نقترب زمنياً من الذكرى الثالثة والعشرين لقيام الوحدة اليمنية في 22مايو 1990 ولكن بترتيبات احتفالية أقل من تلك التحضيرات التي بدأتها قوى الحراك لإحياء الذكرى التاسع عشرة لإعلان البيض فك الارتباط في 21 مايو 1994 وبحسب ما علمنا فإنهم سيحيون اليوم التالي 22مايو باعتباره “ يوم النكبة “ من منظور قيادات حراكية. وربما يكون مرد الاحتفاء الرسمي غير المبالغ فيه بذكرى الوحدة يعود إلى أن مذاق المناسبة كان سيكون مختلفا العام الماضي بالنسبة لكونها أول احتفالية وحدوية في عهد رئيس جنوبي, لولا الحادثة الإرهابية التي خلفت يوم 21مايو 2012 أكثر من مائة شهيد من جنود الأمن الذين كانوا يقومون ببروفة استعراضية أخيرة في ميدان السبعين بصنعاء. وبالتالي أصبح المزاج الرسمي وحتى الشعبي قلقاً مما تخبئه "خفافيش الظلام" عشية المناسبة, خصوصاً أن وسائل الأحداث والحوادث أصبحت مفتوحة الآفاق جواً وبراً وبحراً , ولم يعد تحليق أسراب من الطائرات الحربية فوق سماء العاصمة شيئاً يثير البهجة كما جرت العادة في الاحتفالات الوطنية وإنما بات كابوساً مقلقاً للناس وللقيادة المسئولة. ربما كانت تهنئة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للرئيس هادي والتي سبقت المناسبة بأكثر من عشرة أيام رسالة مطمئنة لكل وحدوي يمني يضع يده على قلبه وهو يعيش ليل نهار هاجس الدعوات والمشاريع التي تصب جميعها في خانة فك الارتباط الفوري أو على الأقل فإن أخفها وأكثرها تجملاً هي تلك المغلفة بفيدرالية من إقليمين وهي تعني فك ارتباط بطيء. ولمن يلومنا في كل مرة نشيد فيها بجهود ودعم الأصدقاء ليمن موحد ومستقر وقادر على تجاوز الفترة العصيبة وخصوصاً ما تعبر عنه الولاياتالمتحدةالأمريكية بدرجة رئيسية ثم الاتحاد الأوروبي وتالياً روسيا والصين, ندعوه إلى مراجعة دقيقة وقراءة منصفة لما يفوح من مطابخ عربية شقيقة من رائحة غير شهية ولا تعبر عن نخوة عربية أو أُخُوّة إسلامية, ولولا إرادة الله ثم وجود كابح أمريكي وأممي لوصفات شقيقة غير حميدة لكانت الأوضاع اليمنية اتجهت إلى وجهة كارثية. وإذا كان الأمر ليس جديداً بالنسبة لممارسات من أرادوا على الدوام إبقاء اليمن ضعيفاً منهكاً يستفحل فيه الفقر وتنهش ما بقي من قواه الأطراف المتصارعة والمتقاسمة داخليا والقابضة خارجياً, فإن الحقيقة التي لا يريد المتربصون باليمن الاعتراف بها هي أننا حاضراً ومستقبلاً خط أحمر بالنسبة لمصالح القوى الدولية الكبرى التي يتعزز تحالفنا معها مثلما ربطتهم بها تحالفات قوية منذ أمد بعيد. ومثل هؤلاء قد يستطيعون إطالة أمد الإرباك الذي وضعونا في دوامته منذ عقود, لكن في نهاية المطاف لن يكون بمقدورهم إلغاء وجودنا أو الحيلولة دون دخولنا العصر الأمريكي الذي نشكل بالنسبة له "ريعان شباب" بالمقارنة مع أطراف إقليمية شاخت.