يعاني حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، حالة من الانشقاق عقب قيام جناح صالح بإقالة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي من منصبه كأمينا عاما ونائبا لرئيس الحزب، وكذا إقالة القيادي البارز عبد الكريم الإرياني من منصبه نائبا ثانيا لرئيس المؤتمر. وكان صالح قرر في اجتماع للجنة العامة للحزب في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عزل هادي والإرياني ردا على قرار لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات عليه واثنين من قادة جماعة الحوثيين، معلنا أن العقوبات جاءت بطلب من هادي. وبرر صالح عزل هادي بقوله إن «هادي ليس متفرغا للحزب، لأنه مشغول بأمور الدولة، وتم اختيار أمين عام متفرغ، ونائبين لرئيس المؤتمر متفرغين بدلا عن السابقين». ويشغل هادي منذ العام 2008 منصب النائب الأول لرئيس الحزب والأمين العام للحزب، الذي بيده صلاحيات إدارة الحزب تنظيميا وماليا، فيما ظل صالح متمسكا برئاسة الحزب منذ تأسيسه عام 1982. وزادت حدة الصراع بين صالح وهادي الأسبوع الماضي بعد طلب هادي من البنوك الحكومية والأهلية تجميد أموال الحزب لديها، وعدم إجراء أي معاملات مالية في حسابات الحزب إلا بموافقة خطية منه شخصيا، بينما سبق لصالح أن طلب من البنوك عدم اعتماد صرف أي أموال من حساب الحزب إلا عبر الامين العام الجديد عارف الزوكا، الذي عينه صالح بديلا عن هادي. وكان مئات من قيادات المؤتمر الشعبي في خمس محافظات جنوبية رفضوا في اجتماع لهم عقدوه في عدن قرار إقالة هادي والإرياني، وطالبوا بالتراجع عن القرار الذي وصفوه بالباطل، وهددوا باتخاذ إجراءات تصعيدية. وجدد بيان صادر عن الاجتماع تأكيدهم على رفض الإجراءات التي تمت في دورة اللجنة الدائمة الرئيسية المنعقدة في تاريخ 8 نوفمبر 2014م بصنعاء والتي قضت باستبعاد عبدربه منصور هادي النائب الأول للمؤتمر الشعبي العام، وعبدالكريم الإرياني النائب الثاني للمؤتمر الشعبي العام من منصبيهما، بما يخالف نص المادة (26)، من النظام الداخلي للمؤتمر فقرة (4). وأكد البيان أنه لا يحق للجنة الدائمة ان تسقط مقررات المؤتمر العام السابع، معتبرا هذا الإجراء باطلاً جملة وتفصيلا، مستغربا من صمت هيئة الرقابة التنظيمية والدائرة القانونية بالمؤتمر الشعبي العام تجاه المخالفات الجسيمة التي ارتكبت بحق الرئيس هادي ومستشاره الارياني . وقال عضو اللجنة العامة للحزب أحمد الميسري ل «الجزيرة نت» من عدن: «ندافع عن نظام داخلي ولا ندعو إلى انشقاق المؤتمر، وما اتخذته الأمانة العامة باطل بحسب النظام الداخلي، الذي ينص على أن تغيير الأمين العام يتم عبر انتخابات المؤتمر العام للحزب». وأضاف: «نحن مصرون على تراجع الأمانة العامة في صنعاء عن قرارها بإقالة الرئيس هادي والإرياني من منصبيهما، وثمة خطوات قادمة نعد لها حاليا، عبر التواصل مع فروع المؤتمر الشعبي بجميع المحافظات الجنوبية، بما فيها حضرموت والمهرة وسقطرى، وسيكون لنا اجتماع آخر في عدن يحسم المسألة». وأوضح الميسري أنه «إذا لم تتراجع الأمانة العامة بصنعاء عن قرارها فسنضطر إلى تعليق العمل معها، وسنبقي التعامل مع هادي والارياني وفقا لمنصبيهما الحزبيين في المؤتمر الشعبي». من جانبه قال المحلل السياسي عبد الله دوبلة إن المؤتمر الشعبي هو حزب صالح، ومعه كان المؤتمر حزبا حاكما باليمن، وهو لن يكون إلا حزب صالح، ولا معنى للكلام عن الانشقاق، ولا تأثير لهادي فيه. وأضاف دوبلة في حديث ل «الجزيرة نت»: «جناح صالح هو حزب المؤتمر الشعبي، أما أجنحة هادي أو الحوثي فلا قيمة لهم، وهم أفراد يمكن إن خرجوا منه أن يشكلوا تيارات أخرى، لكنهم لا يأخذون حزب المؤتمر عن صالح، وجناح هادي لن يتمكن من إجبار جناح صالح على التراجع عن قراراته الإقصائية لهادي والإرياني». ويرى دوبلة أن تجميد أموال حزب المؤتمر في البنوك من قبل الرئيس هادي «لن تعيد المؤتمر إليه، ولن يتأثر حزب المؤتمر بهذه الخطوات التصعيدية، لأن صالح ينفق على حزب المؤتمر وقياداته الموالية له من خزينته الخاصة». وبشأن تلويح أفراد جنوبيين بتأسيس مؤتمر جنوبي، قال إن «ذلك أيضا لن يثني مؤتمر صالح عن إقصاء هادي، كون قيادات الحزب ومنها الجنوبية هي مع صالح وتؤيده، وأكد أن المؤتمر الشعبي هو حزب صالح وسيظل كذلك». ومرّ الصراع بين هادي وصالح بأطوار ومراحل مختلفة بدأت عقب انتخاب هادي رئيسا للبلاد وما أعقبه من محاولته تولي رئاسة حزب المؤتمر الذي تنصّ لائحته الداخلية على أن رئيسه هو رئيس الدولة؛ غير أنّ صالح رفض وتمسك برئاسة الحزب مستندا إلى نفوذه التنظيمي والسياسي منذ توليه الحكم. ورغم أن المبادرة الخليجية تلزِم صالح بشكل أو بآخر باعتزال العمل السياسي وتحديدا تخليه عن رئاسة الحزب مثلما تخلّى عن رئاسة الدولة كجزءٍ من استحقاقات منحه الحصانة من الملاحقة القضائية؛ إلّا أنه ظل فاعلا وممسكا بصناعة القرار داخل الحزب حتى استطاع في الأخير إخراج هادي بدلا من إزاحة الأخير له. ويعتقد هادي أن سلفه متحالفٌ مع الحوثيين، وهو من سهّل لهم سيطرتهم على محافظة عمران وصولا إلى العاصمة صنعاء والدولة في إطار سعيه للعودة للحكم، ولكن بشخص نجله أحمد قائد قوات الحرس الجمهوري السابق وسفير اليمن الحالي في الإمارات.