يفتقر ما يسمى المجتمع الدولي للأخلاق والقيم في تعامله مع الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، فعدد الشهداء الموثق بالاسم الرباعي وصل إلى 35 ألف شهيد، والعدد غير الرسمي تجاوز 50 ألف شهيد، ورغم ذلك مازال هذا "المجتمع الدولي الفاسد" يمارس سياسة تدوير الطاولة وغض الطرف وإضاعة الوقت على حساب الدم السوري. المندوب السامي لهذا المجتمع الدولي السيد الأخضر الإبراهيمي تمخضت حركته، وهي حركة من دون بركة، عن توصيف ما يجري في سوريا على أنه "حرب أهلية".. فحسب رأيه قصف الشعب السوري بالطائرات والقنابل العنقودية والفراغية وبراميل الموت والإعدامات الميدانية والاغتيالات التي يقوم نظام الأسد الإرهابي وحاصر المدن ومسح أحياء بأكملها عن وجه الأرض في حمص وحماة وإدلب وحلب ودرعا ودير الزور ومعرة النعمان والرستن وحرستا ومعضمية الشام.. هذا كله بالنسبة للإبراهيمي ومجتمعه الدولي ليس أكثر من "حرب أهلية". هذه أكبر عملية تزييف تاريخية لحدث حي تجري أحداثه على الأرض، فهي عملية تزوير خطيرة لوقائع مرئية يشاهدها العالم صباح مساء على كل الشاشات، وحسنا فعل رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني حين وصف ما يجري في سوريا بأنه "حرب إبادة برخصة دولية"، وهو التوصيف الدقيق والحقيقي للمجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الأسد وزبانيته وشبيحته ضد الشعب السوري، وفصل الأمر بقوله:: "كل الأطراف تعرف ما هو الحل المطلوب وتعرف ماذا يريد الشعب السوري. وكل ما يجري الآن برأيي تضييع وقت وإعطاء رخصة لقتل الشعب السوري وتدمير مقدرات سورية.. نحن نعرف ما يجري في سورية، ليس حربا أهلية ولكن حرب إبادة أعطى لها رخصة أولا من الحكومة السورية وثانيا من المجتمع الدولي ومن المسؤولين في مجلس الأمن". حرب الإبادة هذه التي تجد لها غطاء روسيا مباشرا تحصد أرواح السوريين بمعدل لا يقل عن 200 شهيد يوميا، أي سقوط 6000 شهيد في الشهر الواحد، وهؤلاء لا يجدون من يدافع عنهم في "المجتمع الدولي الفاسد" خاصة روسيا التي أقدم رئيس وزرائها ديمتري مدفيديف، على إدانة "الجريمة الخطيرة" التي ارتكبها جوزيف ستالين بحق شعبه من ضحايا القمع في العهد السوفيتي، وقال"يجب أن يبقى ذلك في سجلات تاريخنا لكي لا يتكرر هذا الأمر أبدا"، وبهذا يستذكر مدفيدف ضحايا القمع الشيوعي الذين تعرضوا للقتل أو الإبعاد أو للسجن في مراكز اعتقال، ومقبرة موسكو الجماعية التي تضم 20 ألف شخص أعدمهم ستالين في مقرات "الشرطة السياسية" وجهاز الاستخبارات "كي جي بي"، وهم الذين تتلى أسماؤهم جميعا في قداس كنسي حتى لا ينساهم أحد. في المقابل فإن ستالين سوريا، الذي حول كل مدن سوريا إلى مقابر جماعية، تطلب موسكو الحوار معه بدل إدانة جرائمه ومجازره، ولا تستحي أن تحيي ذكرى من قتلهم ستالين، وتدافع في الوقت نفسه عن بشار الأسد الذي يرتكب كل يوم مجزرة ويعتقل ويجرح ويشرد ملايين الشعب السوري، وكل هؤلاء لا تراهم روسيا ومعها الصين ودول الغرب. على سادة الكرملين في موسكو أن يعرفوا أن الحل واحد في سوريا لا يكون إلا "بسقوط نظام الأسد" وتقديم مجرمي هذا النظام وشبيحته للمحاكم لكي ينالوا العقاب المناسب على جرائهم الهمجية الوحشية البربرية المخزية، لأنه من غير المعقول أن يجلس هؤلاء القتلة إلى طاولة الحوار، فهم مجرمو حرب مكانهم السجون وليس طاولات الحوار، ومن غير المعقول والمنطقي أن يبقى هؤلاء المجرمون جزءا من المشهد السياسي الذي ثار كل الشعب السوري من أجل تغييره. روسيا هي "كاهن" رخصة القتل الدولية للأسد ونظامه، وهي الحارس الكبير لجرائم الإبادة ضد الشعب السوري، وتخطئ روسيا إذا ظنت أنها تستطيع حماية الأسد، وتخطئ إذا ظنت أنها قادرة على كسر الإرادة الشعبية للسوريين، وكما خسرت في ليبيا ستخسر في سوريا، وستخرج من المنطقة نهائيا، وستدفع ثمن "رخصتها التي منحتها للأسد للقتل" وستخرج من الأرض العربية والتاريخ العربي والفضاء العربي إلى الأبد، لأن الشعوب لا تنسى دماءها المسفوكة، وهي تعلم ما يجب فعله،وكما قال رئيس الوزراء القطري:" كل الأطراف تعرف ما هو الحل المطلوب وتعرف ماذا يريد الشعب السوري"، وهو ما تعرفه موسكو جيدا. * صحفي أردني. [email protected]