صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    شبكة مالية سرية لتبييض الأموال وغسلها والتحكم بمفاصل اقتصاد اليمن    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    جماعة الحوثي تطلب تدخل هذا الطرف الدولي لوقف تصعيد الشرعية وقرارات "مركزي عدن"    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    فضيحة حوثية تُثير موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي و تُهدد الاقتصاد (صورة)    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة التفاعلية على موقع "المصدر أون لاين" حول مقابلة الشيخ حميد الأحمر
نشر في المصدر يوم 15 - 08 - 2009

خلال فترة طويلة مضت من العمل السياسي، لم تحظ مقابلة باهتمام شريحة واسعة من الجمهور – وبالأخص منهم الجمهور اليمني – مثل ما حظت به مقابلة الشيخ حميد الأحمر في برنامج "بلا حدود" على قناة الجزيرة (مساء الأربعاء الفائت). ربما تعلق الأمر بما احتوته تلك المقابلة التي اعتبرها البعض "قوية" و"جريئة".
في الواقع.. لم تكن مهمة الشيخ "حميد" سهلة، ليس –فقط- لكونه قرر خوض غمارها أمام صحفية "قديرة"، أعدت لمواجهته الذخيرة الكافية من المعلومات، ما يجعلها تتحكم في مسار المقابلة، وتنتقل بضيفها من زاوية إلى أخرى..أو لكونه وافق على أن تكون ساحة المواجهة قناة كبيرة مثل قناة "الجزيرة" (التي يشاهدها الملايين من العرب، ويخصها اليمنيون بالحب والاحترام والثقة).. بل أضف إلى ذلك، أنه قبل بتلك المواجهة، وهو يدرك تماماً أن الأوضاع التي تمر بها البلاد، لم تكن إلا شديدة الحساسية، ومعقدة أكثر من اللازم، الأمر الذي كان ولابد أن يدرك فيه أنه سيخضع لامتحان عسير، بل وعسير جداً، لعل أهم ما توجب عليه القيام به إزاء ذلك، هو: تقديم أو تسويق "مشروع الحوار الوطني" (الذي يقف على رأسه كأمين عام) بطريقة ذكية ومناسبة تجعله مقنعاً لأن يكون هو الحل المناسب لمشاكل البلاد.
فهل فعل الشيخ ذلك، أم أن كم الأسئلة المتوالية التي قصفته بها المذيعة، لم يترك له مجالا لتنفس الصعداء إلا مع آخر كلمة، حينما أعلنت الانتهاء من مهمتها..!
مع أنه انجرّ كثيراً مع المناخ الساخن الذي فرضته الصحفية، بسيطرتها على اللقاء، إلا أنه استطاع - إلى حد ما - مجاراة ذلك الأسلوب، من خلال تماسكه وتجاوبه المتأني مع بعض الأسئلة المفخخة، المتنقلة من محور إلى آخر، لعل أصعبها تلك التي كانت تتعرض لشخصه. ومع ذلك يبدو أن الرجل استطاع تقديم جزء من ملامح المشروع الذي يقوده مع أحزاب اللقاء المشترك ومجموعة من التنظيمات الأخرى والشخصيات الاجتماعية، في مواجهة أزمات البلاد المتفجرة. قد يكون الجزء الأهم في ذلك هو: اعتباره أن استمرار الرئيس على رأس البلاد، هو الجزء الأساسي في المشكلة، وبالتالي فإن الحل الأنسب هو: "ضرورة تنحيه عن الرئاسة".
وفي الحقيقة، يمكن اعتبار مثل هذا التوصيف والحل، هي الرسالة الأهم التي أراد الشيخ توجيهها من خلال تلك المقابلة. وهو أمر لن يكون مفاجئاً، إذا ما ربطنا ذلك بما احتواه البيان الختامي للقاء التشاوري الموسع (22- 23 مايو الماضي)، والذي ذهب إلى مثل ذلك. وإن لم يكن أشار إليه صراحة، بطريقة مباشر، إلا أنه تضمن المعنى التوصيفي ذاته، من خلال اعتباره أن جذر الأزمة الوطنية وأساسها "في شخصنة النظام والدولة". كما تجسد في دعوته إلى ضرورة "صياغة عقد اجتماعي جديد".

