رش جون كيري وزير الخارجية الامريكي المزيد من الملح على الجرح السعودي الملتهب عندما امتدح الرئيس بشار الاسد والتزامه الواضح والجيد بتنفيذ اتفاق تدمير الاسلحة الكيماوية السورية، وهو الاتفاق الذي تم من خلف ظهر السعوديين، وتطور الى حوار ايراني امريكي بلغ ذروته في المكالمة الهاتفية التي استعرقت 15 دقيقة بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ونظيره الايراني حسن روحاني. منتدى الصراع المتخصص في شؤون الشرق الاوسط وصف في تقريره الاخير العلاقة السعودية الامريكية المتوترة خير وصف عندما قال "ان السعودية تركت لوحدها على حلبة الرقص، بينما ذهب الشريك الامريكي مع فتاة اخرى (اي ايران)" ولخص المنتدى الازمة السعودية الامريكية في ثلاث نقاط: 1 الخلاف حول مصر حيث ايدت السعودية الانقلاب العسكري وتحفظت عليه واشنطن. 2 الخلاف حول اتفاق تدمير الاسلحة الكيماوية السورية الذي اعطى الاسد شرعية وتم من خلف ظهر السعودية. 3 الحوار الامريكي الايراني الذي يشكل كابوسا للسعوديين ويمكن ان يتمخض عن تقاسم نفوذ في المنطقة على حسابهم. المشروع السعودي في سورية والمنطقة كلها يقف على حافة الانهيار حسب مراقبين غربيين، ولهذا تعمل السلطات السعودية من خلال تكوين الجيش الاسلامي الذي يضم اكثر من خمسين تنظيما اسلاميا "معتدلا" على تخريب اي اتفاق امريكي روسي، ولا يستبعد هؤلاء ان تسلح السعودية هذا الجيش بصواريخ مضادة للطائرات على عكس الرغبة الامريكية لتغيير موازين القوى العسكرية على الارض في غير صالح النظام السوري. السعودية سيطرت على الائتلاف الوطني السوري ممثل المعارضة السورية، وعينت حليفها احمد الجربا رئيسا له وكسرت شوكة هيمنة الاخوان المسلمين فيه لصالح حلفائها الليبراليين، وقلصت النفوذ القطري الى ما يقرب الصفر داخل الائتلاف، ولكن هذه السيطرة لم تعمر طويلا عندما ردت تركيا حليفة قطر على هذا التصاعد في النفوذ السعودي بتحريض الجيش السوري الحر على سحب اعترافه بالائتلاف، وايعاز قطر لجماعات اسلامية تدعمها بفعل الشيء نفسه، الامر الذي اغضب القيادة السعودية. ويلخص وزير خارجية عربي تحدث ل"راي اليوم" خطأ السعودية الاكبر في تصادمها مع تركيا، وحصر جميع انشطتها وتحركاتها في الملف السوري عبر البوابة الاردنية، وهو خطأ يتحمل مسؤوليته الامير بندر بن سلطان رئيس جهاز الاستخبارات السعودي والمسؤول الاول والاخير عن الملفين السوري والعراقي حسب الجناح المعارض له داخل القيادة السعودية. المقربون من الامير بندر بن سلطان يقولون عكس ذلك تماما، ويشيرون الى انه عندما تولى هذا الملف كان الدور السعودي ثانويا في سورية بينما القطري في المقعد القيادي، الآن انعكست الصورة تماما، وهذا انجاز كبير. السعوديون، وحسب تقارير غربية، يستعدون لاجراء تغييرات كبيرة وهجوم معاكس اكثر شراسة في الملف السوري، بعد ان تخلت عنهم الادارة الامريكية وطعنتهم في الظهر، ولذلك من المتوقع ان تشهد البوابة الاردنية نشاطا مكثفا على صعيد ارسال شحنات اسلحة متطورة للجيش الاسلامي يشرف على توزيعها ومرورها الامير سلمان بن سلطان شقيق الامير بندر ومساعده الذي يتخذ من العاصمة الاردنية مقرا له. السعودية تريد ان تجعل من الجربا "سيسي سورية" وتعتقد انها يمكن ان تكرر تجربة نجاحها في مصر، خاصة ان الجيش الاسلامي الذي اسسه يمكن ان يكون جيشا سوريا مصغرا يلعب دور نظيره المصري. انها مقامرة سعودية كبرى من الصعب التنبؤ بنجاحها بسبب تعقيدات الملف السوري.