شن النائب المؤتمري البارز عبدالعزيز جباري هجوماً شديداً على حزب المؤتمر الشعبي العام ووصفه بالفاشل وفي نفس الوقت هاجم قادة المشترك بقسوة ونعتهم ب"الجبناء". وإذ يقف جباري في مقدمة نواب الأغلبية المطالبين بسحب نقطة الخلاف من جدول الأعمال وإعطاء المتحاورين فرصة، هاجم يومي السبت والاثنين على التوالي مجلس النواب الحالي وسخر من كلمة هيئة الرئاسة التي ألقاها أكرم عطية نائب رئيس المجلس بمناسبة افتتاح هذه الفترة، والتي عدد فيها إنجازات المجلس في فتراته السابقة على كافة الأصعدة. وقال جباري متهكماً: "وانعم والإنجازات الوطنية التي أنجزناها، بس بس لا عاد تخلوا الشعب يبهذل بكم"..
جباري الذي بدا هادئاً في جلسة أمس، وساخطاً يوم السبت، طالب في كلا الحالتين أعضاء حزب الأغلبية أن يتصرفوا بمنطق العقل وأن ينزعوا الفقرة الخامسة من جدول الأعمال إذا كان بقاؤها سيمنح المشترك مبرر الانسحاب من الحوار.. لكن هذا النائب، الذي يتموضع دائماً في المقعد الوسط، عنَّف أحزاب المعارضة واتهم قياداتها ب"الجبن"، قائلاً: "إذا أرادوا أن يكونوا وطنيين حقيقيين أمام الشعب فلماذا لم يلجؤوا إلى تحريك الشارع ويقودوا المظاهرات والاعتصامات لإنقاذ الوطن وتحقيق مطالب الجماهير". وأضاف: "لماذا لم يخرج عبدالوهاب الآنسي وياسين سعيد نعمان وسلطان العتواني ومحمد المتوكل ليتقدموا المظاهرات ويدربوا الناس على ممارسة النضال من أجل حقوقهم". وأضاف: "الشعب اليمني يعاني الويلات من كل نوع، والقانون ينتهك في كل مرافق وأجهزة الدولة، والغلاء يتصاعد، والحروب تشتعل هنا وهناك، وأنتم يا مشترك لا قضية لكم إلا لجنة الانتخابات، أين أنتم من هموم المواطنين"؟ وأضاف قاطعاً: "لن تكون الأحزاب اليمنية وطنية إلا إذا نزل قاداتها وزعاماتها وأمناء العموم فيها إلى الشارع يتصدرون المسيرات، إلا إذا دخلوا السجن وجربوا النضال الحقيقي في صفوف الجماهير".
وطالب عبدالعزيز جباري أعضاء كتلة الحزب الحاكم أن يمتلكوا الشجاعة وأن يعلنوا للناس بأن المؤتمر الشعبي العام "فشل".
وسخر جباري، وهو نائب مؤتمري في كتلة الأغلبية، من تهديدات المؤتمر الشعبي بإجراء الانتخابات بموجب لجنة وقانون مختلف عليها، وقال ضاحكاً: "لا يوجد حزب في العالم يفشل ثم يهدد الناس بالانتخابات". وحذر الحزب الحاكم من "الشطط" في القرارات في ظل العواصف الراهنة والحرائق التي تندلع هنا وهناك، وقال مخاطباً قادة الأغلبية: "إذا أنتم ما تشوفوش ما يجري في اليمن فأنتم إما مجانين وإما قد أعمى الله عيونكم".
وانتقد جباري تحرك أحزاب اللقاء المشترك فقط لأجل الانتخابات "ووقوفها السلبي من مطالب الجماهير التي طحنتها سياسات المؤتمر وأفقرتها" وقال مشبهاً المشترك ب"ذلك الرجل الذي تعرض لنهب أمواله وملابسه وجرد من سلاحه ومن جنبيته وهو متمسك بالخفاق". وأضاف شارحاً هذا المثل الشعبي، الذي يرمز "للعمى السياسي"؛ "سلّم لهم كل شيء طواعية ولم يقاوم حتى إذا وصلوا إلى غمد الجنبية، صاح فيهم محذراً ومستعداً أن يموت؛ إلا الخفاق إلا الخفاق ثم قاتلهم عليه".
الكحلاني يصنف جباري ومن إليه في كيان جديد: كتلة المش-مؤتمر قال النائب والوزير أحمد محمد الكحلاني إن قانون الانتخابات الجديد، المطروح على أجندة أعمال مجلس النواب هي الشيء الوحيد الذي اتفقت عليه الأحزاب. وأسف الكحلاني من انسحاب المعارضة غير المنطقي من البرلمان بسبب وجود هذا القانون الذي تم استكمال التصويت على مواده بالتوافق مع المشترك والذي أقامت المعارضة الدنيا ولا تقعدها في أغسطس لكون مجلس النواب صوت لصالح القانون النافذ حينها (2008). وأضاف: "واليوم عندما عدنا إلى ذلك القانون الذي تم التوافق عليه أخذت المعارضة بنفسها وانسحبت من القاعة".
معتبراً انسحاب المعارضة المباغت "هروباً من المسؤولية وتفخيخاً لجهود الحوار". وطالب الكحلاني، باعتباره وزيراً لشؤون مجلس النواب ولشورى وعضواً بارزاً في كتلة المؤتمر الشعبي العام، طالب البرلمان بتحمل مسؤوليته، والالتزام بحدود ما تم الاتفاق عليه، قائلاً: "يجب على مجلس النواب أن لا يعطل شيء هو الأساس ثمرة من ثمرات الحوار".
هذه الإجابة الدبلوماسية الذكية لم تردد في تصريحات أي من قادة المؤتمر الحاكم، لكنها في الواقع لم ترد يوم 18 أغسطس 2008 حتى على لسان الكحلاني، الذي كان يومها يعتمد لغة سياسية مستفزة.
أحمد الكحلاني الذي وصل إلى قاعة المجلس وتواجه مع المعارضة في الساحة لحظة انسحابها، لم يعفه هذا التأخر من المواجهة مع نواب الحزب الحاكم أنفسهم. ففي أثناء تواجده داخل القاعة احتد ليرد على زميله عبده محمد بشر الذي ذكرَّ أعضاء المؤتمر بصلح الحديبية الذي عقده المبنى مع المشركين من قريش، وقال بشر: "يجب أن نقتدي بالرسول ونقول لرئيس المجلس لشطب هذه الفقرة". وأضاف: "لماذا لم نعمل ذلك طالما ونحن قادرين على استدعائها في أي لحظة نراها مناسبة". وإذ حاول عبده بشر أن ينزع من الجدول هذه الفقرة التي فجرت الأزمة، قال: يفترض أن لا نقل القانون إلا بناءً على مذكرة طلب من الحكومة كما نعمل مع سائر القوانين وفقاً للائحة". لكن أحمد الكحلاني رد عليه بالقول: "الدستور منح مجلس النواب الحق في التصويت على القوانين دون غيره، وهذا القانون لم يعد مشروعاً فقد استكمل كل النقاشات واستوعب كل الملاحظات بالتوافق وصار منتظراً للحظة التصويت النهائي عليه".
وفي الخارج كان عبدالعزيز جباري مترصداً للكحلاني في بهو الساحة الخارجية لقاعة البرلمان، ولكن الكحلاني قبل أن يرد عليه فضّل أن يطلق على مجموعة في كتلة المؤتمر الذين يسيرون بنفس طريقة جباري: "هؤلاء هم كتلة المش-مؤتمر".