إلا من بعض ردود الفعل - الزهيدة جداً- التي تناولتها مقالات في صحف رسمية، فضل النظام، وسلطته، عدم الرد (على الأقل حتى الآن) إن لم يكن ما يزال يعد جيداً لرد مناسب. قد لا يأتي الرد بشكل تقليدي (بيان، أو تصريحات صحفية). ربما سيكون هناك أسلوب آخر، أكثر تأثيراً.. مثلاً : استخدام أسلوب "الغمر بالماء" الذي استخدمته الإدارة الأمريكية ضد معتقلي "جوانتانامو" وهو أسلوب رهيب يتعامل مع القوة النفسية للمستهدف أكثر من القوة البدنية.
وبالعكس، لاقت المقابلة،ردود فعل على مساحات واسعة في الصحافة الأهلية. إن بشكل تقارير صحفية، تناولتها بعض الصحف من عدة جوانب. وإن بشكل مقالات لكتاب ومحلليين قالوا فيها ما قالوا: سلباً وإيجاباً.
* الصحافة التفاعلية.. مكان مناسب للعامة:
ما يهمنا هنا هو ردود فعل أخرى من العامة على موقع "المصدر أون لاين" الذي كان بث تقريراً أولياً لمحتوى المقابلة، في نفس تلك الليلة التي أجريت فيها.
كانت المفاجأة أن التقرير – الصغير – أصبح كبيراً بتعليقات زوار الموقع. ففي الليلة ذاتها، تجاوزت التعليقات أكثر من (80) تعليقاً، بينما استمرت بعد تلك الليلة لتتجاوز ال(115) تعليقاً.
لقد تنوعت تلك التعليقات، بين: التأييد والنقد. بين التشجيع والتشكيك. وكما وجد من يناقش الأمر بشكل جاد، كان هناك من حول النقاش إلى تجاذبات واستعراضات، ومحاولة تعزيز موقف طرف ضد آخر. وفي الوقت الذي افتقدت فيه معظم التعليقات – إن لم تكن جلها، عدى عدد محدود جداً جداً منها – للنظرة العميقة لمحتوى المقابلة، ارتكزت بعض الأحكام على العامل المناطقي، ودخل الجدال في قضايا جانبية – بعيده عن مضمون المقابلة – ليعكس واقعاً مزرياً غير ناضج لمجموعة لا بأس بها من مرتادي الشبكة العنكبوتية.
ويمكن بشكل أولي تقديم تلخيص سريع لما عكسته معظم التعليقات. ففي المرتبة الأولى، كانت مجموعة كبيرة قاربت النصف (حوالي 50 تعليقاً) مؤيدة للشيخ، وأعرب معظم هؤلاء عن إعجابهم، بصراحته وشجاعته.
بالمقابل، احتل الرافضون (غير المؤيدين) للشيخ حميد فيما ذهب إليه، المرتبة الثانية(قرابة 35 تعليقاً). وبين هؤلاء وأولئك، كان هناك معلقون آخرون لم يؤيدوه، لكنهم أيضاً لم يعربوا عن رفضهم لتصريحاته. كما أخذت بعض الردود والتوضيحات الجانبية حيزاً آخر من التعليقات. (كانت معظم هذه الردود عبارة عن توضيحات لمن انتقد آراءهم وهاجمهم. واقترب العدد الإجمالي لهذه الردود والتوضيحات الجانبية، بشكل كبير جداً من العدد الذي حاز عليه الرافضون – غير المؤيدون - للشيخ)

* أهم ما احتوته التعليقات:
بسبب غياب النظرة العميقة المتفحصة، لمضمون المقابلة، غالباً ما انعدم التحليل المنطقي والجدي، وسيطرت النظرة المناطقية، و إلى حد ما: الساخرة. إلى جانب ذلك ظهرت بعض الردود المجردة من الفكرة، حيث جاءت بعضها فقط لمجرد الرد، كما حاول البعض تسويق فكرته – التي قد تكون غير مقبولة على أرض الواقع – مثل محاولة كسب المناصرين لفكرة "الانفصال"، أو فكرة "تعميق الفجوة الثقافية من خلال التقسيم الجغرافي... الخ.
