منذ إندلاع الثورة السورية ضد النظام السوري في آذار العام الماضي، سعى الرئيس السوري بشار الأسد إلى مواجهتها وإطالة أمد حكمه عبر 5 تكتيكات، منها تحويل الثورة إلى حرب طائفية تختلف شروطها وتداعياتها عن سائر الثورات في دول الربيع العربي، بحسب صحيفة بريطانية. وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية أمس الخميس إن نجاح "المعارضة" في إحراز العديد من نقاط التقدم في صراعهم ضد نظام الأسد لا ينفي قدرة الأخير المتجددة على القتال. وحدد التقرير 5 تكتيكات سعى النظام السوري من خلالها إلى الاستمرار في الحكم، رغم تواصل الثورة السورية لأكثر من عام ونصف، وتصاعد توقعات سقوط نظام الأسد بل والحديث عن سيناريوهات ما بعد رحيله. وتمثلت تكتيكات الأسد فيما يلي: أولاً: منذ إندلاع الثورة سعى نظام الأسد إلى قلب الصراع السياسي ضد حكمه إلى صراع طائفي يستغل فيه الأواصر العرقية والطائفية التي قامت عليها شرعيته، خاصة وأن مفاصل الجيش النظامي السوري تعكس قوة تلك الأواصر حيث تسيطر عليه القلة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس. ويرى التحليل أن إطالة أمد الأزمة يرجع إلى فشل المعارضة في كسر التلاحم بين نظام الأسد والأقلية العلوية التي يستند إليها، خاصة وأن المقاومة السورية لا تتسامح مع الأقليات غير العربية السنية مثل الأكراد والمسيحيين والعلويين،بحسب التقرير الغربي. ثانيًا: حاول نظام الأسد تصدير الأزمة السورية إلى دول الجوار التي تعاني صراعات طائفية ممتدة، مثل سحب القوات النظامية من المدن الكردية على الحدود مع تركيا وتسليمها إلى حلفاء حزب العمال الكردستاني في الداخل السوري في محاولة للضغط على تركيا. كما قام النظام السوري بتصدير الأزمة خارجيًا بإنتهاج أساليب أكثر قمعية ضد المدنيين بما دفع بأعداد ضخمة منهم إلى اللجوء لدول الجوار، خاصة تركيا والأردن، اللتين حذرتا مؤخرًا من قرب انقضاء طاقتهما الاستيعابية لاستقبال مزيد من المهاجرين. وعلى الحدود اللبنانية، أدى توافد الآلاف من المهاجرين السنة إلى تغيير التوازنات السياسية خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة حزب الله . وتهدد سياسة تصدير الأزمة إقليميًا بتحفيز البلدان المتضررة على حل الأزمة عسكرياً، بحسب ما جاء في التقرير. ثالثًا: راهن نظام الأسد على تفكيك المعارضة وعجزها عن تكوين رؤية استراتيجية، فعلى الرغم من دعم فرنسا وتركيا السياسي، فشل المجلس الوطني السوري في استقطاب القوى المعارضة غير المسلحة على الأرض، إلى جانب العديد من التشكيلات التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر. وبالإضافة إلى إفتقاد غطاء سياسي منظم، فإن تشتت قوات المعارضة المسلحة وعدم توحدها يؤدي إلى اتخاذ قرارات إنفرادية، وهو ما أدى إلى فقدان بعض التأييد الشعبي في حلب أثناء المعركة الأخيرة، بينما يحقق المقاتلين الإسلاميين ظهورا إعلاميًا متزايدًا. ويهدد تشتت قوى المعارضة المسلحة احتمالات كسب تأييد بعض القوى المعارضة أو المحايدة للأسد بحيث يصبح هم الغالبية العظمى لأن هدفهم إنهاء الصراع بغض النظر عن نتيجته. رابعًا: لعب نظام الأسد على خلق إنقسام بين المنافسين الاستراتيجيين على الصعيدين الدولي والإقليمي، واعتبر التحليل أن فشل النظام الدولي في التعبير بصوت واحد عن الأزمة السورية أحد أهم تكتيكات الأسد لإطالة الأزمة الطائفية. فتصميم موسكو وبكين على منع النفوذ الغربي من قلب أنظمة الحكم خارج مجالها الجيو-ستراتيجي، حول الصراع الطائفي في الداخل السوري إلى أزمة دولية تتصارع فيها إيران والسعودية في حروب بالوكالة على ساحات المعارك في أفغانستان ولبنان وأخيرا سوريا. خامسًا: تناقض سيناريوهات المعركة الأخيرة، فرغم تواتر سيناريوهات ما بعد سقوط الأسد في الدوائر الغربية والتي تركز على بقاء سوريا إقليمًا موحدًا لجميع الطوائف الدينية والعرقية، يسعى الأسد إلى تكرار سيناريو تفسخ يوغوسلافيا في التسعينيات وبدأ سلسلة من النزاعات الطائفية تطول المنطقة بأكملها وتسفر عن "لبننة" الداخل السوري لعقود تالية، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي شهدتها لبنان واستمرت سنوات طويلة.