قال شهود ومصادر طبية ان الاحتجاجات انتشرت في أنحاء اليمن يوم الاربعاء مطالبة بانهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح المستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود في حين قتل أحد المحتجين في اشتباكات مع الشرطة في جنوب البلاد. وفي مدينة عدنبجنوب البلاد قال سكان ان نحو 500 مُحتج اشتبكوا مع الشرطة التي أطلقت النار في الهواء لتفريق الحشود. وأُصيب اثنان برصاصات طائشة كما أُصيب آخران بالغازات المسيلة للدموع. وقال أطباء ان المحتج محمد علواني (21 عاما) توفي إثر اصابته بطلق ناري.
وعلواني هو أول محتج تعرف رويترز انه لقى حتفه في ثلاثة اسابيع من الاحتجاجات التي تزداد عنفا في اليمن. وقال والد علواني لرويترز عبر الهاتف "توفي ابني وأنا حزين."
وقال سكان لرويترز ان محتجين غاضبين طوقوا مركزا للشرطة في عدن وقام عدد منهم باضرام النار في مبنى للبلدية وعدة سيارات.
ونقلت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) عن الرئيس علي عبد الله صالح حليف الولاياتالمتحدة في مواجهة تنظيم القاعدة قوله ان الاضطرابات مؤامرة أجنبية لخلق حالة من الفوضى في الدول العربية.
وقال صالح في اتصال هاتفي مع ملك البحرين للتعبير عن دعمه للمملكة التي تواجه ايضا احتجاجات متصاعدة ان تلك المخططات "تستهدف اغراق المنطقة في حمى الفوضى والعنف لتمرير أهداف تستهدف أمن الامة واستقرار دولها ولا يستفيد منها غير أعداؤها." واضاف "ان من يرتكبون أعمال الفوضى والتخريب انما ينفذون أجندات خارجية مشبوهة."
وقال سكان في عدن لرويترز ان ستة محتجين اخرين أصيبوا في الاشتباكات المستمرة وان الشرطة فتحت النار مجددا. ودفع خطر الاضطرابات في اليمن -الذي يسعى جاهدا للقضاء على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وعلى حركة تمرد في الشمال وحركة انفصال في الجنوب- صالح الى الوعد بعدم الترشح مرة أخرى بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2013 وعرض الحوار مع المعارضة التي قبلت ذلك. لكن الاحتجاجات المناهضة للحكومة استمرت في الايام الستة الاخيرة وكثيرا ما كانت تتحول الى اشتباكات عنيفة مع المؤيدين للحكومة.
وهتف المحتجون هناك منددين بتهميش أبناء عدن وبالفساد والظلم. وكان أغلب المتظاهرين من الشبان العاطلين في اليمن الذي تبلغ فيه نسبة البطالة 35 في المئة على الاقل. كما رددوا هتافات تدعو للاحتجاج حتى اسقاط النظام.
ويوشك اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 23 مليون نسمة على الانهيار والسقوط في براثن الفوضى. ويقل دخل نحو 40 في المئة من السكان عن دولارين في اليوم كما يعاني ثلثهم من الجوع المزمن. وتندر فرص العمل والفساد مستشر وينمو السكان بمعدل سريع في الوقت الذي تنفد فيه موارد المياه والنفط.
وكانت الاحتجاجات على مدى الاسبوع الاخير أصغر مما شهدته البلاد في الاسابيع السابقة عندما انطلق عشرات الالاف الى الشوارع لكن المتظاهرين أصبحوا أكثر اصرارا على المطالبة باستقالة صالح.
ويقول محللون ان من غير المرجح أن تتحول الاحتجاجات في اليمن الى انتفاضة شعبية حاشدة مثلما حدث في تونس ومصر. لكن في حالة استمرار الاحتجاجات فان هذا البلد الذي يمتلك فيه شخص من كل اثنين سلاحا ناريا قد يشهد فترة طويلة من الاضطرابات التي قد تكون أكثر دموية.
وقال ابراهيم شرقية الباحث بمركز بروكنجز في الدوحة ان النموذج اليمني للانتفاضة لا ينطوي على امكانية اسقاط النظام لكنه قد يؤدي الى تقويض استقرار البلد. واضاف ان القاعدة والجماعات المتمردة قد تستغل الوضع.
وتابع شرقية ان احتمال خلق حالة عدم استقرار يمكن عند نقطة معينة أن يؤدي الى استقالة الحكومة أو الرئيس. وفي العاصمة صنعاء شاهد صحفي من رويترز مئات من الموالين للحكومة مسلحين بالهراوات والخناجر وهم يقفزون من سيارات لمطاردة نحو 800 محتج كانوا ينظمون مسيرة في الشوارع ورشق المحتجون مطارديهم بالحجارة لكنهم تفرقوا سريعا.
وقال أحد الموالين لصالح "هؤلاء الناس المجانين يريدون تدمير البلد ... سوف نضربهم حتى يعودوا الى رشدهم." وتعرض محتجون وصحفيون للضرب في الاشتباكات يوم الاربعاء. وقال النشطاء الذين نظموا احتجاجات صنعاء ان عشرة أشخاص تعرضوا للطعن أو الضرب المبرح.
وقال مراد محمد وهو طالب من صنعاء "سنواصل الاحتجاج حتى يرحل هذا النظام... لا مستقبل لنا في ظل هذه الظروف." وقال أحد السكان لرويترز ان 500 شخص على الاقل ممن قاموا بمسيرات الليلة الماضية في مدينة تعزجنوبيصنعاء تعهدوا بالتجمع مجددا مساء الاربعاء.
ووافق ائتلاف المعارضة على التفاوض مع صالح لكن الكثير من المحتجين الشبان أصيبوا بالاحباط. وقال رافع عبد الله وهو طالب بجامعة صنعاء "لسنا أضعف من التونسيين والمصريين وأوضاعنا أسوأ منهم" في اشارة الى انتفاضتين شعبيتين أطاحت برئيسي مصر وتونس.
وفي أماكن أخرى بصنعاء تجمع عشرات الصحفيين أمام نقابة الصحفيين للاحتجاج قائلين انهم يتعرضون لهجمات مستهدفة لتغطيتهم للمظاهرات.
وألغى صالح يوم الاحد رحلة كان يعتزم القيام بها الى واشنطن في وقت لاحق هذا الشهر فيما قالت وكالة الانباء الحكومية انه بسبب الظروف في المنطقة. من محمد الغباري ومحمد مخشف