من خلال تحليل تلك التعليقات، يمكن الوقوف على النتائج التالية:
أولاً: المجموعة المؤيدة للتصريحات:
- بالنسبة لمؤيدي الشيخ حميد، اقتصرت معظم التعليقات على عبارات قليلة مقتضبة، جاءت معظمها بصورة تأييد لما قاله، حيث اعتبر معظم من في هذه المجموعة، أن ماقاله الشيخ جاء متوافقاً مع ما في نفوسهم بل أن البعض قرر – بشكل غير علمي – توافق ما جاء في تلك التصريحات مع ما يريد أن يقوله "كافة اليمنيين"..!! وانقسم أصحاب هذه المجموعة إلى عدة أقسام في تحديد القضايا التي أعجبوا بها في تلك التصريحات. القسم الكبير منهم أشار إلى إعجابهم بدعوته [الشيخ حميد] للرئيس بضرورة "التنحي عن السلطة" كحل مناسب للمشاكل القائمة، بينما أشار قسم آخر إلى إعجابهم بشجاعته وصراحته وصدقه. آخرون أيدوه بالقول أن ما قاله يشعرون به على أرض الواقع. وفيما اعتبر البعض أنه "أحيا فيهم الأمل"، كان آخرون يقولون إنه "أشفى غليلهم"، و"أثلج صدورهم"، بينما فضل مجموعة منهم التعميم بالإشارة إلى إعجابهم بكل ما ورد في تصريحاته.
- الأمر الآخر، بالنسبة للمؤيدين، ظهر بعض المتحدثين باسم مناطق وقبائل يمنية بعينها في كل من خولان، والحيمة، وشرعب، وعمران، والبيضاء، وحتى عدن وحضرموت.. وباسم مناطقهم أيدوا ما جاء على لسان الشيخ حميد، كما دعوه لمواصلة ما بدأه، أكدوا وقوفهم معه. (وبالنسبة لهؤلاء من البديهي أنه لا يمكن اعتبار حديثهم باسم مناطقهم وقبائلهم، إلا أمراً شخصياً، وهو ربما يندرج في إطار التجاوز الفردي غير المعتد به من حيث تعميم الحديث باسم المجموع، ذلك إن لم يستند لبيان جماعي للقبيلة أو المنطقة. وهو أمر من الصعب أن يحدث على أرض الواقع.وخصوصاً في مثل هذه القضايا).
- ذهب البعض – في هذه المجموعة – لكيل المديح للشيخ حميد، باعتباره الشجاع، والبطل، وقائد التغيير، كما استجلب البعض مناقب والده، واعتبروه "شبلا" منه.
- قسم آخر في هذه المجموعة، حاول التعمق في القضايا، من خلال محاولة سرد معاناة أبناء الوطن من الفساد القائم. وأشار البعض إلى شخصنة النظام، والعمل من خلال السلطة لتكريس فكرة الأسرة والعائلة والتوريث، كما تحدث آخرون عن الظلم القائم، والفشل في إدارة شئون البلاد وتكريس الأزمات.. وهو انعكاس واضح لما تناوله الشيخ في المقابلة.
- وفيما دعا البعض - من أفراد هذه المجموعة - أحزاب المشترك، لمواكبة هذا الخطاب، اعتبر آخرون أن ما قاله إنما يدخل في سياق ما يخطط له المشترك، معتبرين ذلك تمهيداً للانتقال إلى مرحلة جديدة ينوي المشترك الانتقال إليها خلال الفترة القادمة.
- ثانياً: المجموعة غير المؤيدة:
- أفراد هذه المجموعة امتازوا بكتابة تعليقات طويلة، وربما كان ذلك عائداً لمحاولتهم توضيح أسباب رفضهم لما قاله الشيخ. وأكثر ما كانت هذه المجموعة تحاول القيام به، هو: لوم المؤيدين، ووصمهم بالجهل، واعتبارهم مخدوعين وعاطفيين، والقول إن هناك لعبة وخدعة انطلت عليهم. (معظم من ذهبوا في هذا الاتجاه كانوا ينسبون أنفسهم للمناطق الجنوبية).
- الأعم الأغلب في تعليقات هؤلاء، استند إلى مبدأ التشكيك. ومع أن بعضهم اعتبر معظم ما قاله الشيخ حقيقة، لكنهم ظلوا يشككون بنواياه.
