ضحكت حتى الثمالة حين قالت لي إحدى الزميلات، أثناء لقاء جمعنا في ندوة نظمتها مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، ومشاركة ملتقى المرأة بتعز، إن مؤتمرات المجالس المحلية هذه المرة ستكون مغايرة تماماً للمؤتمرات السابقة، وأن الأعضاء هذه المرة لن يكتفوا بالتصفيق العام بل سيكون لهم مواقف قوية تجاه عدد من القضايا والهموم التي تعيشها المحافظة، ولا يستبعد أن يلجأ العديد من الأعضاء وأمناء المجالس المحلية بالمديريات إلى تقديم استقالاتهم في حال تجاهل النظر في القضايا والهموم التي جاؤوا لمناقشتها وإيجاد الحلول لها، حتى يشعر المواطن الذي انتخبهم بأنهم عند مستوى المسؤولية على حد زعمها.. ولستُ أدري من أين تلقت هذه الهواجس والأوهام، ورغم تأكيدي لها أنها في تعز، التي لم يحصل ولم نسمع أبداً أن المجلس المحلي -منذ إنشاء المجالس- قد أقال لا نقول مدير عام وإنما موظفاً صغيراً من منصبه لفساده وتجاوزاته وتلاعبه بالقانون واستغلاله وابتزازه المتواصل للمواطنين وكأننا في محافظة فاضية خالية من الفساد والمفسدين، والحمد لله جميع معاملات المواطنين وقضاياهم تأخذ طريقها وفقاً للقانون والنظام وبأسرع وقت ممكن، فلا رشوة ولا ابتزاز ولا مماطلة ولا محسوبية ولا وساطة، والموظفون من صغيرهم إلى كبيرهم يتعاملون مع المواطنين بكل أمانة وبأخلاق عالية، وبدون أي تعقيدات بقصد الابتزاز، وخصوصاً مكتب عقارات وأراضي الدولة فهو نموذج لحسن المعاملة وإنجاز قضايا المواطنين أولاً بأول، ولا تستغرق المعاملة أقل من سنة فقط! ورغم كل هذا أصرت الزميلة بأن معلوماتها دقيقة واستقتها من مصادر موثوقة جداً جداً، وإن الأيام القادمة ستكشف صدق قولها وصحة معلوماتها. فما الذي جعل الزميلة متفائلة إلى هذا الحد ما دام النفاق يملأ الصدور والعقول؟ وما دام النفاق صنعة يتقنها كثيرين في المجتمع من مواطنين ومسؤولين ومشائخ وخطباء مساجد ومثقفين وأكاديميين وكتاب وصحفيين... الخ، نعم أيها السادة فلولا النفاق وأهله لما قدَّر لمسؤول فاسد أن يبقى في منصبه أكثر من أشهر معدودات، ولولا النفاق وأهله لما تجرأ هذا المدير أو ذاك الموظف أو ذلك القاضي من الجهر بفساده، والافتخار بما يقوم به من أعمال مخالفة للنظام والقانون والشرع، ولولاء. النفاق وأهله ما استطاع المحافظ أو الوزير أن يتستر على كل المتسببين بالاختلالات والتجاوزات والفساد الذي يملأ محافظته أو وزارته، ولوجد صعوبة بالغة في التقييم على بؤر الفساد مهما جادلوا! ولو أن أعضاء المجلس المحلي وأعضاء مجلسي النواب والشورى وخطاء المساجد وعلماء الدين الصحفيين تخلوا عن نفاقهم وقالوا الحقيقة كما هي ونقلوها دون تزييف أو تضليل أو تحريف لوجد القانون طريقه للتطبيق، وساد العدل وعم الخير وانتصر الحق على الباطل، ودحرت جحافل الفساد. فقط لو آمن كل هؤلاء بوطنهم وصدقوا بولائهم وغلبوا مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية والحزبية، لأطلعوا فخامة الرئيس على كل الحقائق مهما كانت غير مرضية ووضعوها أمامه كاملة دون انتقاص أو تزييف أو تحريف أو تضليل، وهو القادر على تذليل الصعاب، ووضع الحلول والمعالجات لكل المشاكل والاختلالات لتم القضاء عليها في مهدها، قبل أن تستفحل وتكبر وتتحول، إلى داء عضال ينخر جسد الوطن، ولكن خوفهم من الظهور أمام فخامته عاجزين وفاشلين وغير قادرين على تحمل مسؤولياتهم يدفعهم إلى النفاق وتزييف الحقائق، فينمو الفساد ويكثر الفاسدون ليدفع الوطن والشعب ثمن هذا النفاق باهظاً، فهل تصدق أوهام الزميلة ويفعلها أعضاء المجالس المحلية ويتخلوا عنه نفاقهم ولو لمرة واحدة من أجل اليمن الواحد.