في البداية، أحب أن أوضح أنني أكن الاحترام والتقدير لشخص رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح وأقر بأنه رجل ذو تأريخ وسجل حافل بالإنجازات والنجاحات، وفي طياته الكثير من الإخفاقات والفشل وهذا أمر طبيعي في حياة أي إنسان. لكن هذا لن يمنعني أن أقول رأيي في فترة رئاسته وحكمه كابن بار أولاً، وثانياً كمواطن يمثل جيل الشباب ويحب وطنه ويهمه حاضره ومستقبله ويتطلع لمستقبل أفضل وحياة كريمة. فخامة الوالد الرئيس: أنت من تعلمنا وتتلمذنا على يديك ومن خلال خطاباتك التي ضمنتها كل كلمات الشجب والإدانة للإمامة وتخلفها وفترتها الرهيبة التي جثمت على صدر الشعب اليمني وأعطت لنفسها كل شيء وحرمت الشعب من كل شيء، وأنت الجمهوري الديمقراطي الوحدوي بماذا تختلف عنهم؟؟ فبعد 33 عاماً من الحكم تأتي لنا بين فترة وأخرى بقصة تعديلات دستورية هامشية جداً وغير ذات جدوى والغرض معروف هو تصفير العداد، لأن القانون لا يطبق بأثر رجعي وحتى تتيح الفرصة لك للترشح من جديد، وأصبح الدستور كدفتر تلميذ بيد معلم يعدله ويصحح فيه كما يشاء أليس هذا استخدام لسلطاتك ومركزك من أجل مصلحتك الشخصية والبقاء على كرسي الرئاسة مهما كانت الظروف والتحديات؟ وأنت صاحب المقولة المشهورة (نحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون). ونحن نعلم حجم الضغوطات التي تعرضت لها عام 2006م عندما أعلنت عدم رغبتك للترشح وقلت بصريح العبارة أن المنتفعين والفاسدين يتخذوا منك مظلة تغطي على فسادهم، أو تاكسي يكمل لهم مشوار طموحاتهم الشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا. فقد نجحت في الوحدة وأتحت هامشاً من الديمقراطية، وكم سيكون جميلاً لأن تكون مانديلا اليمن فترسخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وتثبت جذورها وتعطي نموذجاً مشرفاً للحاكم العربي المتهم دائماً بأنه لا يترك السلطة إلا مطروداً أو ميتاً.
والسؤال المطروح هل الرئيس أهم من اليمن أم اليمن أهم من الرئيس؟ وعلى اعتبار أن اليمن والرئيس كلاهما مهمان فلماذا يضع الحزب الحاكم الشعب اليمني أمام معادله صعبة وهي أن اليمن يساوي الرئيس وبما أن الرئيس بشر فإن غيابه لسبب أو لآخر سيجعل قيمة اليمن تساوي صفر وهذه معادلة ظالمة بكل المقاييس لأن الوطن من حقه أن يتمتع بدولة مؤسسات تدير شؤونه ولا يربط مصير الوطن بمصير شخص أياً كان.
نحن نعلم الحجج التي يسوقها البعض من أجل التمديد للرئيس ومنها التنمية والاستقرار والأمن والأمان، وبصراحة نحن نكذب على أنفسنا، وهذه هي المصيبة الكبرى التنمية في أدنى مستوياتها، فهل معقول يا فخامة الرئيس خلال 33 عاماً لم تستطع توفير خدمة الكهرباء من غير انقطاع للعاصمة التي فيها كل ثقل الدولة وهيبتها؟! ناهيك عن الخدمات الأخرى كالصحة والتعليم والطرقات والتي أوضاعها لا تسر أحد على الإطلاق. ثم أين الاستقرار والأمن والأمان ؟ محافظة عمران وكر للتقطع القبلي وكل عدة كيلومترات فيها تقطع، سفيان وأجزاء واسعة من صعدة والجوف تحت سيطرة الحوثيين. الضالع ولحج وأجزاء من شبوة وأبين ساحات معارك بين المسلحين ورجال الأمن والجيش وكل يوم هناك ضحايا قتلى وجرحى.
أما الاقتصاد فهو في حالة مزرية هناك تدهور مستمر للقيمة الشرائية للعملة الوطنية وارتفاع في الأسعار والتضخم واستمرار في جرع الموت البطيء "كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها".
