أغلقت ،مساء الأربعاء، صناديق الاقتراع في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في مصر، لينتهي اليوم الثاني والأخير من التصويت، وتبدأ عملية الفرز. واعلن التلفزيون الرسمي اغلاق مراكز الاقتراع في التاسعة مساء (19.00 تغ). وقررت اللجنة العليا للانتخابات بدء فرز الأصوات فور انتهاء التصويت، على أن تُعلَن النتيجة رسمياً ظهر السبت القادم، وفقا لما قالته اللجنة ذاتها. ولم تشهد الفترة الصباحية إقبالا كثيفا على مراكز التصويت، لكن مسؤولين قالوا إنهم يتوقعون تزايد أعداد المصوتين في الفترة المسائية بسبب وجود الناخبين في أماكن عملهم. ونشرت شبكة رصد الإخبارية صورا لبعض لجان الاقتراع في عدد من المحافظات خالية من الناخبين، وسط تعزيزات مكثفة لقوات من الجيش والشرطة أمام لجان الاقتراع. وقال المتحدث باسم الحكومة المصرية هاني صلاح لفرانس برس "نأمل ان تتجاوز نسبة المشاركة 50%" في هذا الاستفتاء الذي يبدو كما لو كان مبايعة لوزير الدفاع، الرجل القوي في مصر الذي يتمتع بشعبية واسعة في البلاد وخصوصا ان خصومه، الاخوان المسلمين، دعوا الى المقاطعة. وفي الصفوف التي تشكلت امام مكاتب الاقتراع في القاهرة، اكد كل الناخبين تقريبا باصرار انهم سيصوتون ب "نعم" بعضهم للتعبير عن "تأييدهم للسيسي" والبعض الاخر لتأكيد رفضهم ل"الاخوان المسلمين". وقال اخرون انهم يقولون نعم من اجل "الاستقرار" الذي يمكن ان يؤدي الى تحسين الاوضاع الاقتصادية بعد ثلاث سنوات من الاضطراب ادت الى تصاعد مضطرد في معدلات التضحم الذي بلغ اكثر من 10% في العام 2013. وقدّر المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) متوسط نسب المشاركة على مستوى الجمهورية باليوم الأول للاستفتاء بنحو 11%. وقال إن نسب المشاركة تدنت بكثير من المناطق البعيدة عن كاميرات التصوير خاصة حيث بلغت بقرى الصعيد 3%. وأشار المركز إلى أن هذه النسبة ارتفعت في الحضر بالصعيد والدلتا لتتراوح بين 7 و8%، بينما وصلت أقصاها في بعض مناطق القاهرة الكبرى لنحو 13%. وتراوحت نسب المشاركة بمدن القناة بين 4.5% بالريف و8.5%. ويعكس التضارب بشأن نسبة المشاركة في الاستفتاء حالة الاستقطاب التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز الماضي. ويتوقع أن تعلن اللجنة المشرفة على الاستفتاء النتائج خلال 72 ساعة من انتهاء الاقتراع. ووفقاً لبيانات اللجنة القضائية العُليا للانتخابات، فإنه يحق لنحو 53 مليون مواطن التصويت على مشروع الدستور في أكثر من ثلاثين ألف لجنة فرعية و352 لجنة عامة على مستوى الجمهورية، ويقوم نحو 16 ألف قاضٍ وعضو هيئة قضائية بالإشراف على الاستفتاء. من جانبه نفى رئيس الهيئة العليا للاستعلامات في مصر علاء عبدالصادق، ما تردد من أنباء عن نية اللجنة العليا للانتخابات تمديد فترة التصويت ليوم ثالث. وقال مجلس الوزراء إن نسبة المشاركة في الدستور الحالي فاقت النسبة في دستور 2012 المعطل، بسبب زيادة عدد اللجان الفرعية و المراكز الانتخابية. وأشاد رئيس الوزراء حازم الببلاوي، بما وصفه "الإقبال الكبير على التصويت"، وقال إن المؤشرات الأولية تفيد بأن نسبة الإقبال أعلى بين