يعتبر العنف المدرسي هو العامل الرئيسي في اضطراب شخصية الطالب , مما يؤثر عليه سلباً في تعامله مع الناس وسلوكه حتى عند كبره , كما يواجه الكثير من الاضطرابات النفسية جراء ذلك العنف الذي تعرض له في المدرسة أو غيرها. لا يخفى على أحد العنف والضرب والتهديد والوعيد الذي يتعرض له الطالب في المدارس اليمنية وخاصة الحكومية إذا أحدث أي تقصير , حتى وإن لم يقصر أحياناً فهو يتعرض لهذا العنف بسبب أن المعلم يأتي من بيته ومزاجه معكر ليصب جل غضبه على الطالب البريء الذي أتى ليتعلم العلم لا ليتعلم فنون المصارعة والصياح ورفع الصوت واستخدام العصا والخيزران وأنواع العنف المختلفة التي يبدع في اختيارها بعض المعلمين الذين جعلوا من العنف ضد طلابهم رفيقاً لهم في المدرسة . إن العنف الزائد والضرب المبرح الذي يستخدمه الكثير من المعلمين في المدارس وخاصة الحكومية تجاه طلابهم وخاصة الأطفال لا يربي الأجيال ولا ينفعها إيجاباً بل يضعف شخصياتهم في المستقبل , ويجعلهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ويفقدهم الكثير من الأشياء التي يتمتع بها الطفل وحتى الشاب عندما يكبر كاللعب مع بقية الأطفال بحرية أو إصدار أي رأي أو صنع أي قرار ويجعلهم دائماً يعيشون الوحدة ويعشقونها فلا يلتحمون بالناس مما يولد لديهم حالات نفسية مستعصية أحياناً بسبب العنف الذي تعرضوا له وهذا ما لم يدركه معظم المعلمين في المدارس أو حتى الأب والأم في البيت من متابعة ولدهم وما يتعرض له من عنف وضرب في المدرسة . لطالما تكررت هذه العبارة (العصا لمن عصى) كثيراً على أفواه بعض المعلمين لكننا نجدهم يستخدمونها في غير موضعها فهم يقولون هذه العبارة وينزلون جل غضبهم وعقوق (خيزرانهم) على أطفال وطلاب لا يعرفون المعاصي ولا كيف تكون فينهال المعلم عليهم بالضرب حتى يشعرهم بأنهم قد ارتكبوا معاصي لا ناقة لهم بها ولا جمل بدون أي تفكير أو احترام لمشاعر الطالب وما سيخرج به الضرب من نتيجة غير إيجابية .. الضرب المبرح الذي يواجهه الطالب من أستاذه لا شك ولا ريب بأنه يجعل الطالب يفكر بل ويستنتج بأن العلم هو مجرد عصا وضرب وشتم وإهانة وتشهير أمام بقية الطلاب وليس حب واحترام وتقدّم وإبداع وابتكار ليصنف الطالب العلم بأنه العدو اللدود والخصم الذي لا يمكن الإقتناع به ومحاولة التخلص منه بأي طريقة حيث أن الأستاذ لا زال يستخدم عقلية القرن العشرين قبل الميلاد ظناً بأن الضرب هو الحل الأوحد الذي لا سواه مع الطالب الذي لا يجتهد وهنا تكمن المشكلة التي يتحمل عبأتها الطالب المحروم من التعلم بالشكل الصحيح .. عند دخولك إحدى المدارس الحكومية في اليمن وملاحظة ما يجري فيها من تطاول على الإنسان يجعلك ذلك تسأل نفسك سؤالاَ وبكل جدية : هل أنا في مدرسة تعطي العلم وتبني صروح المستقبل وتربي أجيال الغد أم في ميدان تعزير تابع لمحمكة ؟؟ نعم هذا ما يحصل وبكل تأكيد كون بعض المدرسين يُعتقد بأنهم قد أخطاؤا المسير فتعاملوا مع طلابهم كمجرمين أو قطّاع طرق عندما تلاحظ مدى الضرب والتعامل مع أجساد الطلاب فترى وكأنهم يتعاملون معه كحبوب القمح أيام (المواسم) والصراب أو الحصاد .. فتفتكر بأنك أمام جلاد ينفذ حكم الله في تجاوز الحد .. بعض المدرسين يسعون جاهدين إلى أن يزرعوا شعوراً شاذاً في نفوس طلابهم من خلال استخدام كلمات لا تليق لا بهم ولا بالطالب مما تُشعر الطالب بأنه مجرد أداة يُرمَى عليها أفضع الألفاظ من قبل من يسمون أنفسهم ب (مربو الأجيال ) ولو شعر الطلاب وخاصة الذين في الإبتدائية معنى هذه الكلمة لتبرؤوا من بعض مدرسيهم من أول لقاء لما يقومون به من تعامل لا يليق بمعلم تجاه طالبه الذي أتى ليتعلم صناعة المستقبل في أزهى صورة .. لا أحد ينكر دور المعلمين في صناعة الأجيال وزرع الأفكار الصحيحة في أذهانهم ومجهودهم اللا محدود في إنتاج عقول ستسعى يوماً من الأيام إلى قيادة وبناء المجتمع الذي يعيشون فيه , فالمعلمين هم الشريحة الراقية في المجتمع وهم من يتحملون أكثر الأعباء كونهم مسئولين عن مستقبل أوطان وعن تربية أجيال سيُعتمد عليها في القادم القريب , فإذا جد المعلم وأخرج شيئاً طيباً انعكس ذلك على أداء الطالب عندما يصبح مسئولا عن أي شيء , وهذا أقل ما نقوله عن المعلمين المتميزين الذين هم موجودين وبفوة , إنما الذين ذكرناهم في السابق , وقد يكونون الأقلية وهم الذين يعتقدون بأن العلم يصل إلى الطالب عبر الإهانة والضرب المبرح والعنف واستخدام الألفاظ التي لا تليق بالطالب ولا حتى بالمدرس نفسه .. يأتِ الأب إلى المعلم ويحاول معرفة سبب العنف الذي يستخدمه بعض المعلمين ضد الطلاب , فالبعض يجد المبررات ويقنع الأب بأن ولده يستحق ذلك بطريقة أو بأخرى وهذا إن دل فإنما يدل على اعتراف المعلم بذنبه وقد يقلع عن ذلك إنما البعض يكتفي بإظهار صورة ساخرة أو غاضبة ويقول في وجه الأب : هذا عملنا ونحن أعلم وأدرى به .. وكأنه عمل وبيع وشراء وليس أخذ وعطاء بين الطالب والمعلم وتبادل معلومات .. وهذا ما يقف دائماً حجر عثرة أمام الإبداع والتميز الذي ننشده .. إن استخدام العنف مع الطالب قد يجر المدرس والمدرسة أحياناً إلى التعرّض للمشاكل وإدخال المدرسة والكادر التربوي في مشاكل لا حل لها وقد تصل إلى سفك الدماء أحياناً وهذا ما قد تم وحصل في فترات متفاوتة في يمننا الحبيب فبعض الآباء لا يحتملون مجرد رفع الصوت على أبنائهم فما بالكم بالضرب المبرح الذي يستخدمه بعض المعلمين مما يثير غضب الأب فيأخذ سلاحه وكأنه ذاهب لقتال العدو في المعركة .. فهذه المشاكل التي تنتهي بالدم أو الوصول إلى مشاكل أكبر وتعقيدها من يصدّق بأن سببها هو العنف المدرسي والتهوّر الذي لايباليه بعض مربو الأجيال الصاعدة والذين نستأمنهم على إخواننا الطلاب ؟ لا شك ولا ريب بأن هناك من الطلاب من يحاول إثارة المعلم واستفزازه بأي طريقة من خلال عدم إحضار الواجب أو إحداث فوضى داخل الفصل أو أي شيء وهذا ما يجعل بعض المعلمين يفقدون السيطرة على أعصابهم .. لكن على المعلم أن يكون أكثر عقلانية وأن يعرف كيف يتصرف مع هذه الحالات الشواذ والتي قل ما تتواجد في المدارس وأن يتعامل معها بما يجعلها يوماً من الأيام تكف عن هذه الإستفزازت وتتحول من شخصيات مستفزة إلى شخصيات أكثر اهتمام وحب وتعاون مع المدرسة والمعلم بعض المعلمين يوجع طلابه ضرباً ويشارفهم على حدود الموت أو غياب الوعي ويستخدم كل قواته الموجعة في الطالب , وإذا أتى أحداً ليراجعه أو ينصحه يقول : يحمدوا الله نحن أيام الدراسة