يقول الشاعر: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر هل تأملنا بدقة وعمق لهذا البيت الشعري الذي قاله أبو القاسم الشابي ؟ أم إننا نتغنى به فقط عند الحماس المتأجج دون أن نبحر إلى ما وراءه من فلسفة. الحياة أولاً.. ومعنى الحياة ! لأولئك الملايين الذين خرجوا من الشعوب العربية عامة والشعب اليمني خاصة، الحياة التي نفهمها الفهم القاصر من خلال توفير المأكل والمشرب ووسائل العيش المختلفة، ولكننا لا نفهمها كما أرادها لنا الخالق ، وهي الإعمار الإنساني والرقي النفسي الذي يصل بنا إلى مراتب الكينونة والماهية المتميزة ، كيف نكون “نحن “ لا نسخة من مجتمع متكرر متجمد يريد التغيير ولكنه لا يملك وسائله ، ذلك التآلف مع عناصر الكون المختلفة ، مع المتعدد والمختلف،والاتصال بمكونات الحياة المختلفة، حرية الاختيار، في طريقة عيشنا لا أن نكون كائنات مسلوبة، تتقاذفها الرياح، لا ثورة دون تحطيم القيود، القيود الفكرية أولاً.. العالقة بنا من القرون الماضية، إعادة قراءة لكل ما لصق بنا من مفاهيم ومسلمات تعيق تقدمنا، وتحليل واقع الضعف والتراجع المهين في بنية عقولنا الجمعية، تحطيم الأصنام وما كان يعبد آباؤنا وأجدادنا. وخروجنا للثورة ليس عبثاً بل يحتاج إلى اكتمال هذا المفهوم لمختلف شرائح الثوار، التحرر من الحزبية والطائفية، ورفض انتهاك مسيرتنا، والتدخلات الجائرة التي تسعى لفرض القيود المتعددة لهذه الشعوب، ولكنها البذرة الأولى، أن خرجنا وقلنا: “لا “ بذرة إذا تعهدناها بالفكر المنطلق من بنية صحيحة، ورؤية للمستقبل لا الحياة التي نفتقد مختلف جوانبها، والذي يعد جانب التعليم أهم مقومات التغيير والتحرر، والتخلص من التبعية، لا التعليم التلقيني الذي نشأنا عليه! بل أبجدية تتشكل من البحث وإثارة التساؤلات في كل ما يصل إلينا، وما كنا عليه. وتتحدد إرادة الإنسان من معرفته الجادة ، معرفة القديم وأرضيته التي احتوته، وقياسه بالحاضر وأرضيته المتغيرة، وتحديد أهدافه بحيث نستطيع من خلالها أن نطوع القدر، لأننا من نصنع أقدارنا إذا امتلكنا تلك المعرفة الشاملة لمفهوم الحياة، الإنسان طاقة لا حدود لها ووظيفة الساسة قمع هذه الطاقة، بالتخدير المستمر، ووسيلة ذلك الإعلام، المطرقة المتهاوية على رأسه، وتلويث المحيط المعرفي لتلك الشعوب، فالوعي بالواقع ، والإحاطة بسير المعركة أولى خطوات نجاح الثورات.