في خطوة تعتبر انقلابا ثانيا على الشرعية في اليمن، منح البرلمان اليمني الأحد الثقة للمجلس السياسي الذي أعلنه الحوثيون وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لحكم البلاد من جانب واحد في جلسة دار جدل بشأن نصابها القانوني. وعقب نقل صلاحيات رئيس الدولة إلى "المجلس السياسي الأعلى" رفع رئيس البرلمان يحيى الراعي الجلسة، التي شهدت أداء رئيس المجلس صالح الصماد اليمين الدستورية. وأدى القيادي الحوثي صالح الصماد اليمين ومعه نائب رئيس المجلس قاسم لبوزه (من قيادات حزب المؤتمر الشعبي الجناح الموالي لصالح) وأعضاء المجلس صادق أمين أبوراس (المؤتمر) ويوسف الفيشي(حوثي) ومحمد صالح النعيمي (حوثي) ومبارك صالح الزايدي (حوثي) وجابر الوهباني (المؤتمر) وناصر النصيري (المؤتمر). وتغيب اثنان من أعضاء المجلس العشرة لوجودهم خارج البلاد، وهم خالد الديني (عضو وفد تفاوضي يتواجد في سلطنة عمان وموال لصالح) وسلطان السامعي (برلماني موالي للحوثيين). وأعلن البرلمان في بيان أن "الشرعية التي يتشدق بادعائها الفارّين (في إشارة للرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة المقيمة في العاصمة السعودية الرياض) سقطت شعبيا ودستوريا ب"خيانتهم أمانة المسؤولية وتآمرهم على البلد باستجلاب عدوان خارجي أثيم ما يضعهم تحت طائلة الخيانة العظمى والمساس باستقلال وسيادة البلاد، وفق الدستور النافذ". وتجاهل البيان صراحة أن الرئيس هادي وحكومته لم يكن لديهما خيار آخر بعد انقلاب الحوثيين على الحكم بقوة السلاح واحتجاز الرئيس قبل أن ينجح في مغادرة البلاد. وقال البيان "إننا واستنادا إلى شرعيتنا الشعبية والدستورية وتعبيرا عن ضيق اليمنيين ذرعا بالفراغ السياسي التنفيذي وترجمة لتطلعات اليمنيين في عودة الحياة الدستورية الطبيعية والحفاظ على مؤسسات الدولة وتمكينها من الاستمرار في ممارسة أدوارها وفقا للدستور والقوانين النافذة، فإننا باركنا ونبارك اتفاق صنعاء الموقع في الثامن والعشرين من يوليو/تموز 2016 بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله( الحوثيين) وحلفائهم والذي تمخض عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون الدولة في البلاد سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا وغير ذلك وفقا للدستور". وعقب نيل الثقة، ألقى الصماد كلمة أمام البرلمان دعا فيها المجتمع الدولي إلى "احترام إرادة الشعب اليمني وخياراته السياسية"، في إشارة إلى مباركة مجلسهم السياسي وكأن الشعب اليمني هو من منحهم الثقة والحال أن معظم الشعب يعيش تحت حراب الانقلابيين. واعتبر الصامد في كلمة بثتها قناة المسيرة التابعة للحوثيين أن "انعقاد البرلمان ودعمه للمجلس السياسي الأعلى سيعطي زخما أكبر لمسار التسوية السياسية والوصول إلى حل سياسي شامل وعادل يلبي طموحات الشعب". ودعا "دول العالم والأمم المتحدة والمنظمات العربية والدولية والإسلامية إلى إعادة فتح سفاراتها ومقراتها وبعثاتها في العاصمة صنعاء"، بعد أن غادروها عقب اجتياحها من قبل "الحوثيين" في 21 سبتمبر/أيلول 2014 واندلاع الحرب في 26 مارس/آذار من 2015. وعقد البرلمان اليمني السبت للمرة الأولى في العاصمة صنعاء بدعوة من الحوثيين والرئيس السابق من أجل منح الثقة للمجلس السياسي المشكل بينهم بالمناصفة. وتضاربت الأنباء حول النصاب القانوني لانعقاد الجلسة، ففي حين ذكرت وكالة سبأ الخاضعة لسيطرة الحوثيين أنها "استوفت نصاب الانعقاد الدستوري والقانوني" وحضرها 142، قالت مصادر متطابقة حضرت الجلسة، إن الحضور وصلوا إلى 138من أصل 301 عضوا. وأعلنت سكرتارية المجلس، خلوا 26 مقعدا لوفاة ممثليها خلال العامين الماضيين، فيما يسعى الحوثيون وصالح للتحايل على النصاب القانوني بالحديث عن وجود "ثغرات قانونية"، تجيز النصاب القانوني للجلسات من عدد النواب الأحياء فقط. وباستبعاد 26 عضوا من أصل 301، يتراجع عدد أعضاء البرلمان اليمني إلى 275، وبالتالي يكون النصاب قانونيا إذا حضر 138 أي النصف زائدا 1، بحسب تفسيرات وسائل الإعلام الموالية لصالح. وكانت آخر جلسة انعقاد للبرلمان المنتخب في العام 2003 في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عندما منحت الثقة لحكومة خالد بحاح. وفجر السبت الماضي هدّد الرئيس عبدربه منصور هادي المجلس ب" عقوبات قانونية"، في حال عقد جلسة للبرلمان وأعلن عدم اعترافه بما سيصدر عنها. ويمتلك حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، أغلبية مقاعد البرلمان المنتخب في العام 2003، لكن المبادرة الخليجية (اتفاق رعته دول الخليج في العام 2011 وحل محل الدستور اليمني)، أقرت أن القرارات في المجلس بالتوافق وليس بالأغلبية.