حول الأزمة السياسية الراهنة بين الحزب الحاكم والمشترك، بعد إقرار الأول دخول الانتخابات منفرداً، وردة فعل المعارضة، وتباين مواقف نواب المؤتمر، والسيناريوهات المحتملة، تحدث النائب عن الحزب الحاكم عبده محمد بشر في حوار مع صحيفة اليقين، وينشر المصدر أونلاين الحوار بالاتفاق مع الصحيفة. - بداية كيف تنظر إلى إقرار قانون الانتخابات الذي تم مؤخراً؟ * إقرار قانون الانتخابات مخالفة أولاً للاتفاق الموقع بين الطرفين، ومخالف للإجراءات اللائحية الخاصة بمجلس النواب، وتضمن مواداً مخالفة للدستور.
- مثل ماذا؟ * من أهمها مصادرة حقوق المواطن في استخدام حقه الدستوري في تسجيل اسمه ضمن سجلات الناخبين، وأن يكون له صوت يستطيع من خلاله استخدام حقه الدستوري والقانوني في اختيار من يمثله.
- من يتحمل مسؤولية هذه المخالفة الدستورية والقانونية واللائحية؟ * الذين أفشلوا الحوار الوطني يتحملون المسؤولية.
- من هم تحديداً؟ * هنالك تيارات تعمدت منذ البداية عدم إنجاح الحوار ، وإجهاض أي محاولة للتوصل إلى وفاق أو اتفاق على القضايا الوطنية الهامة، وإيصال الوطن إلى ما وصل إليه من تدهور في معظم الجوانب.
- من هي هذه التيارات؟ * هذه تيارات موجودة في الطرفين؛ فهناك طرف داخل المؤتمر وطرف آخر داخل المشترك، هؤلاء لا يرغبون في إحراز أي تقدم في عملية الحوار الوطني، لأنها مستفيدة من تفاقم الأوضاع.
- ما نوع هذه الاستفادة؟ * استفادة اقتصادية ومعنوية ومصالح شخصية، وأشياء كثيرة.
- ألا ترى أن قرار المضي في الانتخابات النيابية كان له علاقة بنجاح خليجي 20، أو بالانتخابات المصرية، مثلاً؟ * نعم، له علاقة مباشرة بخليجي (20) وأيضاً بما حدث في الانتخابات المصرية والأردنية، مع أن ظروف اليمن مختلفة عن تلك الدول.
- ما الآثار التي يمكن أن تترتب على هذا القرار الانفرادي؟ * بالتأكيد ستكون هناك آثار كثيرة، من أهمها: أولاً مزيد من تأزيم العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام وبين أحزاب اللقاء المشترك.. ونخشى أن يكون ذلك بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على الحوار الوطني. وثانياً استمرار التدهور السياسي والأمني والاجتماعي والتنموي. وثالثاً إعطاء فرصة لعدم المحاسبة والمساءلة، وإضافة أزمات جديدة إلى الأزمات السابقة والراهنة التي أثقلت كاهل المواطن.
- ما تقييمك لموقف المعارضة من هذا القرار؟ * قبل الحديث عن ردة فعل المعارضة بعد قرار المؤتمر، ينبغي التذكير بموقف المعارضة السلبي تجاه الحوار؛ لأنها راهنت على "الأحمرين" ولم تتقدم خطوة واحدة.
- من هما الأحمران؟ * الرئيس وحميد الأحمر.. ولم تستخدم المعارضة حقها الدستوري والقانوني ، وإنما استمرت في طلبها ودّ الحاكم، وهذه هي النتيجة المتوقعة لمثل ما حصل.
- ما الذي كان يجب أن تقوم به المعارضة؟ * هنالك أشياء كثيرة كان يمكن أن تقوم بها المعارضة؛ فعلى سبيل المثال كان ينبغي عليها إعداد رؤية لإصلاحات جذرية لا تتعلق فقط بإصلاح العملية الانتخابية.
