فلتتوقف ماكينة الانتقاميين لتتكلم الكرة ثانية بلغة الأهلي تتوالى الهزات على القلعة الحمراء بالحالمة.. وتتفاقم الأحوال في الشأن الإداري شتاتاً وتدهوراً، وتاهت كوكبة من لاعبيه في زحمة الانشغالات للجهاز الإداري.. وحار الجهاز الفني في الكيفية والوسيلة الناجعة للوصول إلى العلاج الأنفع للحالة المرضية للفريق قبل استفحالها، وبلوغها درجة الموت السريري، الذي لاينفع معه إنعاش ولو بملايين الريالات من الدعم الذي لم يظهر أثره على الأهلي الحالمي سوى بضم لاعبين محترفين !!.. - الإداريون يتوارون عن أنظار اللاعبين والجهاز الفني ويكتفون بالمقايل واتصالات الموبايل لتحريك أنشطة هذا النادي الذي أقلق بعودته أندية النخبة ، وحير بجماهيره المراقبين، وشكل لنفسه شخصية مهابة بقيادة مجذور، الذي كان جديراً بالثقة مع مساعديه.. لكنها الأهواء والأمزجة والعواطف التي جلبت العواصف على الأهلاوية ورأينا نتائجها على شكل تهاون وتلاعب من الفريق أمام الرشيد عصر الجمعة الفائتة. - لايمكن مطلقاً الحديث عن نتيجة تلك المباراة أنها طبيعية إلا من جانب الرشيديين الذين استحقوا الفوز بجدارتهم، واستسلام بعض لاعبي الأهلاوية، وتراخي الجهاز الفني عن إحداث تغيير مبكر وكانت تلكم المباراة إنذاراً مجلجلاً بأن القادم كارثي إن لم يتم تحديد موطن الداء، وتجفيف منابع الوباء الذي اقتحم القلعة الحمراء، وأصاب جماهيرها بالأوجاع.. - قد يستعجل البعض ويقول : أنتم نفختم اللاعبين فشعروا أنهم قادرون على هزيمة كل فريق.. وأجيب.. هذا جزء من المشكلة والمرض، وليس الشق الاساسي منها، وفي اعتقادي كراصد للأهلي منذ سنوات بأن هناك من يسعى من بعيد غير مباشر، أو من قريب مباشر لإعادة هذا النادي إلى الدرجة الثانية، لأنه يتضرر من نجاح الأهلي وإدارته جميل الصريمي بصورة خاصة، وكأن السيناريو بدأ ينفذ تدريجياً منذ تطفيش مجذور وهلم جرا.. وإلا أخبروني ماالذي يجري للأهلي الحالمي ؟ ولماذا تتوالى النكسات عليه من عدة جبهات بالتناوب ؟ ومن الذي يحرك ويحيي الأزمات التي تعصف بطموح فريق عانى 13 عاماً في دياجير الدرجتين الثانية والثالثة بعيداً عن موقعه الطبيعي في صفوف الكبار ؟! تغيير ثلاثة إداريين أسئلة تتزاحم في أذهان محبي وجماهير العميد التعزي الذي أخذت تتسع معاناته، وهذه المرة كانت من بعض لاعبيه المنحدرين من بيئته ومحيطه والمولودين في قلعته.. فالذين تابعوا مباراة الأهلي أمام الرشيد يخرجون باستنتاج وحيد أن هناك رسالة خفية أراد بعض اللاعبين إيصالها إلى الإدارة الأهلاوية من خلال الاستهتار الذي كان عنواناً واضحاً لأدائهم يوم الجمعة الفائتة، وإذا ثبت تعمدهم اللعب البارد، وإحداث الهزيمة للفريق فإن الرسالة الحقيقية والطبيعية التي ينبغي أن يبعثها الجهاز الفني والإدارة لشلة المتخاذلين بأن الأهلي سيكون أفضل بدونهم، وسيصبح