بعيدا عما أثير في مجلس النواب جدل ساخن بين الحكومة والمجلس حول رفع سعر مادة الديزل ومحاولة البعض استغلال القضية للمزايدة وتصفية الحسابات وتحويلها الى قضية سياسيه على حساب المواطنين الغلابى ,ويتضح ذلك مما يقوم به مجلس النواب من دور في إطار تبادل الأدوار وهو الذي كان وحتى أمس القريب مؤيداً ومدافعا عن سياسات الحكومة والأمين الدائم على كل ما يأتي منها ، حيث كان لسان حال غالبية النواب هو ترديدآآآمين عقب كل قرار تتخذه الحكومات السابقة ، فيما المعارضة ظلت رافضة لكل السياسات الإقتصادية بما فيها رفع أسعار المشتقات النفطية ,وكانت ترفض كل المبررات التي كانت تطرحها الحكومة حينذاك ومنها مثلا استغلال الوضع من قبل عصابات تهريب الديزل كما زعموا وأن المواطنين لا يستفيدون من الدعم المقدم لهذه المشتقات بقدر ما تعود فائدته على أولئك المهربين,وغيرها من المبررات التي للأسف أصبحنا نسمعها اليوم ممن كانوا يشككون في كل تلك المبررات التي كانت تسوقها الحكومات السابقة. إن إتباع سياسة تبادل الأدوار على حساب غالبية الشعب والطبقة المنهكة فيه يؤكد أن مصلحة المواطنين مازالت خارج حسابات الفرقاء السياسيين ان جاز التعبير، ولم تصبح بعد ضمن حسبانهم، وأنّ الأمر لا يعدو عن كونه مجرد مزايدة. ولهذا فأن فرقاء العمل السياسي اليوم وهم الذين تجمعهم حكومة أطلقوا عليها (وفاق)مطالبون بأن تجمعهم اليوم أيضاً معاناة الناس والعمل على انتشال الوضع الاقتصادي المتردي ولانطلاق نحو تحقيق ما كانت تهتف به حناجر الثوار الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم. لقد أقدمت حكومة الوفاق حسب اعتقادي على خطأ جسيم عندما قررت رفع سعر مادة الديزل وذلك لما تمثله هذه السلعة من أهمية حيوية لكثير من المواطنين ,ويتسع هذا الخطأ عندما تصر الحكومة على تمريره دون مراعاة أي اعتبارات للآثار التي ستنجم عن ذلك. يبدو أن حكومتنا المبجلة قد أصيبت بعمى الألوان الذي لم يسمح لها حتى بالتفريق بين مصالح وزرائها و مصلحة المواطن. فنصف وزرائها مثلا كانوا يتعوذون من شيطان الجرعات الذي كانوا دوما يدبجون صفحات منشوراتهم وصحفهم طيلة الفترة السابقة للثورة المعطاءة ولسان حالهم يقول: (ما سلكت المعارضة واديا إلا والجرعات تسلك واديا غيره) بل كانوا يعتبرونها منكرا يرقى الى مستوى الكبائر وتستغفر الله كثيرا اذا فكرت بارتكابه (لمجرد التفكير فقط). والذي حصل الأن أن حكومة باسندوة التي أرتفعت على أعناقنا لكي تزيل عنا ضباب الخلافات وأدخنة الفقر وغيوم البؤس والشقاء والتي طالما لبدت وجة سماءنا الصافية منذ ثلاثة وثلاثون عاما مضت. إن أملنا وأمل الثوار وكل أبناء الشعب في هذه الحكومة التي هي من مخرجات الثورة الشبابية الشعبية السلمية أن تساعدنا على أن نستنشق عبير الحرية ونرمي أثقال الفساد عن كواهلنا ,وأن تخلصنا من الأمراض والعلل الاقتصادية التي إهترأ لحمنا ونحل عظمنا بسببها وأصيب هيكلنا الوظيفي والاجتماعي والأخلاقي بعاهات أبرزها الهشاشة والضعف وسوء التغذية. إن القرار الحكومي الاخير المتعلق برفع أسعار المشتقات النفطية كان قراراً خاطئاً ومتعجلاً ولم يكن صائباً ابداً ولو كانت الحكومة تعي مثل هذا الأمر لما أقدمت عليه، وهي تعلم وتدرك أن مثل هذه القرارات التي تزيد من أعباء المواطنين وتنهك قدرتهم الشرائية هي من ساهمت في توسيع مستوى نقمة الناس تجاه حكم المخلوع صالح . إن الحكومة باتخاذها مثل هذا القرار وإصرارها على المضي في تنفيذه تكون قد عالجت المرض بعلاج يسبب أمراضاً أدهى منه . فهل جاءات الحكومة لتنفيذ مهمة تدوير الألوف(بتدويرها من البترول إلى الديزل) بدلا من التدوير الوظيفي؟؟وهل لا توجد أي أفكار أو اجراءات أخرى تغني عن رفع سعر المشتقات النفطية ؟ أم ان الحكومات السابقة كانت تحتاج لكي تتخذ قراراص بتنفيذ مزيد من الجرع كمثل هذه الجرعة وجود المعارضة في مقاعد مجلس الوزراء؟ وهل بمقدور مشاركة أحزاب اللقاء المشترك في الحكومة بعد التسوية التي تمت واقتسام الكعكة كفيلة بأن تخفف من وطأة تلك الجرع ووقعها بحيث يصبح وقعاً ناعماً لايشعربه الناس ؟ لا أعتقد بمقدورها ذلك فالآثار باتت واضحة على الجميع.