حذر ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة من أن نهج الولاياتالمتحدة الذي يتسم ب"الشيزوفرينيا" (الانفصام) في الشرق الأوسط قد يدفع بعدد من الدول العربية الرئيسية إلى الاتجاه نحو إقامة علاقات أوثق مع روسيا, التي أثبتت أنها حليف "يمكن الاعتماد عليه" من خلال الوقوف إلى جانب حليفها النظام السوري في الأزمة. وفي مقابلة مع صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية الصادرة أمس, حذر الأمير سلمان من أن إدارة الرئيس باراك أوباما ستخسر نفوذها في المنطقة إذا ما واصلت سياستها الخارجية التي وصفها ب"الموقتة" القائمة على "رد الفعل". وفي إشارة إلى أسلوب تعامل إدارة أوباما للأزمة الأخيرة الخاصة بالأسلحة الكيماوية في سورية, والذي سمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأخذ بزمام المبادرة , قال الأمير سلمان إن بعض الدول تعيد النظر بجدية في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة, وان "الروس أثبتوا أنهم أصدقاء يعتمد عليهم", في إشارة إلى التدخل الروسي الحاسم الذي حال دون شن الدول الغربية أي عمل عسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وأوضح ولي العهد البحريني أنه نتيجة للسياسات الأميركية "بدأت بعض دول المنطقة بالفعل تبحث تطوير المزيد من العلاقات متعددة الأطراف بدلاً من الاعتماد على واشنطن فحسب", مضيفاً "يبدو أن الأميركيين يعانون من الشيزوفرينيا عندما يتعلق الأمر بالعالم العربي". وأكد أن السياسات الأميركية في الآونة الأخيرة بشأن قضايا المنطقة جعلت الكثير من الدول العربية تشكك في مدى إمكانية الاعتماد على الغرب في حماية مصالحها, مضيفاً "لا يمكن للولايات المتحدة أن تجلس عن بعد وتتكرم بإصدار الأحكام, فهي تحتاج إلى شركاء وأصدقاء حتى تحقق أهدافها". واشار إلى أن البحرين هي واحدة من العديد من الدول الخليجية التي أغضبتها دعوة إدارة أوباما إلى تنحي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك قبل ثلاث سنوات, في أعقاب الاحتجاجات الواسعة النطاق, على الرغم من أنه كان حليفاً قوياً موالياً للغرب على مدى 30 عاماً, معتبراً أن هذه الخطوة مثال على طبيعة السياسة الأميركية "الموقتة والتفاعلية". وأضاف ان "المشكلة هي أن السياسة في أميركا تعمل على مدى دورتين انتخابيتين, وليس لديها تخطيط بعيد المدى", في إشارة إلى التناوب بين الجمهوريين والديمقراطيين في تولي السلطة بالولاياتالمتحدة. وتعكس مواقف الأمير سلمان أزمة الثقة التي تمر بها العلاقات بين الولاياتالمتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. وخلال منتدى حوار المنامة الذي استمر ثلاثة أيام في العاصمة البحرينية واختتم أعماله أول من أمس, حاول وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل أن يطمئن دول الخليج مؤكدا استمرار الوجود الاميركي في المنطقة بالرغم من الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. لكن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني أكد أنه يتعين على دول الخليج الا تعتمد على الآخرين لضمان أمنها, في اشارة الى الولاياتالمتحدة. وقال خلال المنتدى ان "دول المنطقة عليها ان تعي أن أمنها وسلامها لا يقومان على الاعتماد على الآخرين", و"الأمن الوحيد المضمون هو الناجم عن التكامل والتوحد بينها". وأضاف إن "جميع الامم ادركت ان التبعية العمياء لأي قوى عالمية لم تعد مبررة او مقبولة … ومن الواجب ان تكون دول الخليج هي من ترسم مستقبلها بأيديها". من جهته, دعا الأمير تركي الفيصل, الذي عمل في السابق سفيراً للسعودية في لندنوواشنطن ومديرا للمخابرات, إلى إشراك دول مجلس التعاون الخليجي مستقبلا في المفاوضات مع ايران بشأن ملفها النووي الى جانب الدول الكبرى. وعن محاولات إيران المعلنة للتقرب من دول الخليج, اشار الامير تركي الى وجود ما يعتبره توزيعاً للأدوار بين طهران وحلفائها الاقليميين. وقال في هذا السياق "لا شك اننا نواجه الابتسامة العريضة للقيادة الايرانية في توجهها في الخليج لكن في نفس الوقت رجل ايران في لبنان (الامين العام لحزب الله حسن نصرالله) يتهم السعودية بتفجير السفارة الايرانية في بيروت", معتبراً أنه "لا بد ان تتخذ ايران اجراءات قبل ان نحكم هل هي تبتسم أم تكشر عن انيابها, وأهم الاجراءات عدم التدخل في شؤون الغير".