في إحدى دورات معرض صنعاء الدولي للكتاب مطلع الألفية، كنت أتجول بين أروقة المعرض، ثم التقيت بشاعر صديق يتحدث إلى مسؤول إحدى دور النشر العربية المرموقة.. قال الشاعر الصديق للناشر الذي كان واقفا أمام جناح دار النشر ضمن كلام كثير: "لقد كفرني رجال الدين في عشرين مناسبة، وأنا مهدد بالقتل من قبل المتطرفين"…ثم انصرفنا واصلت معه الجولة في أروقة المعرض.. ثم خرجنا بعدها، وفي الطريق قلت له: متى تم تكفيرك عشرين مرة؟ وعلى أي قصيدة؟ قال لي بسبب قصيدتي: "…". قلت له: لقد قرأت قصيدتك عدة مرات، وسمعتك تقرأها مرات ومرات، ولم أجدك فيها أصلا تتعرض للمقدس، فأين هي فتوى تكفيرك، كي نتضامن معك؟ قال صدرت الفتاوى في أكثر من مناسبة، في بعض الصحف. قلت: أنا اكتب من زمان في ملاحق صحيفتي الثورة والجمهورية وغيرهما. وأتابع الإصدارات الأدبية وأصداءها، ولم أسمع أن أحدا كفرك. قال بعد أن أعيته الحيلة: سمعت أن بعض الخطباء كفروني على المنابر يوم الجمعة.. قلت: من؟ وفي أي المساجد؟ لم يرد شاعرنا بغير قوله مازحا: كنت اقنع فلان (صاحب دار النشر)، بطباعة ديواني الشعري الأخير، وذكرت له جودة القصائد وجرأتها، وحليت الموضوع بحكاية "التكفير"، كي يتحمس لطباعة الديوان، "كن بطل نغبشة".. لا يعني ذلك بالطبع أن أحدا من الشعراء لم يكفر في اليمن، غير أن الإشكال كما يكمن في التكفير، يكمن كذلك في لعب دور "ضحية التكفير" من أجل الشهرة.. كذلك فإن المبدعين الكبار الذين تم بالفعل تكفيرهم من قبل، لا يذكرون حكايات تكفيرهم.. ولا يسعون للشهرة من ورائها.