- وانقسم المشككون في تبرير شككوهم إلى عدة أقسام. معظمهم بنى تشكيكه على المعطى المناطقي: أي شخص من المناطق الشمالية مشكوك في نواياه، مهما كان ما يقوله صحيحاً أو منطقياً. بل اعتبر مثل هؤلاء أنهم ليسوا بحاجة لمن يدافع عنهم من المناطق الشمالية. وخلط بعضهم – بنظرة غير منطقية إن لم تكن عدائية - بين السلطة الحاكمة وكل مواطن في الشمال، بحيث لم يفرق بين الاثنين (السلطة، والفرد) من حيث أن ما يحدث لهم من مظالم –في نظرهم- لا تتحمل وزره السلطة فقط، بل كل ما هو شمالي.
- قسم آخر منهم، أرجع تشكيكه إلى الخلفية التي يقف عليها الشيخ حميد. كونه جزءاً أساسياً من السلطة، ومن الأسرة الحاكمة، ومن القبيلة التي تسيطر على مقاليد البلاد. بينما ذهب آخرون لاستجرار مواقف والده الداعمة للنظام، والقياس على ذلك، على كل ما يحدث من قبل أولاده، واعتبار الأمر مجرد خداع سياسي. وذكر البعض بمواقفه وأسرته وقبيلته في حرب صيف 1994.
- بينما آخرون استندو في تشكيكهم على الطموح الذي يسعى الشيخ حميد لبلوغه، عبر تلك التصريحات، مستغلاً مشاعر البسطاء وآلامهم. واعتبر جزء بسيط من هؤلاء، أنه جزء من السلطة، وأن مصالحه فيها، وبالتالي لا يمكنه أن يضحي بمصالحه الشخصية من أجل مصلحة الوطن أو مصالح المواطن البسيط. بينما أرجع آخرون، تلك التصريحات القوية – ربما - لخلاف بينه وبين الرئيس. أو كمحاولة لتبسيط القضية الجنوبية وسحب البساط على من يطالبون ب"فك الارتباط"
- البعض جاء اعتراضه على اختياره عبد ربه منصور كبديل للرئيس، واعتبروه غير مخول بتحديد شخص الرئيس الجنوبي، بينما تعرض منصور لبعض التعليقات اللاذعة من قبل البعض. بل إن أحدهم اعتبر هذا الاختيار يأتي ضمن مخطط، يكون فيه الشيخ حميد نائباً له، ومن ثم يحدث الانقلاب عليه بعد فترة وجيزة. ونفى مشكك آخر إمكانية أن تسلم قبيلة حاشد السلطة لأحد من خارجها..
- إلى ذلك، اعترض البعض على حديث الشيخ كثيراً عن قبيلته حاشد. وجاءت تلك الاعتراضات من قبيل: رفض فكرة أن تكون حاشد هي المنقذ لليمنيين ضد الظلم. ورفض فكرة الاستقواء بالقبيلة على حساب النظام والقانون.
- جاءت أقل الاعتراضات (3 تعليقات فقط) على فكرة الدعوة لتنحي الرئيس. حيث أعتبر أحد هؤلاء أنه مع بقاء الرئيس وأنه أفضل من القادم. بينما رأى آخر، أن ما حققه الرئيس يجعله الأصلح، أما الأخير. فقد قدم تعليقاً "عنادياً" دون تقديم أية مبررات، هكذا فقط، اعتبر أن الرئيس سيبقى في الحكم شاء من شاء وأبى من أبى، وأنهم سيقفون إلى جانبه..!
- تعرضت بعض التعليقات لموقف الشيخ من المملكة العربية السعودية، حيث أشار أحدهم إلى أن المستفيد الأكبر من السعودية هم "آل الأحمر".
- وكما قلنا سابقاً، فإن فكرة "المؤامرة" ظلت مسيطرة على أكثر المعلقين الرافضين والمشككين بتصريحات الشيخ حميد. حيث كان أغلب هؤلاء يؤمنون أن الشيخ "حميد" استطاع أن يلعب على المساكين والبسطاء، بتأجيج مشاعرهم، لكنه جزء من السلطة، ويعمل وفق تنسيق مسبق مع الرئيس. وكان من ضمن ما ذهبوا إليه أنه ذكي وسياسي محنك، واستطاع إقناع الكثيرين بما يريده، ولكن كل ذلك بتنسيق مع السلطة..
