أكدت صحيفة "كريستيان ساينتس مونيتور" الأمريكية، أن استخدام روسيا لقاعدة عسكرية داخل إيران، لشن هجمات في سوريا، يمثل تعاوناً غير مسبوق بين الجمهورية الإسلامية وأي قوة أجنبية. ويستهدف توثيق التعاون استهداف معارضي الأسد -بعض منهم تدعمه الولاياتالمتحدة- في حين يبعث رسالة حادة إلى الولاياتالمتحدة، على اعتبار أن القتال في مدينة حلب المقسمة قد وصل إلى نقطة حرجة بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية غير المحسومة على حد سواء. الوجود العسكري الأول لروسيا في الأراضي الإيرانية يعتبر قرار إيران بالسماح لقوات أجنبية بالتواجد على أراضيها الأول من نوعه منذ "الثورة الإسلامية" عام 1979، وأول تواجد للروس هناك منذ الحرب العالمية الثانية، وهو دليل على رغبتها في تحقيق مكاسب إستراتيجية والتأكد من أن التكلفة العالية لتورطها في الحرب في سوريا، بما في ذلك فقدان أكثر من 400 جندي من الحرس الثوري وعدد من الجنرالات، لن يكون عبثاً. على الجانب الروسي، كان قرار استخدام قاعدة جوية عسكرية في غرب إيران تأكيداً لتعزيز تدخلها العسكري العلني منذ عام تقريباً، والذي بدأ بضربات جوية روسية انطلقت من قاعدة في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، يمكن أن يساعد على ترجيح كفة المعركة لصالح الأسد. وربما تسمح هذه الخطوة البارزة للبلدين بتخفيف عزلة إيران الدولية التي فرضتها الولاياتالمتحدة والغرب، في حين تنشر روسيا نفوذها الإقليمي من خلال استخدام القوة المفرطة. كما يقول بافل فيلغينهاور، وهو كاتب عمود في غازيتا موسكو،"هذا يعني أن الحفاظ على الأسد في السلطة هو أمر مهم جداً بالنسبة لإيران، وللمتشددين الإيرانيين أيضاً، نظراً لأنهم قد سمحوا لجيش كافر بالتواجد على أراضيهم المقدسة". وأضاف أيضا أن "الهدف الاستراتيجي الإيراني والروسي في سوريا يبدو أقرب بكثير من الهدف الاستراتيجي الروسي والأمريكي في سوريا، على الرغم من الاتفاق السابق بين الولاياتالمتحدةوروسيا للتوصل إلى حل عن طريق التفاوض، وقد فوجئت قليلاً باعتراف وزارة الدفاع الروسية على وجه السرعة بتواجدها في إيران، في حين يفضل الجيش الروسي العمل السري، وهو ما يثبت أنه كان قراراً سياسياً لتثبت روسيا للعالم أنها وإيران معاً عسكرياً". ومنذ شهر نوفمبر الماضي، كانت القاذفات الإستراتيجية الروسية تنطلق من قاعدة جوية سوفيتية قديمة في موزدوك في جنوبروسيا لمسافة 650 ميلاً حتى تصل إلى حلب من موزدوك وهي مسافة ليست أقصر بكثير من قاعدة غرب إيران قرب همدان. ولكن كان على القاذفات الروسية العبور من أجواء تركيا لبلوغ الأهداف في شرق سوريا كما هو الحال في أي مكان في العراق. ومن خلال الانطلاق من إيران تتمكن الطائرات الروسية من نقل حمولات متفجرات كاملة تبلغ 24 طناً، على عكس ما كان يحدث عندما تنطلق من روسيا، وفقاً لفيلغينهاور. ويضيف أن "هذا المكان أفضل بطبيعة الحال، لأنه لتنفيذ قصف في سوريا تحتاج المزيد من القنابل لتغطي المزيد من الأهداف على الأرض، وفي الوقت الراهن ستكون هذه نقطة محورية في معركة حلب، ومن المهم جداً أن نلاحظ أن روسيا قد زادت بشكل كبير قدرة إسقاط القنابل على المعارضة السورية". وقال علي شمخاني، رئيس مجلس الأمن القومي الأعلى في إيران "كان الترتيب يتسم بالجدية فيما بتعلق بسوريا، وكان أيضاً مهماً من الناحية الإستراتيجية، وحذر من دعم بعض البلدان الإرهابية"،في إشارة إلى الولاياتالمتحدة وحلفائها، التي تريد إبعاد الأسد عن السلطة. وأضاف "سوف يستمر التعاون حتى يتم محو الإرهابيين تماماً، فالتعاون بين إيرانوروسيا قد تسبب بالفعل في صعوبة الحياة للغاية بالنسبة للإرهابيين وقضى على طموحاتهم للتوسع من جديد". فيما أشار كبير المشرعين الإيرانيين علاء الدين بروجردي إلى أن الطائرات الروسية كان يتم تزوديها بالوقود فقط في القاعدة، وأنه ليس هناك تمركز للقوات الروسية في إيران. ووصفت واشنطن هذه الخطوة بأنها "مؤسفة" وقالت إنها "تدفعنا بعيداً" عن وقف إطلاق النار والعملية السياسية التي ترعاها الأممالمتحدة في جنيف والتي تضم روسيا.