كنا نفتخر باستقلاليتنا وسيادة أراضينا واليوم سماءنا ومياهنا مرتعاً لطائرات التجسس وأساطيل القوى الدولية. التي كما وصفتها بأنها عندما تحتاجنا فهي ذات دماء حارة ومتعجلة وعندما نحتاجها فهي باردة كالبريطانيين.
سيدي الرئيس عد لخطابك الأول أمام الشعب، كم كنت لطيفاً وطيباً وصادقاً في توجهاتك!! وأثمرت جهودك إنجازات لا تخطئها العين خلال الثمانينات وبداية التسعينيات وبتلك الطريقة والعقلية المنفتحة على الحوار والإقناع جمعت أبناء الوطن حول الميثاق الوطني وأقنعت قادة الجنوب سابقاً في الدخول معك في شراكة الوحدة ولكن عندما انتهجت طرقاً أخرى بفرض الأمر الواقع والقوة تحول كل حلفائك إلى خصوم بدءاً بالاشتراكي والإصلاح وظهرت الحركات المتطرفة والمتمردة وأصبحت تواجه جميع التيارات والتحديات الداخلية والخارجية دون إجماع وطني. وهذا الطريق الذي تمضي فيه ليس الطريق الصحيح بعد تجاوز الحوار الوطني إلى الإجراءات الانفرادية ولعل التجربة المصرية والأردنية قد شجعت على اتخاذ هذه الإجراءات ولكن وضعنا يختلف عنهم تماماً في كل شيء وخاصة في الجانب الاجتماعي والأمني والسياسي.
سيدي الرئيس الشعب يئن ويعاني أوضاعاً صعبة وخاصة في الجانب الاقتصادي وأي احتجاج يواجه بالتخوين ومصفوفة التهم الجاهزة وكأن الشعب يعيش في بحبوحة العيش وعندما يعترضون يتهمون بأنهم يخدمون أجندة سياسية خارجية حاقدة. لم نسمع يوماً أنك أقلت مسئولا كبيراً فاسداً تسبب في معاناة الناس وأحلته للقضاء ليكون عبرة لغيره، ولجنة مكافحة الفساد تفيد بأن ملفات الفساد تصل إلى الرئاسة لتدخل في سبات عميق . وأقصى عقوبة للفاسد هي ( روح البيت) ليستمتع بما نهب أو يتم نقله لموقع آخر ليبدأ قصة أخرى من الخيانة لله والوطن ونهب أموال الناس. احتجاجات بسيطة في تونس أطاحت برؤوس وزراء ومحافظين وعندنا تحدث أمور عظيمة في محافظات ومؤسسات ووزارات ويبقى المسئولون وكأنهم قد تملكوا تلك المناصب ويراودهم حلم توريثها للأبناء والأحفاد.
سيدي الرئيس: سياسة توزيع السيارات والأموال والأراضي ومنح المناصب للأولاد والأنساب والمقربين أثبتت فشلها ونتائجها عكسية وسلبية وتغيض الشعب وتثير الحقد والكراهية في نفوسهم تجاهك شخصياً وتجاه النظام وحتى ضد مكتسبات الوطن العظيمة كالثورة والوحدة.
وأختم بأن الحوار الوطني والتنازل من أجل مصلحة اليمن من قبل كل الفرقاء وتجسيد مبادئ الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة هو بداية الطريق الصحيح نحو المصالحة والتنمية وأضيف بأن مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والأمنية إن انتظرنا أن يحلها لنا الأجنبي والخارجي والجيران فلن نحلها أبداً وإنما سنخسر سيادتنا واستقلالنا وكرامتنا وسنفقد قرارنا ويجب علينا أن نحل مشاكلنا بأنفسنا ونبحث عن الحلول والتي تبدأ بمحاربة الفساد وتفكيك شبكته وإصلاح النظام التعليمي وتطويره لأن العقليات المتخلفة لا يحررها إلا التعليم ومن ثم تبني إستراتيجية إصلاح و تنمية وطنية اقتصادية، زراعية، صناعية، سياحية، ثقافية، سياسية، أمنية وقضائية تضع اليمن على الطريق السليم في مسار التقدم والتحديث. أسأل الله أن يحفظ اليمن من كل سؤ ومكروه وأن يوفق ولاة أمرنا للخير والصلاح والرشاد (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين). ودمتم سالمين في ظل وطن موحد معطاء.