ما هي نسبة الهجمات الإرهابية في الولاياتالمتحدة وأوروبا التي ارتكبها مسلمون؟ سؤال طرحه «دين عبد الله» في مقال له بموقع «ذا دايلي بيست»، أشار فيه إلى العبارات التي تتردد من فترة لأخرى، والتي تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية، ومن بينها قناة «فوكس نيوز» الأمريكية الترويج لها من قبيل «ليس كل المسلمين إرهابيين، ولكن كل الإرهابيين مسلمون». ولكن لماذا لا نرى إرهابيين مسيحيين أو بوذيين أو حتى يهود؟ في الوقت الذي يتهم فيه بعض من المسلمين بارتكاب هجمات إرهابية تحت مزاعم باسم الدين، يتوجب على المسلمين أن يتبنوا النهج الذي يدعم الفرضية القائلة بأن تلك الأفعال والهجمات لا تستند إلى الدين في شيء، وإنما تأتي على خلفيات لأجندات سياسية. هم مسلمون ولا يمكننا أن ننكر ذلك في ذات الوقت. ومع ذلك، فإن الغالبية الساحقة من أولئك الذين ارتكبوا الهجمات الإرهابية في الولاياتالمتحدة وأوروبا ليسوا مسلمين. دعونا نعطي أنفسنا لحظة للتفكير في ذلك. تكشف بعض الإحصائيات للمهتمين أن نسبة مشاركة المسلمين في الهجمات الإرهابية في أوروبا على سبيل المثال خلال الخمس سنوات الأخيرة لا تتعدى 2% من إجمالي تلك الهجمات. فوفقًا للتقرير الذي أصدرته العام الماضي وكالة إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي (يوروبول)، فإن غالبية الهجمات الإرهابية في أوروبا تم ارتكابها من قبل الجماعات الانفصالية. وبينما تجاوزت العمليات الإرهابية في أوروبا 152 عملية في عام 2013، لم تتعدَ نسبة الهجمات «ذات الدوافع الدينية» من إجمالي تلك العمليات سوى عمليتين فقط في مقابل 84 ذات دوافع عرقية أو قومية أو انفصالية. نتحدث هنا عن جماعات من قبيل الجبهة القومية التحررية في فرنسا، والتي تدعو إلى استقلال جزيرة «كورسيكا». وكانت تلك الجبهة قد شنت هجمات صاروخية متزامنة استهدفت مركزين للشرطة الفرنسية في عام 2013. وفي أواخر عام 2013 أيضًا، قامت القوات الثورية الشعبية المتشددة في اليونان بقتل اثنين من أعضاء حزب الفجر الذهبي اليميني في اليونان. وبالرغم من ذلك، هل سمعت عن أي من هذه الحوادث؟ ربما لا. ولكن في حال كان مرتكبو هذه الهجمات من المسلمين، فهل تعتقد بأنها كانت ستحظى بتغطيات وسائل الإعلام الغربية؟ لا حاجة للإجابة هنا. حتى في أعقاب واحدة من أسوأ الهجمات الإرهابية في أوروبا في عام 2011، ونعني هنا مقتل 77 شخصًا في النرويج على يد أندرس بريفيك انطلاقًا من توجهاته المعادية للمسلمين والداعية ل«أوروبا المسيحية» بحسب ما ذكره في برنامجه الانتخابي. في المقابل، لم تحظَ تلك الحادثة بتغطيات إخبارية موسعة في الولاياتالمتحدة بذات الطريقة التي نراها في حال كان أحد مرتكبي الحادث من المسلمين. كما أننا لم نسمع الكثير من الخبراء الأمنيين يتحدثون في وسائل الإعلام كافة عن وقف الإرهاب المسيحي في المستقبل. هل سمعت عن الإرهابيين البوذيين؟ حسنًا، البوذيون المتطرفون قاموا بقتل العديد من المدنيين المسلمين في بورما، وقبل بضعة أشهر في سريلانكا، والبعض الآخر عاث فسادًا بإحراق منازل المسلمين وشركاتهم مع ذبح أربعة من المسلمين. وماذا عن الإرهابيين اليهود؟ فبحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في عام 2013، بلغت الهجمات الإرهابية التي ارتكبها المستوطنون الإسرائيليون، والتي تُعرف باسم «بطاقة الثمن»، بحق الفلسطينيين 399 عملية إرهابية أسفرت عن 93 إصابة جسدية، وكذلك التخريب الذي طال عشرات المساجد والكنائس المسيحية. وبالعودة إلى الولاياتالمتحدة، فإننا نجد أن نسبة الهجمات الإرهابية التي ارتكبها مسلمون هي نسبة ضئيلة جدًّا كما هو الحال في أوروبا. يعزز تلك العبارات الدراسة التي أصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن العمليات الإرهابية التي شهدتها الأراضي الأمريكية بين عامي 1980 و2005. وفقًا للدراسة، فإن 94% من الهجمات الإرهابية يرجع منفذوها إلى غير المسلمين. يأتي هذا في الوقت الذي تجاوزت فيه نسبة العمليات التي ينتمي منفذوها إلى الجماعات ذات الأصول اللاتينية 42% في مقابل 24% للجماعات اليسارية المتطرفة. وليس ذلك فحسب، بل إن الدراسة التي أجرتها جامعة ولاية كارولينا الشمالية هي الأخرى كشفت عن أن أعداد من قتلوا في أمريكا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر نتيجة لأعمال إرهابية ارتكبت من قبل مسلمين لا تتعد 37 شخصًا. نسبة تكاد تكون معدومة خاصةً إذا ما علمنا أن عدد من فقدوا حياتهم في الولاياتالمتحدة نتيجة لعمليات إرهابية تجاوز 190,000 حالة قتل بحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي خضم هذه الأرقام والإحصاءات، تظل التغطيات الإعلامية لوسائل الإعلام الأمريكية والغربية محل تساؤل إزاء سياستها التحريرية غير المحايدة. ففي الوقت الذي تفقد فيه الولاياتالمتحدة 30 شخصًا بشكل يومي نتيجة لأعمال العنف، تعّج الشاشات الأمريكية بعدد من الخبراء الأمنيين فقط لمناقشة سبل وقف المسلمين المرعبين عن قتل عدد أكبر من الأمريكيين. بالرغم من أن هذه المقالة لن تغير من السياسات التي تتبناها وسائل الإعلام، إلا أنها قد تكون سبيلاً نحو إدراك البعض أن الإرهابيين ليسوا كلهم مسلمين، وأن المسلمين لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة من الإرهابيين. ولا يعني هذا بالقطع أن نتغافل الأخطار التي يشكلها الإسلاميون المتطرفون.