«أسمع كلامك يعجبني أشوف تجاربك أستغرب»، هذه العبارة تنطبق على القوى اليسارية والقومية بلا تحفظ ولا تردد. المراقب لهم يلاحظ أنّهم حين يقفون أمام وسائل الإعلام لا يتورعون إغداقنا بألفاظ ومصطلحات تتغنّى بالديمقراطية وفق مفهومها المثالي المتطرف! يريدون أن يكونوا شركاء يمقتون الإقصاء ويهاجمون تجربة الإسلام السياسي بعد الربيع العربي بحجة أنّها إقصائية وتهدف إلى تعميق الاستحواذ والاستبداد. طبعا هم ينتقدون كل سلوك سياسي للإسلاميين بغضّ النظر عن وزنه الموضوعي وبظنّي أنّهم باتوا يفضّلون بقاء الحال على ما هو عليه أو قُل خراب البلد، يفضّلون ذلك كله، على وصول الإسلاميين للحكم. تجربة مصر ووصول الرئيس محمد مرسي تثبت ذلك، لا يرون إلاّ السلبيات ويضعون العصي في الدواليب وقد جنّدوا أنفسهم من أجل ذلك دون أدنى احترام للحقيقة. نسأل هؤلاء، ألا يرون أنّ الإسلاميين قد وصلوا الحكم بالصناديق ووفق لعبة ديمقراطية يتباكون عليها زورا وبهتانا وأصبحوا متناقضين مع أنفسهم إلى الحد الذي لا يطاق؟ هل يريدون، وهذا عته سياسي، من الفائز بالصندوق أمامهم أن يتنازل لهم أو أن يشركهم في الحكم كأننا أمام لعبة أطفال يبكي الخاسر فيتم استرضاؤه؟ هل يتناسى القوميون واليساريون تجاربهم القريبة بالأمس في سوريا والعراق وفي مصر الناصرية كم كانت استبدادية وكم قتلت من الناس وكم شوّهت من الحرية؟ والله لو أنّ الليبراليين هم من ناكفوا الإسلاميين وضمن المساق الاجتماعي لتفهّمنا الأمر ولتقبّلنا لكن أن يتكلم المجرب بهذه الروح الكاذبة، فهذا ظلم وتجنّي. الإسلاميون في كل مكان تغيّرت فيه أنظمة الحكم لم يتولّوا السلطة إلاّ بالصناديق ووفق أرقام محددة تجيزها اللعبة الديمقراطية ولم ينقلبوا في أيّ مكان على الشرعية أو تداول السلطة. كفى تراقصا وتهليلا لمفاهيم بالية ولحجج تافهة، فيا أيها اليسار الميدان هو الشعب أم أنّ تاريخكم لم يعد له مستقبل هناك في الحواضن الشعبية؟ مرة أخرى اليسار اليوم مضطرب وهو في معظم أقانيمه اقترب من الفكر التكفيري، فهو لا يقبل إلاّ بنفسه وصيا على الناس. العقل والمنطق واضحان في فهم الديمقراطية، إنّها حكم الأغلبية، من يفوز من خلال الصندوق، وهي تضمن احترام رأي الأقلية حتى تحمي تداول السلطة، وهنا يجب أن يتوقف الجميع عن الهذر.