ما من أدنى شك بأن دعم الصراع الداخلي بين اليمنيين يمثل منذ عام 1933م ومرورا بعام 1948م إحدى أهم المرتكزات الثابتة والمبادئ الاساسية في سياسة المملكة العربية السعودية مع اليمن ولا خلاف بأنها تنفذ ذلك الدعم منذ مراحل تاريخية عبر "لوجستيات" متعددة وأشكال دبلوماسية مختلفة تمارس من خلالها سياسة فرق تسد في اليمن باحتراف ومهنية عالية من أجل بقاء اليمن في دائرة الضعف فلا تصل اليمن إلى مرحلة انهيار كامل و لا تشهد نهوضاً شاملاً وإنما تظل الحالة السياسية اليمنية ضعيفة غير قادرة على إصلاح أوضاعها الداخلية حتى أنه لا يوجد دولة في العالم باستثناء المملكة لديها "فيتو دائم" ضد تقدم اليمن وازدهارها وما يثير الدهشة والاستغراب في لغز ذلك الفيتو الغير مبرر أن الرياض الداعم الاول لليمن في تناقض غريب فهي وراء كل مصيبة ضد اليمن ثم تكون في مقدمة كل غارة في دعم اليمن كأنها "حية" تلدغ وتمارس الرقية إلا انها في الحرب الجارية حاليا بين الحوثيين و السلفيين لم تظهر من بين "المغورين" ؛ وذلك خلافا للحرب السابقة التي دارت بين الطرفين في منطقة دماج كانت المملكة حريصة على السلفيين قدر حرصها على الحوثيين لذلك استخدمت أدواتها وبذلت جهودها لوقف الحرب الاولى وساعدت حينها على فك الحصار على دماج وعالجت الجرحى ثم دفعت مبالغ مالية لنجاح الوساطة بين أطراف النزاع. بيد أن موقفها تغير شكلا ومضمونا في الحرب الراهنة بين الحوثيين والسلفيين, حيث طرأ تغير واضح في سياسة المملكة وبدأت في الظاهر وكأنها بمعزل تام عن التدخل ولا تدير الصراع في اليمن لكن في الحقيقة والواقع ان ذلك التغيير يرجع إلى ترتيبات سبق وان أجرتها مع الحوثيين بغض النظر عن نتائجها وكأن المتأمل لسياسة السعودية وموقفها من الحربين الاولى والثانية يلاحظ ان جهودها في الحرب الاولى عندما كانت مع السلفيين نسبيا على صلة بإشعال الحرب الثانية بعد اتفاقها مع الحوثيين نسبيا وفي كلا الحالتين فإن الهدف تكريس الصراع بين اليمنيين وإعادة إنتاج السياسة الخارجية البريطانية إبان احتلالها للمحافظات الجنوبية القائمة على نهج فرق تسد في تعاملها مع الحالة اليمنية وهو نفس النهج الذي تقوم به السياسة الخارجية للملكة العربية السعودية في اليمن خاصة والمملكة المتحدة البريطانية لها إسهامات بارزة في نشأة تلك المملكة.