يصادف اليوم الاثنين الموافق 11 فبراير من الشهر الجاري لعام 2013 الذكرى التاريخية الثانية المجيدة على اندلاع شرارة الثورة الشعبية اليمنية الثالثة والتي شهدها الوطن في هذا اليوم الأغر ال 11من فبراير وما كان قد تخلل ذلك الحدث الثوري المهم في تاريخ اليمن المعاصر من انطلاقة جديدة نحو آفاق رحبة بإتجاه بناء اليمن الجديد والتي عبرت الجماهير فيها عن ارادتها الطوعية والحرة في تحقيق الخلاص النهائي من السلطة الفاسدة والمستبدة بكافة أدواتها التقليدية وسياستها الفاشلة وأجهزتها المتخلفة، وهو ما عكس فعلاً إرادة شعبية كبيرة ومتطلعة نحو بناء تصحيح مسار اليمن الجديد. والذي جسدته تلك الثورة الشعبية السلمية خاصة عندما بلغت العاصفة الثورية اعلى مراحلها النضالية والكفاحية وذلك لحظة خروج الملايين من ابناء الشعب اليمني يهتفون بصوت واحد في مسيرات جماهيرية جابت عواصم المحافظات اليمنية "الشعب يريد إسقاط النظام"، يريدون إسقاط النظام بكل سياساته الفاشلة وأزماته المختلفة وإخفاقاته المتكررة وعلاقاته الخارجية المتردية ومكانته الإعلامية والثقافية المتدنية. لأن ذلك النظام أوصل الاوضاع السياسية والاقتصادية في اليمن إلى حافة الهاوية والإنهيار بإعتباره وفقا للثورة الشعبية التي قامت عليه إلا نظاماً مجازياً شكلياً سبق وأن حول اليمن على مدى ثلاثة عقود من الزمن إلى مزرعة خاصة. ولقد كان ذلك النظام أكبر كارثة تاريخية شهدتها اليمن ماضيا وحاضراً ، حيث غيب اليمن في الداخل والخارج ، وجعل من الوطن مكاناً مغلقاً للنزاعات المحلية والحروب الداخلية ، وساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية، ناهيك عن انه جعل من الثروة الوطنية عرضة سهلة لنهب الشركات الأجنبية واتبع سياسة افقار وتجويع الشعب اليمني،كما عمل واركان حكمه على تعميم وهيمنة الفساد المالي والإداري على كافة مفاصل وأجهزة الدولة المختلفة. لذلك جاءات ثورة فبراير كأمر حتمي وواجب وطني وحق مقدس من حقوق الشعب اليمني. وبقدر ما كانت الإحتجاجات الشعبية التي بدأت في 11 فبراير عام 2011م عملية وطنية مشروعة لإجتثاث فساد ذلك النظام ، فأن الثورة السلمية قد مثلت خيار الضرورة المؤلمة، لا من أجل إنقاذ ما تبقى من اليمن جراء عبث ذلك النظام فحسب، وإنما لنحقيق التغيير الوطني تلبيةً لرغبة الملايين التي خرجت تطالب بإسقاط نظام الإستبداد الديمقراطي عبر مسيرات سلمية جابت أرجاء الوطن واتخذت من الثورة السلمية أداة وطنية لإنهاء الإستبداد السياسي. ولقد شكلت ثورة فبراير منعطفاً مهما في تاريخ اليمن نحو بلوغ واستكمال آفاق التغيير المنشود ؛ فكانت من اهم اهدافها إنهاء ذلك الإستبداد الديمقراطي كشرط اساسي لبدء عملية التغيير بالجموع الشعبية كونها صاحبة المصلحة الحقيقية في تفجير ثورة 11 فبراير السلمية ، التي كانت إيذاناً بسقوط السياسة بشقيها الرسمي والنخبوي. لذلك نجح 11 فبراير في تفكيك نظام 17 يوليو من خلا نقل الوعي المناهض للإستبداد إلى قلب النظام الذي كان وحتى ما قبل الثورة الشعبية نظاماً مغلقاً بالعصب الأحمر. ولقد ساهم اتساع الوعي المناهض للإستبداد في تفكيك نظام 17 يوليو بيد أن 11 فبراير عند تقييم اللحظة الجارية في التطورات التي تشهدها اليمن حاضراً، فإنه بالتأكيد لم يتجاوز أو ينهي الفلسفة التي مازالت قائمة لذلك النظام الذي أزيح مركزياً لكن لايزال قائما أفقياً ، ولإعتبارات عدة يبدو أبرزها في الظرف الراهن أن ما يؤخذ على 11 فبراير كشهر مرتبط بذكرى الثورة الشعبية اليمنية إلا أنه أعاد إنتاج التفكير السلبي الذي تراكم طيلة العقود الماضية ، وهذا لا يعني إغفال حقيقة هامة مفادها أن 11 فبراير تاريخاً مهما وبداية جادة نحو تحقيق التغيير الشامل كون ال 11 فبراير أوجد مناخات ملائمة لإتجاه اليمن حاضراً ومستقبلا نحو بناء مشروع الوطن المستقل الكبير بإرادته الوطنيه وقراره السياسي المستقل.