الحلقة الثالثة في محافظة تعز شكل سلطان السامعي وعدد من أبناء المحافظة لجنة شعبية محلية هدفها مقاومة ما تعانية تعز من فساد. وقد دعت اللجنة في تعز إلى إضراب كعلامة واضحة لتصاعد الأزمة ونمو الغضب الشعبي.. وقد حاولت القوى الانتهازية والفاسدة أن تصور للقيادة السياسية أن دعوة الإضراب تخفي وراءها حساً طائفياً ومؤامرة سياسية. وكان هدف قوى الفساد أن تصرف نظر القيادة السياسية عن المناقشة الموضوعية لمشاكل المنطقة.
إدراكاً من القوى الوطنية للعبة القذرة للفئة الفاسدة بادرت إلى التجمع والتفت بعد ظهر يوم الثلاثاء 9/7/1991م بناءً على دعوى من الأستاذ محمد عبدالله الفسيل والدكتور محمد عبدالكريم المتوكل.
وقد حضر الاجتماع الإخوة : 1. محمد عبد الله الفسيل، عضو مجلس النواب. 2. محمد علي الأكوع ، من الشخصيات. 3. عبد الرحمن نعمان، حزب الأحرار. 4. عبد القدوس المضواحي، التنظيم الناصري. 5. مصطفى نعمان، ممثل لجنة تعز الشعبية. 6. محمد محمد الرجوي، عضو المؤتمر الشعبي. 7. أحمد محمد الشامي، حزب الحق. 8. حسن شكري، الحزب الاشتراكي. 9. عبد الله محسن الأكوع، الإصلاح. 10. حازم شكري، الرابطة. 11. عبدالله المقالح، نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء. 12. أحمد قرحش، السبتمريون. 13. عبده حمود الشريف، أكاديمي. 14. عبد الرحمن نصار، أكاديمي. 15. محمود جمال محمد، أكاديمي. 16. محمد عبدالله المتوكل، أكاديمي.
اتفق الحاضرون في تقييم الأوضاع وأنها وصلت من السوء إلى حد يهدد بكارثة والسكوت على ذلك يعتبر خيانة وطنية وتبلداً في غريزة الدفاع عن البقاء واعتبر الجميع مبادرة لجنة تعز مبادرة وطنية ودستورية وشرعية وتستحق الثناء ويكفي أنها أيقظت الحس الشعبي.
تم التواصل مع القيادة السياسية وتم الاتفاق على لقاء مع مجلس الرئاسة يوم الأحد 14/7/1991م الساعة العاشرة في دار الرئاسة وفي لقاء الخميس 11/7/1991م تم الاتفاق على إرسال رسالة مباركة للجنة الشعبية بتعز ودعوتها إلى استمرار عمل اللجنة مع تأجيل الإضراب لأن القيادة السياسية وافقت على الدخول في حوار مفتوح مع هذا التجمع.
واتفق المجتمعون على المبادئ الأساسية للورقة التي سوف تقدم في اللقاء مع مجلس الرئاسة ، وفي الموعد المحدد توجه الذين حضروا إلى دار الرئاسة وهم: 1- محمد عبدالله الفسيل. 2- أحمد محمد الشامي. 3- عبد الرحمن مهيوب. 4- عبد الله محسن الأكوع. 5- عبد الوهاب الآنسي. 6- محمد علي الأكوع. 7- حسين شرف الكبسي. 8- أحمد قرحش. 9- مجاهد القهالي. 10- حازم شكري. 11- عبدالرحمن نعمان. 12- محمد عبدالله المتوكل. وحضر اللقاء من القيادة السياسية: 1- الرئيس علي عبدالله صالح. 2- نائب الرئيس علي سالم البيض. 3- عبد الكريم العرشي عضو المجلس. 4- عبد العزيز عبد الغني عضو المجلس. 5- ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب. 6- حيدر العطاس رئيس مجلس الوزراء.
تحدث أعضاء التجمع بكل وضوح وفي نفس السياق الذي نصت عليه الرسالة المقدمة للقيادة. ركز محمد علي الأكوع على العبث بالمال العام وعبد الله الأكوع عن أهمية الثواب والعقاب وطرح محمد عبدالله المتوكل أهمية أن يكون التقييم للأوضاع متساو بين المجتمعين وبين القيادة حتى يتم الاتفاق على خطوات الإصلاح وأكد بأن الإصلاح يأتي من إرادة سياسية صادقة أو إرادة شعبية ضاغطة، وأكد عبدالوهاب الآنسي على أهمية التطابق في التقييم وحتى لا يزيف المنافقون والدجالون الحقائق وركز عبد الرحمن مهيوب على أهمية مشاركة القوى السياسية والشعبية حتى تتظافر الجهود واقترح تشكيل حكومة انتقالية لتعد قانون الانتخابات وتشرف عليها في الأخير تكلم رئيس مجلس الرئاسة وأكد قبول المجلس لما جاء في الرسالة المقدمة من حيث المبدأ وسيتم دراستها من قبل مجلس الرئاسة ويحدد موعداً آخر للقاء في الأسبوع القادم.
