في تعز فقط يبدوا أن المصائب لا تأتي فرادى تتزاحم فيها المعضلات والمشاكل على طول مساحتها وتتراكم حتى يخيل لنا أنها تطاول قلعتها الشامخة ؛ فمنذ إغلاق جامعتها الذي ناهز شهره الثالث لم نجد أي تحرك يذكر من المعنيين وكلا يلقي باللوم على الأخر. طلابها الذين غار صوتهم وخارت قواهم وتعددت مسيراتهم واعتصاماتهم مطالبين بإعادتهم إلى قاعات الدراسة ومناديين بتجنيب جامعتهم الصراعات الحزبية وتصفية الحسابات والتي لم تكن ضحيتها جامعتهم فحسب بل محافظتهم بالكامل. في الأسبوع الماضي تم إعلان تعز عاصمة للثقافة كان أقرب توصيف للإعلان المثل القائل «شرالبلية ما يضحك» وأي ثقافة يراد أن يحتفل بها بهكذا أوضاع مرضية تعيشها الحالمة وكيف لمريض أن يحذو ليحصل على الصحة وهو يعاني من حالة فقدان الوعي. الإحتفال جاء والمدينة تختنق بالقمامة والمخلفات في ظل إضراب عمالها مطالبين باستكمال إجراءت تثبيتهم ، إضافة إلى ظاهرة أخرى بدت تتبلور في تعز يمكن تسميتها بالقبيلة بعد أن كانت لا وجود لها في قاموس الحالمة. الرصاص هي الأخرى حاضرة يُسمع أصواتها صباح مساء في ظل انتعاش العصابات المسلحة فلا يكاد يمر ساعة إلا ونسمع عن قتيل هنا وجريح هناك ، المسيرات والمظاهرات في تعز تخرج كل يوم بعضها مُسيس وبعضها ذات مطالب حقوقية وكلها تحط رحالها أمام مبنى المحافظة التى أضحت أشبه ما تكون بسوق عكاظ يلجأ إليها كل فريق لاظهار معاناته ومشكلاته. الأطراف السياسية في تعز تتبادل الإتهامات كلا منها يلقى باللوم على الأخر مدعية أنها وحدها التي يهمها الأمر وكأن تعز أشبه بليلى التي قال فيها مجنونها وكلا يدعي وصالأ بليلى وليلى لاتقر لهم بذاكا يقول العارفون بباطن الأمور إن هذه المشاكل يقف وراءها المتضررين من الثورة الشعبية من أجل إيهام الناس أن الوضع السابق كان أفضل وأن الأوضاع هي نتاج للثورة التي خرج الناس لأجلها. هذا هو حال تعز لا تزال حالمة خوفاً من الاستيقاظ على واقعها البئيس وكانه يراد لها أن لا تستعيد عافيتها كنوع من العقاب على تصدرها المشهد الثوري لمسيرة الإنعتاق من الحكم المستبد.