دعا باحث إيراني في الشؤون الاستراتيجية إلى التقارب بين إيران والسعودية، مبيناً أن المشكلات يمكن حلها. وطالب الدولتين بالأخذ على أيدي من وصفهم ب «الغوغائيين» من الجانبين، معتبرا ذلك واجبا عليهما. وقال حميد رضا دهقاني سفير الجمهورية الإسلامية ومندوبها الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي في جدة ،الذي شدد على أنه يتحدث بصفته الشخصية وليس الرسمية، إن هناك شطرين للخليج شماليا وجنوبيا، مخاطباً الخليجيين : «نحن معكم، أنتم تقولون شروطكم ونحن نقول شروطنا، لا مشكلة». وجاء حديث دهقاني على هامش ندوة أقامها مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية في جدة عن «المبادرة الخليجية لليمن» ألقاها السفير علي العياشي القنصل العام اليمني في جدة، وأدارها الدكتور أنور عشقي رئيس المركز. وفي رده على سؤال الدكتور عشقي حول موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية من اتحاد دول الخليج وكذلك المبادرة الخليجية في اليمن، أجاب دهقاني : «أشقاؤنا وجيراننا العرب خصوصا في غرب إيران – العراق وسورية – وكذلك اليمن، طوال سنوات وجود حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان هدفه الوحدة بين الأمة العربية وشعاره أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، مع الأسف تجربتهم لم تكن موفقة، ونستطيع القول إنها مريرة» ، بحسب صحيفة «الإقتصادية» السعودية. وأضاف السفير دهقاني: «لست من الذين يجاملونكم، لست مع الذين يوافقون على أن هناك أربعة من جيرانك يجلسون ويديرون ظهرهم إليك ويتحدثون مع بعض، مجلس التعاون الخليجي هناك شطر شمالي وهناك شطر جنوبي، نحن إذاً معكم، أنتم تقولون لنا بعض الشروط ونحن لدينا بعض الشروط لا مشكلة، كشخص لست موافقا، إذا كنتم تريدون التكهن فإنه صعب». وأردف : «نحن ندعم التقارب بين الإخوة في إيران والسعودية دعما كاملا، نحن مع الإخوة في السعودية حتى في ظل وجود مشكلات بيننا، ينبغي ألا نترك مجالا للشيطان لأن الشيطان في التفاصيل، نحن مع تقارب وحوار ومسار مشترك مع الإخوة في السعودية تماما». واستطرد : «حتى لو وجد بيننا وبينكم أشخاص غوغائيون ولديهم فكر فوضوي ينبغي أن نأخذ على أيديهم». ولخص مندوب إيران في منظمة التعاون الإسلامي علاقة الجمهورية الإسلامية بالعرب وأهل السنة بأبيات شعرية فارسية ترجمها بقوله: «إذا أنت في اليمن ولكن قلبك معي أنت لست في اليمن أنت معي، ولكن إذا أنت موجود معي ولكن قلبك ليس معي أنت في اليمن، ولكنني أنا معك أيتها المحبوبة موقفي معك في حالة من التحير بأنني لا أعرف أنني أنت أو أنك أنا». من جانبه اعتبر الدكتور أنور عشقي أن السفير دهقاني راعى الجانب المكاني والقيمي في إجابته، مشيرا إلى أن الجانب المكاني أن إيران تريد أن تكون ضمن هذه الوحدة أو على الأقل ألا يدير الخليجيون ظهورهم لها. وقال عشقي : «وأما الجانب القيمي يتكلم عن عملية الوحدة وأن يكونوا معنا، هذا كلام صحيح، لكن الجانب المكاني مرتبط بالجانب الآخر، بمعنى لا نستطيع التعامل مع الجيران إلا إذا وحدنا صفوفنا، ومن أجل توحيد صفوفنا لا بد من تقبل الآخر، أو على الأقل نتقبل بعضنا». وأشار إلى أنه سعد كثيراً عندما صرح أحد رجالات الرئيس روحاني قبل يومين بأنه لا بد من إعطاء السنة حقوقهم كما يعطى الشيعة حقوقهم. وزاد عشقي : «أرجو أن أراه على الأرض لأن عدم إعطائهم الحقوق ظلم وإذا تمادى قد يكون هناك انفصال في إيران وهو أمر ليس في صالحنا نحن لأن إيران دولة مسلمة». ورأى أن إيران أيقظت أفكارا قديمة منذ أيام داريوس الأول عندما جاء عام 500 قبل الميلاد ووصل العراق وسورية حتى البحر الأبيض المتوسط واليونان ومصر، فيما تركيا بدأت تحلم بإعادة المجد العثماني وإيصال الأناضول إلى اليمن، وجاءت متقدمة باتجاه سورية وإيران ذاهبة إلى سورية، الاثنان اصطدما هنا تصادما استراتيجيا. وأضاف : «أستغرب من الإخوة في إيران كيف تريدون تحقيق استراتيجية عملها داريوس قبل 500 سنة قبل الميلاد، عليكم ركوب الخيول واستخدام السيوف، العصر تغير ولغته، المشكلة اليوم تغيير طريقة التفكير، لا يمكن سيادة الناس بالحروب والسلاح، بل بالاقتصاد والثقافة». من جهته تطرق علي العياشي قنصل عام اليمن في جدة إلى المبادرة الخليجية الخاصة باليمن ومراحلها المختلفة ، مقدما شرحا وافٍ عن الوضع الحالي في اليمن ومستقبل الحوار الوطني. ولفت إلى أن القضية الجنوبية وقضية صعدة تمثلان حجر الزاوية فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه اليمن. وقال: «هذا الأمر يبرز أهمية عدم الإقصاء والممارسة الفكرية والعقائدية ويؤصل لمسألة كيف نمارس عملية التعدد وتحويل عملية الاختلاف لتكون ذات قابلية مجتمعية، نحن في المجتمعات العربية للأسف ما زلنا نعيش في مراحل يسودها عدم القبول بالآخر والإقصاء، وهذه الحقيقة أحد الأسباب التي دفعت بحدوث خلل في عملية التعايش الاجتماعي في الواقع العربي».