* بعض التعليقات التي تستحق الاقتباس:
- هناك مجموعة بسيطة جداً من التعليقات تلفت الانتباه إليها، سواء كانت مؤيدة لتصريحات الشيخ حميد، أم معارضة لها. وهنا سنقتبس أهم ما جاء في تلك التصريحات. مع إيراد بعض التعليقات التوضيحية كلما لزم الأمر..
- أحد المعلقين، وفي معرض حديثه عن الاختلالات القائمة في البلاد، وربطها بموضوع "تنحي الرئيس قال:" لو أن الرئيس يريد أن لا يكون مصيره مصير آل حميد الدين فهذه فرصته الأخيرة فليتنح".
- وفي أحد التعليقات، حلل أحدهم تصريحات الشيخ حميد من وجهة نظره، على أنها قد تكون دعوة للتخريب تحت مسمى التغيير، أو لعداوة شخصية مع الرئيس، ذلك مع أنه يعتقد أن الشيخ حميد في كلا الحالتين سيكون هو أكبر الخاسرين. نقتبس منه الآتي: قد تكون رسالة الشيخ حميد دعوه مفتوحة لمزيد من التخريب والدمار والتمرد تحت مسميات كثيرة منها التغير في السلطة، وقد تكون لعداوة شخصيه أو حزبيه بينه وبين الرئيس جعلت من المطالب بإزاحة الظلم مطية يصل بها إلى مأربه حتى لو كانت على حساب النظام. وفي كلتا الحالتين أن كان صحيحاً فهو من ضمن الخسرانين إذا لم يكن أكثرهم. ما يشفع له في هذه دعوته للرئيس بالتنحي هو اقتراحه أن يكون الرئيس من الجنوب! ( وهو أمر متناقض، إذ كيف يفعل ذلك، مع أنه سيكون الخاسر الأكبر؟)
- وبخصوص الدعوة لتنحي الرئيس، أيد أحد المعلقين ذلك، وقال إن التنحي أصبح ضرورة يحتمه الواقع، قياساً بما يحدث من اختلالات وسيطرة أسرية على النظام. لكنه أختلف مع تلك الدعوة بتحديد الرئيس البديل، بحيث أن ذلك يعتبر أمراً لا ديمقراطياً، قال: إذا كنا نطالب بتنحي الرئيس الفاسد وزمرته فإن هذا لا يعني تنازلنا عن صناديق الاقتراع وإعطائنا الراية لرئيس لا ينتخبه الشعب بأسره، وليس المهم أن يكون ياسين سعيد أو البيض أو حتى حميد نفسه، المهم أن يكون منتخباً من قبل الشعب . هكذا تعلمنا الديمقراطية الصحيحة. وإذا كان الشيخ حميد أو غيره هو من سيضع اسم الرئيس المقبل ونائبه فإننا سنصبح ( كالمستجير بالرمضاء من النار).
- معلق آخر، اعتبر أن كلام الشيخ حميد لا يمكن أن يكون لغواً، وإنما يجب النظر إليه باعتباره تدشيناً لمرحلة جديدة، ودعا الجميع لشد الهمة.. جاء في تعليقه الآتي."..إذا: هو تدشين لمرحلة قادمة من تصعيد النضال السلمي. ولهذا الخطاب ما بعده. المطلوب شد الهمة، والحكمة، وعدم إصدار الإحكام وعلى الجميع أن يبحث عن الدور، وأين يضع الجهد.. البلد بحاجة للجميع ولكل الطاقات.. فلنكن أهلاً لهذه المسئولية".
- وفي السياق ذاته، علق أحدهم بالقول إن حميد جزء من كيان سياسي هو المشترك، وأن تصريحاته ليست هوجاء وإنما تدخل في إطار البرنامج العام للمشترك ولمختلف القوى المنظوية في إطار الحوار الوطني. حيث جاء في تعليقه "كلام الأخ حميد كلام مسئول وناتج عن برنامج سياسي للمشترك. إضافة إلى قوى شعبية واجتماعية ومنظمات مجتمع مدني. الأخ حميد يكتسب خطابه أهمية لأهمية المشروع والتوجه والبرنامج الواضح المعالم. نحن لا نتحدث عن حميد، باعتباره شخصاً أو جزءاً من قبيلة. حميد جزء من برنامج سياسي فيه كل الأحرار والحريصين على مستقبل البلد. حميد ليس من هواة الفضائيات والتصريحات الهوجاء.."
