لقد بات من المؤكد صدور قرار رئاسي في وقت قريب يقضي بإعادة هيكلة وزارة الداخلية ويؤمل الكثيرون في أن تفضي الهيكلة إلى إيجاد أجهزة أمنية قوية مؤهلة وقادرة على فرض هيبة الدولة ووضع حد للانفلات الأمني في كثير من المدن اليمنية. إننا فعلا بحاجة إلى قوات شرطة قادرة على التصدي للجريمة قبل وقوعها وإلى صقل مهارات المنتسبين إلى هذه المؤسسة التي ينعكس نجاحها أو فشلها على كل مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها. ومن الأشياء التي لا بد أن تحظى بنصيب الأسد في هيكلة الوزارة هي أقسام الشرطة التي كثر شاكوها وقل شاكروها حتى أصبح الكثير من المواطنين يتجاهلون أقسام الشرطة ويتجهون صوب شخصيات اجتماعية أو دينية لحل قضاياهم بسبب انعدام الثقة في أقسام الشرطة. ومما لا شك فيه أن إصلاح هذه المنظومة الأمنية سيقود فعلا إلى طمأنة المواطنين وبث السكينة والشعور بالأمان عند إدراكهم أن هناك من سينصفهم ومن سيأخذ بحقهم في حال تعرضوا لأي مظالم أو اعتداءات. ومن الأمور اللازمة لعملية إصلاح أقسام الشرطة عقد دورات مكثفة للضباط والأفراد العاملين في الأقسام ومن ثم توزيع مدراء الأقسام طبقا لشروط ومعايير صارمة بحيث ينعكس ذلك على إخراج جيل جديد من أقسام الشرطة قادرة على اكتشاف الجريمة قبل وقوعها ومحاربة كافة الظواهر المتخلفة التي تخل بالأمن والسكينة العامة.وينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في هذه الدورات كيفية تطبيق معايير الحقوق والحريات بكافة تصنيفاتها. هناك الكثير من أصحاب السوابق واللصوص والمجرمين الذين يمارسون الجريمة والابتزاز وأعمال البلطجة في كثير من الأسواق والأحياء، لكنهم يعيشون في مأمن ومن دون أي ملاحقة أو متابعة من أقسام الشرطة، فلماذا لا يكون هناك تعاون بين الأقسام وعقال الحارات حول هذه القضايا، أم أنه لا يوجد شاغل يشغل عقال الحارات سوى التوسط في بيع الأراضي والحصول على ما يسمى (بالسعاية). إننا نلاحظ جميعا الكثير من الشواهد اليومية التي تؤكد على ضرورة إعادة النظر في الوضع الحالي لأقسام الشرطة وإعادة تدريب وتأهيل الضباط وأفراد أقسام الشرطة بحيث يصبح جهازا قادرا على فرض الأمن وزرع الطمأنينة وخفض معدلات الجريمة. ومن الشواهد التي تلاحظ بشكل مستمر ويتذمر منها الكثيرون هو وجود عصابات طلابية بداخل بعض المدارس، وغالبا ما تحدث عند بوابتها أثناء خروج الطلاب معارك طاحنة بالعصي والهراوات وبالخناجر أحيانا وفي مدارس تقع أحيانا على مقربة من مقرات أقسام الشرطة التي لا تحرك ساكنا إزاء هذه الظواهر المثيرة للاشمئزاز والتي تخل بالبيئة التعليمية والسكينة العامة. وتحدث هذه الظاهرة في كثير من مدارس الأمانة ويسقط جراءها الكثير من الضحايا. تم الاعتداء مؤخرا على أحد الطلاب من قبل عصابات مدرسية رغم أنه لم يكن مع أي طرف من أطراف العصابات المتصارعة في المدرسة، ولما سُئلوا عن سبب الاعتداء على هذا الطالب، أجابوا بعبارة قبلية يتم تداولها وسط بعض القبائل التي ما مازالت تعيش في القرون الوسطى "الطارف غريم" ، أي أنه تم الاعتداء عليه لمجرد أنه يعيش في الحارة التي تنتمي إليها إحدى تلكم العصابات الطلابية. إنها ظاهرة موجودة منذ سنوات وتأخذ في التوسع باستمرار حيث تصل المخلفات الثقافية وثقافة أفلام العنف إلى عقول هؤلاء المراهقين ويحاولون تطبيقها مع زملائهم في المدارس إن هناك مسميات داخل المدارس لكثير من العصابات، هذه عصابات حارة فلان وتلك عصابة علان وغيرها، فما هو دور رجال الشرطة وعقال الحارات ومدراء المدارس إزاء هذه الظاهرة. إنه لا بد من التصدي لهذه الظاهرة التي تستفحل يوما بعد يوم في أمانة العاصمة من خلال التعاون بين مدراء المدارس وعقال الحارات وأقسام الشرطة، كما ينبغي لنا ألا نغفل أمين العاصمة، حيث أنه سيكون له دور محوري في إيجاد حل لمثل هذه الظاهرة.