- وماذا تسمي رؤية الإنقاذ الوطني التي أعدتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني؟ * أنا أقصد رؤية عملية وفق برنامج زمني محدد حسب الاتفاق الأخير(17يوليو) الذي تم التوقيع عليه وتحديداً البند السادس الذي تضمن إعداد جدول زمني للحوار،وهذا ما لم تتقدم به المعارضة رغم أنه كان لصالحها. أيضاً كان هناك أخطاء ارتكبت في عملية الحوار، أبرزها اختزال لجنة المائتين إلى (30) ثم إلى (16) ثم إلى (4) ومع ذلك لا نعرف حتى الآن على ماذا اختلف هؤلاء الأربعة، وحتى بقية المائتين لا يعرفون ما هو سرّ هذا الاختلاف !!
- ما هو المطلوب من المعارضة حالياً بعد هذا القرار؟ * هنالك أشياء كثيرة تستطيع المعارضة استخدامها، لكن أوضاع البلاد لم تعد تحتمل مزيداً من الاحتقانات أو الوصول إلى مرحلة العصيان المدني وحالة الفوضى، وبالتالي استنزاف خزينة الدولة، ولهذا ينبغي على المعارضة إعادة النظر في بعض مواقفها ،هذا إذا كان لديها أغلبية شعبية تستحق المحافظة عليها.
- نفهم من كلامك أن الحوار بين السلطة والمعارضة سيكون مجدياً بعد حسم قضية الانتخابات؟ * الحوار ليس فقط من أجل إدارة هذه الانتخابات ، وإنما من أجل إصلاح متكامل لجميع القضايا الوطنية سواء سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وتنموية وغيرها.
- كيف يكون هناك حوار بعد قرار التفرد بالانتخابات الذي أدى إلى بروز اختلافات حتى داخل الحزب الحاكم نفسه، وخاصة نواب المؤتمر الشعبي العام، ما بالك بسلطة ومعارضة؟ * باعتقادي أن تباين مواقف نواب المؤتمر الشعبي العام ظاهرة صحية وسليمة، وكلاً يرى المصلحة الوطنية من وجهة نظره. وكما أن هناك من يعمل لما فيه الصالح العام ومصلحة الوطن، فهناك من يعمل على النقيض من ذلك، وهناك البعض الآخر لا له ولا عليه.
- ماذا بعد قرار الحاكم خوض الانتخابات منفرداً؟ * أعتقد أن هذا السؤال يوجه إلى من يرون في أن مصلحة الوطن تكمن في انفراد حزب في خوض الانتخابات، فهؤلاء هم الذين قد يمتلكون الإجابة عن مثل هكذا سؤال.
- برأيك، ما السيناريوهات المحتملة القادمة؟ * السيناريوهات المحتملة تتمثل في اعتقادي في أكثر من احتمال. الاحتمال الأول: عقد صفقة مع أحزاب اللقاء المشترك يتم من خلالها التوصل إلى عامل مشترك. الاحتمال الثاني: سحب البساط من تحت أحزاب اللقاء المشترك والدخول في شراكة مع أطراف أخرى تكون بديلة عن تلك الأحزاب وتتمتع بقاعدة شعبية. الاحتمال الثالث: الوصول إلى ما ينشده المتربصون وذوو المصالح الشخصية الضيقة في تفكيك المجتمع اليمني ، وقد تكون -لا سمح الله- حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، أو كما يقال ''حقي.. والشاهد الله''.