- وبالمقابل - وعلى العكس من ذلك- ذهب أحدهم للحديث عن الشيخ حميد على أنه يمثل التيار القبلي في السلطة. وبالتالي شكك في نوايا دعواته تلك، من حيث تقديمه للتحليل التالي: "حميد يمثل التيار القبلي في السلطة. فهل هناك تخوف أن تفقد القبيلة مكانتها ودورها في الحكم، وبالأخص عائلة الأحمر؟ أم أنها محاوله لجر الجنوبيين لخفض سقف مطالبهم بالاستغناء عن المطالبة بفكك الارتباط، ومن ثم الوقوع في أن القضية داخلية ولا يحق للمجتمع الدولي مناصرة الجنوبيين. مادام ليس هناك حراك جماهيري في الشمال ستبقى تصريحات حميد مجرد لعبه سياسيه يصعب التكهن بها أو الاعتماد عليها.."
- وعند نقطة التشكيك ذاتها، قدم أحد المشاركين، ستة شروط، قال إنه يجب على الشيخ حميد تنفيذها حتى يتسنى له تصديق تصريحاته. (وفي الحقيقة أنه بعد الاطلاع على تلك الشروط فإن أقل ما يمكن القول عنها أنها بنيت أساساً على إشاعات، لاعلى حقائق. ناهيك عن أنها غير منطقية وبعيدة كلياً عن الواقع).
- ومع ذلك فالشخص ذاته – وفي تعليق آخر - خلص في نهاية تعليقه إلى انتظار الخطوة التالية: ما الذي سيفعله الشيخ حميد عندما يعود إلى صنعاء؟ حيث تساءل: "..ودعنا نرى ما سوف يعمله حميد الأحمر عندما يعود لصنعاء؟ ما هي خطواته التالية للعمل الفعلي بعد ما قال من كلام كبير على قناة الجزيرة.."؟ كان بإمكانه أن يتوقف عند ذلك التساؤل المنطقي، ليكون الأمر أكثر تأثيراً، غير أن نظرية المؤامرة المبنية على المناطقية، والتي سيطرت على كافة تعليقاته البالغة 4 تعليقات، جعلته يجزم أن الشيخ لن يفعل شيئاً!)
* خلافات جانبية في عمق القضية الجنوبية:
- أمر الخلافات القائمة بين أبناء المناطق الجنوبية، برز بشكل واضح في مجموعة غير قليلة من التعليقات والردود. نقطة الخلاف هنا - والتي سحبت معها التاريخ الملتهب والجغرافيا الثأثرية بين أبناء المناطق الجنوبية – بدأت من خلال التطرق لمقترح الشيخ بأن يكون الرئيس القادم جنوبي. فبعد أن قدم أحدهم مقترحاً بأسماء: علي سالم البيض وحيدر العطاس وعلي ناصر محمد، انتفض آخرون – عرفوا أنفسهم أنهم من الجنوب – معترضين على الاسمين الأولين، وكالوا لهم تهم الخيانة والعمالة، مذكرين بتاريخهم السيئ في الحكم، بينما اعتبروا الأخير هو الأصلح. جاءت الردود اللاحقة بتبادل الاتهامات وكيل الشتائم وسرد لتاريخ أسوء من سابقه. وصلت حمى المواجهة ذروتها بين الطرفين حين سعى كل منهم لتجريم الآخر وتقديس من يدافع عنهم، وتضمنت النقاشات رائحة مناطقية نتنة، ليس فقط بين الشمال والجنوب ولكن بين مناطق الجنوب أيضاً. فهذا لا يريد رئيساً من حضرموت ويتهمهم بأنهم أسوء من حكم الجنوب، وذاك لا يريد رئيساً من أبين، أو من مناطق أخرى لذات السبب..
- وأمر تلك الخلافات المناطقية هناك، معروف وليس بسر، لكنه بات يعزز أكثر تلك الشكوك القائلة بتقاتل الجنوبيين فيما بينهم فيما لو ترك لهم الأمر تحت أي مسمى.
