وبعد ذلك نفت هذا الامر، محذرا الإمارات ومصر من أنهم سيندمون على فعلتهم هذه. وأضاف الغرياني بحسب التسجيل الذي بثته عدة قنوات فضائية، أمس الأربعاء "وسواء اعترفت أو نفت لم يعد خافيا على احد ان نوع القصف وكثافته قد تغير كثيرا في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة لا تتناسب مع الإمكانيات الليبية وطائراتها العسكري". وأضاف الغرياني:" لا شك أن هذا العمل الطائش ستندم عليه الحكومة المصرية والإماراتية لأن هذه الحكومات تعلم أن رهان المصالح يجب أن يكون على الشعوب وليس على المتآمرين على شعوبهم".