قادراً بتوليفة من الفريق الرديف مع المخلصين والمثابرين في الفريق، ولابد أن تكون هناك جرأة وشخصية قوية للمسئولين في إدارة الأهلي التي أصبح من الضرورة تجديد دمائها وتغيير ثلاثة منهم على الأقل ولن نذكر أحداً بالاسم لكننا نرى من وجهة نظرنا أن الإدارة بحاجة إلى تشكيل جديد لثلاثة إداريين حتى يتم اتخاذ قرارات حازمة، وتنفيذها بصرامة. شخصية الإدارة ضعيفة - ان المتتبع لمسيرة عميد الحالمة في رحلة ذهاب الدوري يمكنه الخروج بتصور موضوعي وحقيقي للأزمات المتوالية على هذا النادي العملاق، حيث غابت شخصية الإدارة، واختلط الحابل بالنابل، فلايصدر القرار في اجتماع الإدارة إلا وقد ثرثر بتفاصيله بعض الإداريين، أو تشكل في أذهان بعض أنصار الأهلي، ويتلقفه أحد أعضاء الهيئة الإدارية ثم يكون القرار صدى لفكرة في مقيل أو مقهى أو ملتقى ومن هنا أشرنا إلى ضعف شخصية وكيان الإدارة التي يمكن وصفها بقوله تعالى «وكل في فلك يسبحون».. وقول الشاعر : وكل يدعي وصلاً بليلى.. وليلى لاتعترف لهم بذاكا -مناخ مفخخ !! - إذاً.. فالداء والدواء في الإدارة التي خذلت الجماهير، وتباينت آراؤها، وأفسدت بضغوطها غير المباشرة، وفلسفتها المتعددة على الجهازين الفني والإداري، وطفشت عبدالعزيز مجذور واضطرته إلى إعلان استقالته، بعد أن بلغ ببعض الإداريين النخيط والتدخل في شئون الجهاز الفني والتضييق المالي وتعسير توفير المستلزمات للنجاح، وتأجيج الحملة ضد المدرب أولاً الذي رفض العمل في ظل ذلك المناخ الملوث والمفخخ، خصوصاً من قبل بعض الجماهير التي ارتبطت بمن ساءه النتائج الممتازة للأهلي، وراح يعبئهم تعبئة خاطئة ليطالبوا المدرب واللاعبين بتحقيق البطولة، لدرجة أثرت سلباً على اللاعبين الذين تغلغلت في نفوسهم الثقة المبالغ فيها، وظنوا أنهم سيتخطون جميع الفرق المنافسة، عقب تحقيقهم الفوز الغالي على أهلي صنعاء، الذي مر حينذاك بظروف قاسية، ثم لما تعثر الفريق في لقاءاته خارج ملعبه، قامت الزوبعة من بعض المتهورين والمدفوعين بموافقة إداريين، فكانت المحصلة انسحاب المدرب مجذور كما أشرنا. ماكينة الانتقاميين وفي الحلقة الثانية من الزوبعة المدبرة، ارتفعت وتيرة السخط المنظم على الآنسيين نبيل وعبدالرحمن، وأخذت الاتهامات المبرمجة تشير إليهما أنهما وراء مايحدث للأهلي فأعلنا انسحابهما بسلام وهدوء قبل أن تشتغل ماكينة الانتقاميين الذين يفسدون ولا يصلحون، ويدمرون ولا يبنون.. والآن يقود الأهلي المدرب عادل المنصوب الذي حاول تخطى رحلة الذهاب بكل مافيها والبدء من جديد لتشكيل صورة الأهلي في الإياب، لكننا فوجئنا في مباراة الرشيد بتشكيلة غير متزنة أمام فريق مكافح وطامح للفوز، ولم نجد قوة الأهلي ولا لعبه الجماعي، باستثناء ثلاثة لاعبين أو أربعة مع الكونغولي موتشومبا، فالطابع الفردي، والتشتت الذهني، والتخاذل والاستهتار