- الأمر الآخر، الذي برز أيضاً في مجموعة من التعليقات، هو الخلاف بين من ينسبون أنفسهم للمناطق الجنوبية، وبعض من يتحدثون باسم المناطق الشمالية. وكان معرض الخلاف القائم حول الوحدة والانفصال. بعض من انتسبوا للمناطق الجنوبية بدأت فحوى نقاشاتهم بنظرة عصبية ومناطقية بحتة، تخللتها ألفاظ غير لائقة، ولا تعبر عن مثقفين ناهيك عن أنها لا تستند إلى حقائق دامغة ومقنعة، بقدر ما كانت تتخذ من المناطقية البغيظة سنداً لنقاشاتها. بينما كانت نقاشات من انتسبوا للمناطق الشمالية هادئة، في بادئ الأمر، وتحاول التركيز على عمق وجوهر المشكلة، لكنها مع تمادي الطرف الأول، بلغت الذروة حين قدم أحدهم تعليقاً تضمن نقداً لاذعاً لتلك الإساءات منجراً في الوقت ذاته نحو استخدام نفس الأسلوب الشتائمي في الرد.
- على أن هناك عبارات جاءت في تعليقه، نرى أنه من المناسب إيرادها مع تصحيح بعض الألفاظ غير اللائقة، على النحو التالي. بعد المقدمة التي انتقدت الألفاظ التي يسوقها الطرف الأول، قال: "هناك من هو مؤيد وهناك من هو معارض وهناك من هو يشك في كلام الشيخ حميد..وهذا كله لا عيب فيه، فكل واحد يعبر عن وجهة نظره! لكن ما هو جدير بالذكر والتركيز والتفحيص في تعليقات أبناء (المناطق الجنوبية) أنهم وعلى هدف واحد إلا أن قلوبهم شتى !! تراهم موافقين من حيث المبدأ على كلام الشيح حميد ولكن كل واحد يريده على طريقته الخاصة". ثم ينتقل للحديث عن الوحدة، ويوجه الخطاب لهم قائلاً: " كلامكم وتعليقاتكم واختلافكم في مواضيع جوهريه تثبت مدى إبطال فاعليتكم وجاهزيتكم لتقبل أمر واقع مفروض عليكم ألا وهو الوحدة..". ثم وبعد كيل مجموعة من الانتقادات، يؤكد لهم مبدأ أساسياً في التعامل مع القضية الجنوبية، حين يقول "أنا من أبناء الجمهورية اليمنية من عدن. أقول لكم لا للفساد. لا لتجاوز النظام والقانون. ولكن لا يوجد لدي أي إشكالية أو تحفظ من أن يحكم اليمن أي شخص كان، شريطة أن يكون له القدرة على العمل على تطوير البلد والتعامل بين أبناء الشعب بميزان واحد وبمبدأ الثواب والعقاب ويمارس سلطته على امتداد الوطن اليمني الكبير من أقصاه إلى أدناه".
* تعليق ختامي:
- في نهاية هذا المحور علينا أن نؤكد على أمر هام، أن ما يحدث على المنتديات أو في إطار تلك التعليقات التي تسمح بمساحة حرية كبيرة على الانترنت، قد تكون انعكاساً لما يكرسه الواقع من أمراض واختلالات، أتت نتيجة لتصرفات وسياسات خاطئة، غير أن التعامل مع تلك الأمور والقضايا بمعزل عن العقل وتحت تأثير مرض "الانتقام" لن يكون هو الحل الذي يمكنه إيصالنا إلى الهدف المنشود في إصلاح الانحرافات القائمة في المجتمع بسبب سوء سلوك السلطة. فذلك الحل – في حقيقة بناء المجتمعات - لن يزيد إلا في تعقيد الأمور والنحو بها لأن تكون أكثر قساوة، وأكثر إضراراً بالمجتمع.
- إن الغلو والتطرف في أي شيء، من المنطقي أن يأتي على دماره. بينما التوازن المبني على أخذ الأمور بتشخيص واقعي ومنطقي بعيداً عن التعصب الأعمى والمناطقية البغيظة، هو الحل الذي يجب أن نعمل عليه جميعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.