من الجميل أن تعمل لكن الأجمل منه إتقان ذلك. ومن الأهمية بمكان تفقد ما عملته وتعهده بالصيانة وإصلاح الخلل، والأهم من ذلك الاستفادة مما عملت لتطوير ما ستعمله في قادم الأيام. في الآونة الأخيرة شهدت أمانة العاصمة عدداً من المشاريع التي قدمت في معظمها خدمة ملموسة للمجتمع، كالجسور والأنفاق التي أسهمت في إيجاد حل لبعض الشوارع المزدحمة والخطوط السريعة. لكن المؤسف هنا إهمال تلك المشاريع بعد إتمامها وعدم تعهدها بالصيانة وإصلاح ما أتلفه الزمن رغم قصره، فها هو نفق المشاة الواقع على مقربة من بوابة جامعة الإيمان بالستين الشمالي بات يشكو التصدع والظلام الحالك رغم عدم اكتمال الحولية ونصف على قص شريطه، فالنفق الذي يمتد ل 86 خطوة (45 متراً تقريبا)، كان مزوداً ب38 كاشف ضوء، لا يفرق المار فيه بين عز الظهر والثلث الأخير من الليل بسبب مصادر الضوء الزائدة عن الحاجة كما يراها البعض.
أما اليوم فالحال غير الحال تماماً، وانحدرنا من النقيض إلى النقيض، فما إن تغرب الشمس، ويحل الليل، إلا ويبدو النفق كمغارة علي بابا! فالمار فيه لا يرى موطئ قدمه من شدة الظلام، بل ومع موسم الأمطار تجد المياه تحقن مكونة بركاً مائية هنا وهناك، حتى أنك لا تسمع فيه إلا خرير الماء وقرع النعال، وصدى وقوع القطرات، وكأنك تعيش واقع أفلام الكرتون مع المغامرون الثلاثة في رحلتهم للبحث عن الكنز!
معظم المارين في النفق بعد حلول الظلام يعتمدون كلياً على الضوء الخافت لهواتفهم النقالة سعياً إلى الوصول بأمان إلى الجهة الأخرى، وفي حال ليس لديك مصدر للضوء فإنك لست بمأمن من الوقوع في بركة الماء أو الاصطدام بما أمامك، ناهيك عن التعرض للسرقة والمضايقات اللاأخلاقية التي تتعرض لها النساء.
سكان تلك الناحية لا يعرفون متى ستنتهي معاناتهم وتلتفت إليهم الجهات المعنية، فأطفالهم يعايشون كابوس المرور في النفق ونساؤهم يأملن في أن تكون سحابة صيف وتمر، فهل تكون كذلك أم أن فصول السنة ستتولى وسحابة النفق المظلم ستظل باقية.