اليوم الثلاثاء هو السابع والخمسون منذ اعتقال الصحفي عبد الإله حيدر شائع, والواحد والعشرون منذ قرار المحكمة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة) في جلستها يوم 22-9- 2010 ,تمديد سجنه لاستكمال التحقيقات! واحد وعشرون يوما تم التحقيق معه خلالها بيوم واحد أواخر الأسبوع الماضي! هناك معلومات تقول إن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت تستعد لانتهاك سيادة البلد مرة أخرى وضرب مواقع يقال أنها للقاعدة ولان الصحفي المتخصص بشئون الإرهاب عبد الإله حيدر كان يفضح هذه الجرائم الأمريكية- اليمنية ضد أبرياء , يقال أيضاً إن اعتقاله لم يكن مطلباً يمنيا فقط بل أضحى مطلباً أمريكيا لحين انتهاء حربهما ضد ما يسمونه "الإرهاب"
ما من شك إن شائع أصبح له حضور إعلامي متميز ..وشخصية بارزة في الإعلام الخارجي, مؤثر في تحليلاته ما سبب حرج للحكومتين اليمنية والأمريكية.
الولاياتالمتحدةالأمريكية الدولة المتشدقة بالحريات والديمقراطية , والتي صمت أذاننا صباح مساء وهي تتحدث عن الحرية والحقوق .. عن العدالة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير نتساءل عن سر صمتها حيال ماتعرض له الصحفي حيدر. ظهرت حقيقة الإدارة الأمريكية التي لطالما عزفت على أوتار الحرية وتغنت بالديمقراطية, أنها دولة مصالحها أولا وان حرية وحقوق وكرامة الإنسان العربي أخر اهتماماتها, واعتقال شائع جاء من اجل مصالحها.
أين هم المتشدقون باسم الحرية؟ أين المتباكون على حرية الرأي والتعبير من قضية عبد الإله حيدر؟ ما سر صمتهم؟ وهل الحقوق تتجزأ؟ وهل حرية الرأي والتعبير حق لفئة دون أخرى! لماذا صمتت الأصوات المنادية بحقوق الإنسان والمطالبة بوقف الانتهاكات بحق الصحفيين, ووقف انتهاك الدستور والقانون!
ما يقارب الشهرين وهو في المعتقل, ومذاك الوقت والأجهزة الأمنية والنيابة في تخبط فهذا الرجل المرمي خلف قضبان زنزانة انفرادية في سجن المخابرات لم يجدوا في منزله ولا جهاز الكمبيوتر الخاص به ولا في تلك السيديهات التي صودرت ما يدينه!
النيابة وجهت إليه تهمة الانتماء لعصابة تخريبية" تنظيم القاعدة" تخطط لأعمال إرهابية وتقديم الدعم الإعلامي لقيادتها. بيد أن النيابة لم تستطع تقديم دليلا واحدا يدينه و يؤكد اتهاماتها ,ومماطلة النيابة وتمديد المحكمة لفترة سجنه 30 يوما يدحض تلك التهم والافتراءات التي حاول جهاز الأمن القومي إلصاقها به وبرفيقيه شرف والشامي ,وتفضح زيف ادعاءاتهم.
ولم يعد هناك شك من أن الصحفي عبد الإله حيدر وهو خريج كلية الإعلام بجامعة صنعاء وأب لثلاثة أطفال أكبرهم في التاسعة من عمره وأصغرهم في الثانية - هو ضحية تحليلاته , واحد ضحايا حرب شعواء تنفذها الحكومة بمساعدة الأمريكان ضد عناصر القاعدة , وبات بديهياً أن اعتقاله المتزامن مع ضربات نفذتها السلطات اليمنية بمساعدة الولاياتالمتحدةالأمريكية في بعض محافظات الجنوب ضد ما يعتقد أنها أهداف للقاعدة.هو لإسكاته , ففي حين كانت السلطات تؤكد بان ضرباتها استهدفت عناصر إرهابية كانت تحليلات شائع -التي لاقت صدىً واهتمام في الخارج – تدحض تصريحات السلطات وتؤكد إن ضحايا تلك الضربات غالبا هم من المدنيين الأبرياء , وتوثق الصور تلك الحقائق.. ما تسبب بحرج كبير لمنفذي تلك الضربات , وما تسبب باعتقاله لإسكاته حتى انتهاء تلك الحرب.
