اعتبرا سياسيان يمنيان تفجيرات صنعاء مبرراً لإعلان الحرب الأهلية تستهدف وسط اليمن وجنوبه للتخلص من الرئيس عبد ربه منصور هادي، مشيران في تصريحات ل «الخبر» إلى أن التفجيرات تهدف أيضا إلى تبرير الحرب على المحافظات الجنوبية، ووضع تعز تحت السيطرة المباشرة للإنقلابيين بصنعاء، وأن استخدام الطائرات في عدن جاء بهدف الدفع بالمعركة إلى أخطر مستوياتها. وأعلنت اللجنة الثورية الحوثية، اليوم السبت، حالة التعبئة العامة ومواجهة الحرب التي وصفتها بالقذرة في عدن ولحج والعاصمة صنعاء، في وقت يحشد فيه تحالف صالح والحوثي قواته ويزحف نحو تعز تمهيدا للدخول إلى عدن. ووصلت إلى تعز يوم أمس قوة عسكرية كبيرة تتضمن آليات عسكرية ومدرعات أرسلها صالح والحوثي في سياق مخططهم لاجتياح الجنوب بعد فشل محاولة الانقلاب التي قادها السقاف في عدن ضد الرئيس هادي. * اليمن تنزلق نحو الحرب الأهلية وقال الكاتب والمحلل السياسي علي البكالي إن ما تشهده اليمن إجمالا هو انزلاقها باتجاه الحرب الأهلية بنكهة طائفية، مرجعاً انزلاق البلاد نحو الحرب لسببين اثنين: «الأول هو أن من يسعى لاستكمال الانقلاب يأكل الثوم بفم المليشيات الحوثية المندفعة نحو الحرب ويحتفظ بجاهزيته القتالية عبر صناعة المخاوف والمخاطر أمامها لتقفز نحو الحرب متعجلة». السبب الثاني، بحسب البكالي، «لأن ثمة أحلام إمبراطورية إيرانية تستدعي صناعة انتصارات طائفية في البلدان العربية يقابلها على النقيض رغبة دولية في الإبقاء على المنطقة العربية بؤرة صراع ملتهبة لتصفية الحسابات الدولية بين القوى العظمى التي لا ترغب في الحرب المباشرة كما صنعت في بدايات ومنتصف القرن العشرين فهي اليوم تختار ملعب للحرب غير ميادينها الرسمية لتصفي حساباتها على أرضنا وبدمائنا وأموالنا». وأوضح البكالي، في حديث ل «الخبر»، أن اليمن تذهب اليوم إلى الحرب الأهلية الشاملة، وأن هناك قوى تحاول تفجير الحرب قبل انعقاد مؤتمر الرياض للحوار كما تم الإعلان عنه، داعيا الشعب اليمني إلى أن يخرج في ثورة سلمية جديدة ليطالب هذا الجيش الكف عن تفجير الحرب الأهلية تبعاً لمواقف القوى وأن يكون جيشاً للشعب والدولة. وأشار إلى أن عوامل ومتغيرات كثيرة يجب قراءتها حتى يتضح المشهد اليمني وأبعاده ومن يقف وراءه، لافتا إلى أن أول تلك المتغيرات هو صراع الشرعية السياسية والانقلابية منذ خروج الرئيس هادي إلى عدن ولحاق وزير الدفاع وبعض الوزراء به. وأضاف: «إنه لا يمكن إغفال دوافع الحوثيين وحليفهم صالح وحزبه في غزو الجنوب وتصفية الحسابات مع هادي والقوى المناصرة للشرعية لتستكمل عملية الانقلاب والسيطرة على كل مناطق اليمن». واعتبر أن ما حدث في عدن قبل يومين كان بمثابة جرس الإنذار الذي قرع سمع الانقلابيين وصالح وحزبه، مضيفاً: «حيث كانوا يراهنون على قلب عدن من داخلها عبر معسكرات الأمن الخاص والعناصر الحوثية والقبلية التي تسربت من صنعاء وذمار وصعدة إلى عدن لتكون جاهزة في تنفيذ خطة الانقلاب والتخلص من هادي وشرعيته ليتم بعد ذلك إرغام القوى السياسية على قبول الأمر الواقع». * عدن تقلب الموازين وبيّن أن سيطرة وحدات الجيش الشرعية على الأوضاع في عدن قلبت الموازين كاملة على تحالف الانقلابيين مما دفع بهم وبتهور شديد نحو الحرب الأهلية، بدليل استخدامهم للطيران الحربي