تواصلت لقاءات القوى السياسية والاجتماعية تحت اسم اللجنة الشعبية ثم عدل الاسم ابتداءً من 9/7/91م ليكون" اللجنة الشعبية للبناء الوطني" وتم الاتفاق على صفة اللجنة بأنها في هذه المرحلة ليست تكتل معارضة ضد السلطة القائمة وإنما هي تكتل استشعر خطر الأوضاع والحاجة الماسة لتصحيحها بصرف النظر عن الجهة التي تتولى السلطة.
وتحدد دور اللجنة في التالي: 1- تنمية الإرادة الشعبية لتشكل ضغطاً يساعد على إيجاد إرادة سياسية للتصحيح. 2- التعاون مع السلطة في تنفيذ برامج الإصلاح ومواجهة اخطبوط الفساد. 3- العمل على توجيه الإرادة الشعبية في الطريق الديمقراطي السليم والسلمي منعاً للقوى المزايدة والمخربة والمتآمرة.
وبتاريخ 7/8/91م أقر النظام الأساسي وتحددت أهداف اللجنة على النحو التالي: 1- العمل على ترسيخ النهج الديمقراطي التعددي والوقوف في وجه كل من يحاول تشويهه أو الالتفاف عليه. 2- المساهمة الفعالة في بناء دولة النظام والقانون وذلك بترسيخ الشرعية الدستورية. 3- الدفاع عن حقوق الإنسان التي كفلها الإسلام وتضمنها الدستور والمواثيق الدولية.
ونص النظام على أن اللجنة تتشكل من كل من يقتنع بأهدافها وتنطبق عليه شروطها ما عدا من يمثل حزباً أو منظمة لا تنطبق عليه الشروط . لقد حضر اجتماعات اللجنة ما يقارب من أحد وخمسين عضواً وتم تصنيفهم على النحو التالي: 10 من الاتجاه القومي. 14 من الاتجاه الإسلامي. 18 من الاتجاه الليبرالي. 19 مستقلون، ومنهم 11 عضوا من المؤتمر الشعبي حضروا بصفتهم الشخصية.
الحلقة الرابعة سكرتارية الأحزاب 14/9/1993 في العاشر من شهر سبتمبر 1991 وقع الاعتداء الذي قتل فيه الشهيد حسن الحريبي وجرح فيه عمر الجاوي وفهد الحريبي فتداعت الأحزاب والمنظمات والشخصيات كالعادة إلى عقد اجتماعات طارئة في مقر اتحاد الأدباء ومقر حزب التجمع الوحدي اليمني وصدر بيان إدانة بتاريخ 11/9 جاء فيه إن الاعتداء لا يستهدف الجاوي والحريبي وولده وإنما يستهدف حرية وكرامة واستقرار وإنسانية كل يمني وهو لم يكن سوى محاولة للقضاء على الديمقراطية والوحدة الوطنية وإعادة المجتمع إلى عصر الدكتاتورية وخنق الحريات وعصر التمزق والشتات. وقد أقر المجتمعون اختيار سكرتارية ثابتة تقوم بالتنسيق فيما بينهم كما تقوم بمتابعة القرارات وتقديم المقترحات بوسائل وأساليب تطوير فعالية العمل الشعبي والجماعي بهدف ترسيخ النهج الديمقراطية وكان هذا أول إشارة إلى ما سمي بعد ذلك بسكرتارية الأحزاب والتي تم الاتفاق على مسماها في لقاء واسع في منزل الأستاذ محمد شاكر بتاريخ 14/9/1991 وقد كلف كاتب هذه السطور برئاستها.
كان باكورة عمل السكرتارية الدعوة إلى لقاء لمناقشة أحداث 19/10/91 التي راح ضحيتها شهيد الواجب ضابط المرور الملازم عبده علي شرف. وقد أصدرت الأحزاب بياناً بتاريخ 20/10/91 أكدت فيه أن ما تشهده الساحة اليمنية ليس إلا دليلاً على عدم الالتزام بالشرعية الدستورية والتساهل في تطبيق القوانين وتحقيق العدل والمساواة وبروز المصالح الشخصية. ويؤكد البيان أن الأمن والاستقرار لن يتحقق إلا بتحقيق العدل وترسيخ النهج الديمقراطي واحترام الشرعية الدستورية وسيادة القانون على الجميع دونما تمييز وما أحداث السبت الدامي إلا ظاهرة لخلل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويرفض البيان العنف سواء من قبل المواطن والسلطة. ويؤكد البيان أن مظاهر الخلل الذي أفقد الناس الثقة في العدل هو التدخل الذي تمارسه السلطة التنفيذية والرئاسية في شؤون القضاء ويرفض البيان لهجة التهديد والوعيد التي جاءت في بيان المؤتمر الشعبي وأنهم أن من يردد بأن الخلل الأمني ناتج عن الوحدة والديمقراطية إنما يسعى إلى القضاء على المناخ الديمقراطي وسوف يقف الجميع في وجه كل من يحاول المساس بالوحدة أو الديمقراطية. في الأخير يدين البيان المحاولة الآثمة التي تعرض لها صادق عبدالله حسين الأحمر أمين عام الحزب الجمهوري وعضو مجلس النواب.