طغى على أداء اللاعبين، وهو ما أوضحناه في بداية السطور كما أن هناك خللاً كبيراً في الفكر الذي يحمله بعض اللاعبين، إذ يتعاملون مع المباريات بمزاجية، ولو كانت هناك عواقب معنوية وعقوبات مالية من الجهاز الفني والإدارة لانصلح الحال ولرأينا فريق الأهلي بالروح القتالية والإبداع والفن والطموح والصمود حتى الرمق الأخير للمباراة.. مايعني أن الإدارة والجهاز الفني لابد أن يجتمعوا باللاعبين، ويعرفوا منهم ماالذي قاد إلى ظهورهم بصورة المتخادلين بدلاً عن الوفاء للأهلي، والذود عن مرماه، ومواصلة عروضه الجميلة والاستبسال دفاعاًَ عن الأهلي، حباً وولاءً.. استقالة مجذور والآنسي لقد وقع الأهلاوية في أخطاء فادحة تستحق من جميعهم وقفة طويلة كون القادم ينذر بالخطر المحدق الذي يمكن إيقاف وقوعه بإيقاف المسلسل الذي كانت حلقته الأولى إطلاق الحكايات الخيالية والأحلام بسحق كل الفرق المنافسة وحلقته الثانية المطالبة بالفوز بالبطولة، وشحن اللاعبين والجماهير الكبيرة بشطحات فظنوا أن الأهلي بشبابه المتحمسين قليلي الخبرة سيعيدون رسم الأمجاد في الثمانينيات فحملوا الفريق والجهاز الفني فوق طاقتهم.. وطبعاً الخيال غير الحقيقة.. والأحلام اصطدمت بالواقع ليجد الأهلي نفسه وجهاً لوجه أمام مأزق استقالة مجذور والآنسيين وهرطقة من هنا وهناك، فتلاطمت الأمواج باللاعبين، وعم القلق والاضطراب، والأنباء تتوارد بأن السيناريو سيتكرر مع المدرب عادل المنصوب الذي بدأ يتعرض لحرب شعواء قبل أن يتسلم مهامه وبعد مباراتي الهلال والرشيد اللتين انتهتا بذات النتيجة وهما الخسارتان الوحيدتان للأهلي على أرضه ووسط جمهوره. ومالا يمكن السكوت عنه اليوم أن أولويات إدارة النادي إدراك أن وضع الفريق سيء فيما هي لاتبادر إلى تدارك الحال، ورغم صرخات أنصار النادي وجماهيره الحزينة اكتفى الإداريون بتقليب كفيهم والفرجة، وأصبح موقفهم مثار سخرية واستغراب!! ولتعلم إدارة عميد الحالمة أن المرحلة التي يمر بها النادي الأهلي حساسة وحرجة، ولابد من التركيز على إعادة الروح إلى الفريق لأن لقاءاته الصعبة ستبدأ من الديربي الثاني الذي سيجمعهم بنظيرهم الصقر الخميس المقبل، ثم أهلي صنعاء الأسبوع التالي وكلاهما يبحثان عن النقاط الثلاث، وإذا سيطرت الإدارة على الموقف، وعالجت أوضاع الفريق فإننا نستطيع التأكيد من هنا بأن الأهلي مر بغفوة واستيقظ، وتعثر بكبوة وسيقف مجدداً.. وإذا تمكن الجهاز الفني من تحديد الثغرات وعمل على الاستفادة من درس الجمعة الفائتة فإننا سنرى أهلي تعز بحلة جديد، وعناصره تنتفض وتتعامل بواقعية مع استحقاقات إياب الدوري وبمسئولية، وستظهر علامات ولائهم وعشقهم للأهلي.. وتعود الكرة ثانية لتتحدث بلغة الأهلي، والجماهير تقيم احتفالاتها وأفراحها بتأمين مستقبل العميد الحالمي ليبقى في صفوف أندية النخبة إن شاء الله..