في ضرب عدن وخاصة قصر الرئاسة، ثم تحركهم بالأمس لمحاولة إسقاط مأرب من جهة الجنوب وتحركهم السريع يوم أمس بمجاميع مسلحة كبيرة لإسقاط تعز. ونوه بأن تخوفهم من عودة الشرعية السياسية للدولة لتسيطر من جديد في مناطق الجنوب والشرق والوسط دفع بالانقلابيين وتحالفهم ليقرروا تفجير حرب أهلية شاملة حتى لا يتركوا مجالاً ولا وقتاً للرئيس هادي ومن معه لترتيب أوراقهم واستعادة الدولة إلا أن ذلك الأمر كان يقتضي غطاءً تبريرياً أمام العوام والرأي العام. * تفجيرات صنعاء إعلان حرب وتابع البكالي حديثه ل «الخبر» قائلاً: «ولهذا جاءت التفجيرات الإرهابية في جامعي بدر والحشوش مبرراً كافياً لإعلان الحرب الأهلية وهي حرب أهلية تستهدف الوسط بدءاً بتعز كمدخل للجنوب ثم الجنوب بدءاً بعدن لإسقاطها والتخلص من الرئيس هادي». وقال: إن «ثمة متقابلات ومؤشرات يمكن البناء عليها بهذا الصدد، منها حديث مواقع المؤتمر وصحفه عن اشتراك القاعدة في أحداث عدن وهروب السجناء الإرهابيين بالعشرات من سجن عدن تبعها بعد ذلك تسليم معسكر الأمن الخاص بلحج لعناصر من القاعدة، والمعلوم أن معسكرات الأمن الخاص لا تزال تدين بالولاء لعلي صالح بما يوحي أن ثمة ترتيب يجري لشن حرب أهلية على الجنوب ويتم التمركز في تعز». ولفت إلى أن هذه الحرب ستشن تحت مبرر محاربة القاعدة؛ ولكنها في الحقيقة تستهدف استكمال عملية الانقلاب والتخلص من هادي وشرعيته، كاشفاً عن أن الخطة هي استخدام ما يسمى بالقاعدة في الجنوب لصالح الانقلابيين أو أنها جزءاً من كيانهم الانقلابي. وتحدث البكالي عن الشمال بالقول: «سوف تستخدم فيها حشد المقاتلين القبليين المناصرين لصالح والحوثيين تحت دعوى أن هذه العناصر الإرهابية إن تم السكوت عليها وعدم ملاحقتها إلى المحافظات الجنوبية ستستهدف أيضاً الأبرياء في مناطق شمال الشمال». وأردف: «من المعلوم طبعاً أن الجماعات المسلحة لا تكن فاعلة إلا في ظل حروب تحركها وتدفع بها وأن حالات السلام تؤدي إلى ركودها وتفككها، وهو ما يتطلب بعثها من جديد عبر دافعية جديدة ومن مصلحة من يقف ورائها أن يخيفها في عقر دارها كي تقفز إلى الأمام لتستكمل له خطوات الانقلاب على الأرض». وأدان الجرائم الإرهابية بحق الأبرياء والعزل، داعيا القوى السياسية أن لا تستخدم الأبرياء لتحقيق أهدافها أو لخلق مبررات لصراعاتها السياسية. * هدف استخدام الطيران في عدن من جانبه وصف الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أحداث صنعاء بالعمل إلارهابي المدان والذي يحيلنا إلى النموذج العراقي في إدارة العنف عبر التخطيط لعمليات إرهابية تولد قدرا هائلا من الكراهية بما يكفي لتمرير مشاريع سياسية خطيرة، كهذا المشروع الذي نرى ملامحه تتجلى في البدء بتنفيذ عملية انقلابية بعدن. وقال التميمي في حديث خاص ل «الخبر» إن محاولة الانقلاب في عدن فشلت، مؤكداً أن استخدام الطائرات جاء بهدف الدفع بالمعركة إلى أخطر مستوياتها. وأضاف: إن «ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن تفجيرات صنعاء تهدف إلى تبرير الحرب على المحافظات الجنوبية، ووضع تعز تحت السيطرة المباشرة للإنقلابيين بصنعاء». وأوضح أن هؤلاء يريدون استجلاب التعاطف الدولي مع مخطط الحرب الذي بدأوا بتنفيذه باعتبارهم ضحايا للإرهاب والقوة الموثوقة لمحاربته.