في 1/1/92 قدم رئيس سكرتارية الأحزاب ورقة عمل إلى كل من اللجنة الشعبية للبناء الوطني وسكرتارية الأحزاب تحت عنوان "الفترة الانتقالية الموعد والمهام". والمهام التي فسرتها الورقة هي المهام التي تكفل ممارسة العمل الديمقراطي وتوفر الضمانات لاستمراره والعمل على تخفيف السلبيات المحتمل أن تنتج عنه بحكم حداثة التجربة ونقص الوعي. وفي ظل غياب مؤسسات الحكم المتمايزة الأدوار والمحكومة بالنصوص الدستورية تظل الأمزجة الشخصية والطموحات الذاتية والعلاقات الأسرية والقبلية والمناطقية تشكل عاملاً قوياً في إدارة الحكم. وطرحت الورقة ثلاث إشكاليات: الأولى: قابلية نمو الحساسيات المناطقية والقبلية كنتيجة للعزل بين أجزاء الوطن وغياب الأطر الحديثة الممتدة على مستوى الساحة.
الثانية: سلطات الدول النامية تتقبل أشكال العمل الديمقراطي ما دامت هي على رأس السلطة وحين تتعرض سلطاتها ومراكزها ومصالحها للخطر فإنها تقلب للديمقراطية ظهر المجن.
الثالثة: ليس هناك ضمانات تمنع مراكز القوى من الخروج عن النهج الديمقراطي إلى الحكم الشمولي في ظل غياب الوعي الاجتماعي وغياب التوازن بين القوى السياسية.
اقترحت الورقة أربعة حلول: الأول: توسيع صلاحيات السلطة المحلية بما يساهم في إضعاف الحساسية المناطقية ويرسخ المشاركة ويمنع العودة إلى الحكم الشمولي على أن تكون الانتخابات المحلية قبل الانتخابات العامة.
الثاني: إنشاء مجلس للشورى منتخب بالتساوي من كل المحافظات بما يساعد على إضعاف الحساسية المناطقية ويساعد على خلق توازن اجتماعي وسياسي.
الثالث: وضع ميثاق شرف ينص على التزام الحزب الفائز في أول انتخابات بعد الوحدة أن يشارك كل القوى السياسية عند اختيار الوظائف السياسية العليا على أن يخضع المعينون للفحص من قبل مجلس الشورى والنواب مع التزام كل الأطراف بأحكام قانون الخدمة المدنية عند التعيين في الوظائف الإدارية.
الرابع: تحييد القوات المسلحة بفك ارتباطها بأي جناح من الأجنحة السياسية ووضعها تحت السلطة المدنية. وبدون القبول بحيادية القوات المسلحة فإن ذلك يعني أن مراكز القوى المهيمنة مصممة على الاحتفاظ بمواقعها وفي مثل هذا الحال ليس هناك سوى خيارين عند ظهور نتائج الانتخابات الصراع المسلح أو القبول بحل سياسي توافقي قد يجرح الديمقراطية لكنه يظل الأقل ضرراً من خيار الصراع المسلح ويشترط هنا أن يكون الحل التوافقي مساعداً على ترسيخ النهج الديمقراطي وغير معيق له وأن يكون التقدم فيه ولو بالتدرج.
لقد ووجهت الورقة بحملة مضادة من قبل المؤتمر الشعبي وقد حشد حشداً كبيراً عند الاجتماع لمناقشتها في منزل الأخ الفسيل. ووجهت الورقة أيضاً ببرود من قبل أحزاب أخرى وبعد استيعاب من طرف ثالث. وقد استدعاني الأخ علي سالم البيض نائب الرئيس وقال أنا موافق على كل ما جاء في الورقة التي كان يلوح بها في يده، قلت له أخي النائب لا يكفي أن توافق على الورقة ولكن بحكم مسؤوليتك عليك أن تتبناها. وقد بادرت صحيفة صوت العمال حينها وقامت بنشر الورقة كاملة.. و قد أعادت نشرها مؤخراً صحيفة الشارع.
تصاعدت حوادث الاغتيالات التي تعرض لها بشكل خاص أعضاء الحزب الاشتراكي فعقدت سكرتارية الأحزاب اجتماعاً طارئاً في 9/1/92 وأرسلت رسالة لمجلس الرئاسة تقول فيها إن الدولة التي تعجز عن المحافظة على أمن المواطن وحريته وكرامته تكون قد فقدت مبررات وجودها وما يجري يدل على أن السلطة لم يعد لها من هم سوى المحافظة على مصالح ومراكز القائمين عليها.
هذا ولقد بذلت سكرتارية الأحزاب جهداً كبيراً في مناقشة وإثراء قانون الأحزاب ولائحته وقانون الانتخابات وقانون المسيرات السيئ الصيت وخلقت مناخاً حوارياً بين كل الأحزاب المعارضة والحاكمة وشكلت ضغطاً على الأحزاب الحاكمة مما دفعها إلى الانسحاب من السكرتارية.