النساء. وأكد الببلاوي أن الرئيس المؤقت عدلي منصور سيحدد بعد إعلان نتيجة الاستفتاء، ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستسبق البرلمانية أم تليها. وقالت القوات المسلحة المصرية في بيان إن "الشعب المصري يكتب تاريخا جديدا ويرسم ملامح دولة المستقبل". وأعلنت وزارة الداخلية أن "حالة الاستنفار القصوى للأجهزة الأمنية مستمرة لما بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور، تحسبا لكل ردود الأفعال المحتملة من أنصار جماعة الإخوان"، وقررت إغلاق ميدان التحرير وسط القاهرة، لعدم السماح بتظاهرات محتملة للإخوان بعد غلق صناديق اليوم الثاني. وتفقد وفد من الاتحاد الأوروبي عددا من لجان ومقار الاستفتاء في يومه الثاني، لكنه رفض الإدلاء بأي تصريحات إعلامية خلال جولته. ومن جهة أخرى، قال المتحدث الرسمي بوزارة الخارجية بدر عبد العاطي إن 107 آلاف و41 ناخب صوتوا في الخارج، في الفترة من 8 و12 يناير، في 138 بعثة دبلوماسية في مختلف دول العالم. وتصدرت الكويت القائمة بإجمالي مصوتين وصل إلى 28 ألفا 744، والسعودية 23 ألفا 956، تليها الإمارات ب19 ألفا و951. وقتل تسعة اشخاص الثلاثاء على هامش تظاهرات نظمها انصار الرئيس المعزول للاحتجاج على الاستفتاء فيما انفجرت قنبلة بدائية الصنع في القاهرة قبل فتح مكاتب الاقتراع. ولم تقع اي حادثة كبيرة الاربعاء الا ان عشرات من انصار مرسي اغلقوا محطة مترو في القاهرة لفترة وجيزة وحاولوا التظاهر في ميدان التحرير وامام قصر الاتحادية الرئاسي في مصر الجديدة الا ان الشرطة فرقتهم. ودعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري الولاياتالمتحدة الى استفتاء "شفاف" فيما يستعد الكونغرس الاميركي هذا الاسبوع للسماح بسداد مليار دولار لمصر من بينها مساعدة عسكرية اميركية كان تم تجميد جزء منها بعد عزل مرسي. ومشروع الدستور الجديد، الذي اعدته لجنة من خمسين عضوا، حذفت منه المواد التي كانت تسمح بأكثر التفسيرات تشددا للشريعة الاسلامية واضيفت الى الدستور الذي اعد تحت حكم مرسي. لكنه وسع صلاحيات الجيش. ورحبت الصحافة المصرية صباح الاربعاء بسير عمليات الاقتراع. وعنونت صحيفة الجمهورية الحكومية "المصريون اختاروا المستقبل، الملايين يكتبون التاريخ امام لجان الاستفتاء" فيما كتبت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة "الشعب يجدد الثورة في الصندوق". من جهتها عنونت صحيفة الاهرام "المصريون يدقون أبواب الحرية والمستقبل، الملايين احتشدت للتصويت على الدستور بالزغاريد والأفراح". ولضمان امن عمليات الاقتراع التي تختتم مساء الاربعاء، اعلنت الحكومة عن نشر 160 الف جندي و200 الف عنصر شرطة. ويرى خبراء ان السلطة الجديدة ترى في هذا الاقتراع وسيلة للحصول على مبايعة شعبية. واكد اندرو هاموند الخبير في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "انهم بحاجة الى اقتراع شعبي بالثقة يتيح للفريق اول السيسي الترشح للرئاسة اذا ما قرر ذلك". ورأى اسكندر عمراني مدير ادارة شمال افريقيا في مجموعة الازمات الدولية ان الاستفتاء "اختبار لنظام ما بعد مرسي اي للنظام الجديد القائم".