أواخر رمضان الفائت كان مدرسو "معهد الشوكاني لتدريب المعلمين أثناء الخدمة" والمعهد العالي بالأمانة كانوا في إجازتهم التي امتدت إلى بعد إجازة عيد الفطر المبارك. وعندما توجهوا بعد إجازة العيد لاستلام رواتبهم تفاجأوا أن وزير التربية لم يترك رمضان يمر بسلام. منذ ما يقرب من عشرين عاماً هي عمر المعهد، صدر القرار الوزاري باعتماد معهد الشوكاني معهداً لتدريب المعلمين أثناء الخدمة تابعاً لديوان الوزارة مالياً وإدارياً وفنياً.
عميد المعهد وبحسب عميد المعهد عبدالعزيز المقطري فإن المعهد قد قام خلال السنوات الماضية بتدريب آلاف المعلمين والمعلمات في مختلف التخصصات ومن مختلف المحافظات.
وكان المعلم عبدالله الشرعبي يتكلم عن أهمية المعهد فيقول: يشكو وزير التربية في كل مناسبة بأن المدرسين معظمهم غير مؤهلين لأنهم من حملة الدبلوم وشهادة الثانوية، ثم نجده فجأة يقف ضد معاهد التأهيل في خطوة لا نستطيع فهمها.
الذي حصل في رمضان أن وزير التربية قام بإصدار قرار بالتخلص من مدرسي معهد الشوكاني ومعهد الأمانة ونقلهم من القوة الوظيفية لديوان الوزارة ليصبحوا تابعين لأمانة العاصمة بالنسبة لمعهد الأمانة ولمحافظة صنعاء بالنسبة لمعهد الشوكاني. وذلك تمهيداً لبيع جميع مباني وأراضي معهد الشوكاني لجامعة صنعاء.
وعندما يسأل القارئ عن معنى أن يُنقل معلمو المعاهد العليا من قوة ديوان الوزارة إلى المحافظات فإن الجواب يأتي من أحمد عبده سيف، عضو هيئة التدريس بمعهد الشوكاني، على هذا النحو:
المقصود هو حرماننا من لائحة المعاهد العليا وما تتضمنه من حقوق وعوائد مادية مستحقة.
والمقصود أيضاً أن يتم التحايل على قرار رئيس الجمهورية رقم 13 لسنة 2010 الذي يقضي بأن يلحق جميع مدرسي المعاهد العليا بالتعليم العالي.
فكرة التخلص من معهد الشوكاني لتدريب المعلمين بدأت على يد الوزير فضل أبو غانم عام 2003 عندما قام بتعيين عميد من خارج مجلس المعهد ولا يحمل درجة الماجستير، وفوق ذلك كان هذا العميد محالاً إلى مجلس تأديبي من أمين العاصمة بسبب فساد إداري.
احتج وقتها مجلس المعهد وأعضاء هيئة التدريس فقام الوزير بإلغاء المعهد. رفع أعضاء هيئة التدريس بالمعهد الأمر إلى القضاء وقضت المحكمة بإلغاء قرار الوزير وبوجوب تطبيق لائحة المعاهد العليا.
ولذلك فإن مجلس المعهد وأعضاء هيئة التدريس اليوم يرون في قرار الجوفي تجاوزاً لأحكام قضائية باتة ولقرارات مجلس الوزراء.
ولذلك فقد قرروا فور علمهم بالقرار أن يرفعوا القضية ضد وزير التربية إلى القضاء.
وقبل أن يرفع المعلمون قضيتهم إلى القضاء كانوا قد حاولوا تسوية الأمر في وزارة التربية. كان الوزير وقتها غائباً، فقدموا تظلمهم إلى نائب الوزير أ. د عبدالله الحامدي.
تفاجأ نائب الوزير بالقرار مثلما تفاجأ المدرسون. وبعد دراسة الموضوع وجّه نائب الوزير بما يلي: الأخ مدير عام الموارد البشرية، لإعادة الربط بالمرجعية السابقة واستكمال إجراءات الخفض والإضافة من المحافظة إلى الديوان (بما يعني أن قرار الوزير كان في نظره خاطئاً 100%).
وقبل أن تستكمل الإجراءات الأخيرة لإعادتهم إلى الوضع السابق وصل الأخ الوزير ليعيد الأمر إلى نقطة الصفر ويلغي توجيهات النائب وجهود أسابيع قضاها المعلمون في السعي بين المعاهد والوزارة.
ما حصل لكادر معهد الشوكاني جرى أيضاً على كادر المعهد العالي للمعلمين بأمانة العاصمة، وكثير من المذكرات الصادرة عن الوزارة كانت تدل على أن الوزير اتخذ هذا القرار بمعزل عن كل قطاعات الوزارة. كان ملف عبد السلام النقيب، مندوب المعهد العالي بالأمانة، مليئاً بما يثبت ذلك، ونورد هنا مثلاً واحد على فقط:
مذكرة صادرة عن وكيل قطاع التدريب والتأهيل بالوزارة أ. محمد زبارة
تقول المذكرة الموجهة إلى الوزير: "تم الرجوع إلى لائحة المعاهد العليا المقرة من رئاسة مجلس الوزراء برقم 410 سنة 99 والتي نصت في المادة الثانية منه "إن المعاهد العليا تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويكون لها ذمة مالية مستقلة تتبع وزارة التربية والتعليم". ونصت المادة (12، 13) منه بتبعية المعاهد العليا لقطاع التدريب والتأهيل بالوزارة. وبما أن أعضاء هيئة التدريس يتقاضون رواتبهم من وزارة التربية والتعليم منذ نشأة المعاهد العليا عام 93م حتى الآن فتبقى رواتبهم كما كانت عليه في الفترة السابقة ولا يوجد مبرر لنقل رواتبهم إلى مكتب الأمانة".
كان ذلك نص المذكرة بما يعني أن للأمر دوافع أخرى لا يعرفها إلا الوزير. وقد لا يكون الأمر متعلقاً بالبيع والشراء وحساب مساحة ومباني معهد الشوكاني وتثمين قيمتها كما يتحدث بعض المعلمين. صحة القرار وما خلف القرار من عدمها بيد القضاء وبيد مجلس الوزراء وقد يتطلب الأمر جهة ثالثة ذات علاقة بالرقابة والمحاسبة.
وحتى يُفصل في الموضوع فإن معلمي المعاهد يناشدون وزير التربية أن يعود عن قراره، أو على الأقل أن يتوقف عن إحداث المزيد من الإرباكات التي تؤثر على تأهيل المعلمين وبالتالي على سير العملية التربوية برمتها.