اختطاف وتحذير وعودة إلى الاعتقال- فالمتتبع لتحليلات حيدر بخصوص القاعدة يدرك انه لن يسلم من أذى النظام , لهذا لم يكن الاعتقال الأخير بالمفاجئ , خصوصا وانه كان قد تعرض للاختطاف من قبل أفراد يتبعون جهاز الأمن القومي في شارع حدة ليل الأحد 11 يوليو 2010 أثناء ما كان بمعية صديقه كمال شرف الذي ابلغ عن الحادثة , واقتيد إلى مكان مجهول لساعات ثم أفرج عنه و كشف بعد خروجه أن أفراد بزي مدني لا يعلم أي من الجهازين "القومي أو السياسي" يتبعان! هم منفذو عملية الاختطاف ,قيدت يداه إلى الخلف وعصبت عيناه , ورمي به في مكان تحت الأرض, تعرض للضرب في وجهه وسؤ المعاملة , والبسوه قسرا زي السجناء , وطوال الست ساعات من الاحتجاز تعاقب فيها أربعة جنود على التحقيق معه , تمحورت تلك التحقيقات حول تصريحاته لقناة الجزيرة عن تنظيم القاعدة ,وعن أصدقاءه وأسرته, وقبل رميه في الرابعة من فجر اليوم التالي في شارع الزبيري طلبوا منه عدم التصريح لأية وسائل إعلامية وتوعدوه بالأسوأ في حال لم ينفذ أوامرهم , وظل يتلقى اتصالات مهددة ومتوعدة إلى حين اعتقاله منتصف شهر أغسطس من قبل جهاز الأمن القومي!
اعتقال وإخفاء هذه المرة لم يكن أربعة أفراد بزي مدني هم من اختطفوا عبد الإله وليس من شارع عام وليست جهة مجهولة, كان على موعد أخر من المعاناة غير المنتهية حتى اللحظة, السابعة ليلا , 16-8-2010م (السادس من رمضان) وأثناء ماكان يتناول فطوره مع عائلته , طوقت وحدة أمنية تتبع جهاز الأمن القومي الحي الذي يقطنه , أغلقت الطرقة المؤدية إلى الحي, و20 جندي مدججون بأسلحتهم بعضهم بزي مدني وملثمون يقتحمون المنزل بحثا عنه نزل إليهم من الدور الثالث, قيدوه وعصبوا عيناه ,بعد الاعتداء عليه واقتادوه إلى باص عاكس والى سجن الأمن القومي ل(29) يوما قبل إحالته يوم عيد الفطر إلى سجن الأمن السياسي.
29 يوما مخفي لا تعلم عنه الأسرة أي شيء.. لم تردهم أية أنباء عن مكان سجنه وظروفه الصحية – فقط يعلمون أن الأمن القومي هي الجهة التي اختطفته! وممنوع عنه الزيارة.
الأيام الخمسة الأولى من الاعتقال لدى جهاز المخابرات " الأمن القومي" كشف عبد الإله لمحاميه عبد الرحمن برمان انه قضاها في دورة مياه مليئة بالقاذورات, والأدهى والأمر أن أحد الجنود اشتاط غضبا حين قال له عبد الإله أثناء الاعتقال لن آتي معكم إلا بأمر من النيابة ,فقام ذلك الجندي بعضه في صدره حتى انتشل جلده وتسبب بجرح عميق لاتزال آثاره واضحة , كدمات في أنحاء متفرقة من جسده , إحدى أسنانه فقدت!
قضية حيدر كنموذج لانتهاك القانون يقول المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان وهو محامي حيدر والشامي انه ومنذ لحظة الاعتقال وحتى اليوم تعرضا كليهما(شائع والشامي) لانتهاكات توجب معاقبة مرتكبيها, فقد اعتدي على الصحفي حيدر وسجن في دورة مياه مليئة بالقاذورات لخمسة أيام وهدد بالتعذيب واخفي ل(29) يوما ,و جريمة الإخفاء لا تسقط بالتقادم ,ويقبع حتى اليوم في زنزانة انفرادية وهو شكل من أشكال التعذيب وفقا للقوانين الدولية المصادقة عليها بلادنا, وممنوع عنه الزيارة ومؤخرا سمح فقط لأسرته بزيارته. كما تعرض عبد الكريم الشامي للتعذيب في سجن الأمن القومي حسب إفادته لمحاميه.
محاكمة القومي والسياسي أضحى مطلبا حقوقيا لم يعد من خيار أمام النيابة إلا أن تفرج عن الصحفي عبد الإله ورفيقه عبد الكريم الشامي فالأمر أصبح مكشوفا وإبقاءهما في السجن دون تهم ودون أدلة لايزيد الداخل والخارج إلا سخطا على الأجهزة الأمنية التي اخترقت القوانين الوطنية وقبل منها اخترقت القوانين الدولية وحتى قيم المجتمع حين اقتحمت منزل مليء بالنساء والأطفال دون اعتبار لقيم وأخلاق المجتمع المسلم المحافظ.
وأصبح ملاحقة جهازي الأمن القومي والسياسي قضائيا- مطلبا للكثير من الحقوقيين والصحفيين والناشطين وتعالت أصوات تنادى بمحاكمتهما جراء المخالفات الجسيمة والممارسات غير القانونية التي يرتكبها الجهازين, ولان عبد الإله حيدر وكمال شرف وعبد الكريم الشامي لن يكونوا الضحايا الأخيرين لهما كما لم يكونوا الضحايا الأول.