لاقينا أكثر من هذا الضرب .. وكأنه وُضع لينقم أو ليُرد ما لاقاه من ضرب وليس ليعلِّم التلاميذ العلم الذي أتوا من أجله والذي أيضاً تعب الأب والأم من أجل أن يتحصله ولدهم , ليواَجه بالانتقام بسبب أن معلمه تعرض لضرباً مبرحاً أثناء دراسته ويعاقب على ذنب لم يرتكبه وليس له فيه أي دخل .. على وزارة التربية والتعليم وضع حل لهذه الظاهرة أو على الأقل سن قانون يجرم بل ويحرم العنف المدرسي داخل المدراس لأي سبب وإيجاد بديل مناسب للتعامل مع الطلاب الذين يتوجب عقابهم بعيداً عن استخدام العنف اللفظي أو الضرب المبرح الذي يتهرب معظم طلاب المدارس من الإلتزام بسببه .. وعليها كذلك إقامة دورات تُعلِّم من خلالها المدرسين كيفية التعامل مع الطالب وإيصال المعلمومة إليه وجذبه وزرع فكرة حب العلم والتعلم في ذهنه حتى لا يصبح منحرفاً أو يحمل فكرة مغلوطة عن العلم وعن المدارس وعن المعلمين الذين يبذلون كل مجهود من أجل الطالب .. إحصائيات وفيما لا تتوفر إحصائية دقيقة حول نسبة العنف الممارس في المدارس إلا أن العديد من الدراسات لمنظمات ومؤسسات اجتماعية تتفق على أن نسبة العنف ضد الأطفال في المدارس عموما لا تقل عن 80 بالمائة . وبحسب دراسة ميدانية نفذها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة شملت مدارس محافظات الأمانة وصنعاء والحديدة في الحضر والريف فان العقاب هو الأسلوب السائد في التعامل وبنسبة 7 ر81 بالمائة، في حين ترتفع نسبة من قالوا بسيادة أسلوب التربية العقابية في مدارس الحضر إلى 6 ر 85 بالمائة مقارنة بمدارس الريف 1 ر78 بالمائة . وحصرت الدراسة أنواع العقاب الممارس في الضرب بالعصا الأكثر شيوعا وبنسبة 65 بالمائة ، يليه العقاب بالتوبيخ بنسبة 5 ر6 بالمائة، والعقاب بالوقوف في الفصل بنسبة 6 بالمائة، مشيرة إلى أن الذكور يمثلون الأكثر تلقيا للضرب بالعصا من الإناث اللواتي يتعرضن للتوبيخ بشكل كبير . فيما تتركز التأثيرات الناتجة جراء تعرض الأطفال للعقاب وفقا للدراسة على الشعور بالغضب بنسبة 18بالمائة ، والشعور بالحزن بنسبة 8 ر6 بالمائة الرغبة بالانتقام بنسبة 3 ر5 بالمائة ، في حين ترتفع نسبة الشعور بالإحباط لدى الإناث . وأخيرا يجب على المدرسين وخاصة العاملين في المدارس الحكومية كون طلابهم أكثر الطلاب تعرضاً للعنف يجب عليهم أن يعوا معنى العلم والتعليم وأن يقدروا الطالب مهما كان سنه أو عمره وأن يتعاملوا معه كإنسان يجب أن يتعلم ويفهم ويخطئ ويصيب لا كحيوان متى أخطأ حتى وإن كان غير قاصداً تسابقت عليه الضربات والإهانات بل إن بعض المعلمين يستخدمون أياديهم للضرب على أوجه الطلاب وهذا ما يشكل خطراً كبيراً في بناء شخصية الطالب وإخراج جيل واعي وواثق من نفسه قادراً على قيادة المجتمع الذي سيكون فيه, ومناقشة ما يجب مناقشته . كون جيل اليوم هو أمل الغد فيجب أن يعرفوا قدر المهمة التي أوكلت إليهم والأمانة التي تحملوها وهي إخراج جيل راقي وواعي وقوي يستطيع الحفاظ على دينه ووطنه ولا يخفى عن بالهم بأن الطلاب الذين هم اليوم بين أيديهم هم من سيكونون رؤسائهم وأطبائهم ومهندسوهم وعامليهم في المستقبل القريب إن شاء الله .. فأحسنوا البناء والتربية تجدون حصاداً لائقاً بما قدمتموه ..