- في حال اتجهت السلطة للاحتمال الثاني. هل تتوقع أن تنجح الانتخابات؟ * بالنسبة للطرفين (سلطة ومعارضة) ليسوا جاهزين لخوض انتخابات؛ لأن وضع البلد سيء اقتصاديا واجتماعيا وثقافياً وغيرها، وبالطبع هذا لا يعني التقليل من أهمية وضرورة الانتخابات، بل العكس نحن مع إجراء الانتخابات ومع تصحيح الأوضاع.. ولا يعقل أن يبقى النواب الحاليون مدى الحياة !! وأنا شخصيا أتمنى أن تنجح أي انتخابات، لكن مسألة إجراء الانتخابات من عدمها ليس بأيدينا، وإنما في يد أطراف كثيرة، لكن أرى أنه إذا ما توفرت الظروف المناسبة للانتخابات، عبر حوار مع مختلف الأطراف بما فيها الحراك والحوثي والمعارضة في الداخل والخارج، وموافقة المجتمع الدولي، فهنا بالتأكيد سوف تنجح الانتخابات، لكن إذا لم توجد هذه الأطراف فأعتقد أنها لن تنجح.
- ألا ترى أن الحاكم قد يتجه إلى إقناع الحراك والحوثي بإجراء الانتخابات بدلاً عن أحزاب المعارضة التي قد تراهن على الحراك والحوثي في إفشال عملية الانتخابات؟ * فعلاً ، هناك مغازلة من قبل الحاكم لأكثر من طرف كالحراك والحوثي ، وأيضاً لأحزاب ليست في إطار تكتل اللقاء المشترك،وهذا ما سبق وأن سعى إليه المشترك من تقارب سواء مع الحراك أو الحوثي أو معارضة الخارج.
- ما الهدف من مغازلة الحاكم لمثل هذه الكيانات في هذا التوقيت بالذات؟ * الهدف هو إحراج أحزاب اللقاء المشترك للمضي في انتخابات وغيرها.
- وأين موقع مجلس التضامن الوطني من مغازلة الحاكم؟ * بالتأكيد أن الحاكم بحاجة إلى أكبر عدد ممكن من الأطراف المشاركة، لكن بالنسبة لمجلس التضامن الوطني - حسب علمي - أنه لم يحدد بعد موقفه، ولم يجتمع ليناقش هذا الموضوع.
- وكيف تفسر دأب رئيس الجمهورية مؤخراً على اصطحاب قيادات في مجلس التضامن في معظم زياراته؟ * مسألة اصطحاب رئيس الجمهورية للبعض من قيادات مجلس التضامن ليست جريمة، فهم لهم ثقلهم، وينتمون إلى هذا الوطن الغالي، ومن حق رئيس الجمهورية أن يصطحب من يريد، وعلينا أن لا نلتفت ونعلّق على الشكليات والصغائر، وكأنه لا توجد أي قضية أخرى هامة سوى من اصطحبهم الرئيس، وأنا شخصياً مع أي تقارب إذا كان ذلك في مصلحة الوطن.
- ما نصيحتك للحزب الحاكم؟ * نتمنى أن يظهر الإيمان والحكمة اليمانية من قبل الجميع (سلطة ومعارضة) ومنظمات مجتمع مدني وغيرها ، لانتشال الوطن مما –لا قدر الله – أن تكون كارثة حقيقية تأكل الأخضر واليابس، لأن الوطن مرّ ويمر بأزمات حقيقية ولم يعد المواطن يحتمل العودة إلى ما قبل خمسين سنة أخرى، وعلى الجميع تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ونسأل الله العلي القدير أن يجنب البلاد والعباد أي مكروه.
- وما مدى تفاؤلك بلجنة القضاة لإدارة الانتخابات؟ * والله بالنسبة للقضاة لا نستطيع أن نحكم عليهم مسبقاً، لكن هناك محذور دستوري، فمثلا إذا اختلفت مع عضو اللجنة وهو قاضي ، فما هو المرجع لهذا الاختلاف كمؤسسة دستورية ، لأن القضاء كان هو المرجعية للخلافات، والنص الدستوري لم يشترط في أعضاء اللجنة بأن يكونوا قضاة، وإنما حدد أن تكون لجنة عليا مستقلة ومحايدة لإدارة عملية الانتخابات.
- ختاماً: هل ستخوض أنت شخصياً هذه الانتخابات؟ * هذا يخضع للظروف، وحتى الآن نحن كأشخاص لم نحسم قضية الترشيح، لكن كتنظيم هذا أمر آخر.