ثمة ما يدعو للخوف على الوطن من التشظي والانقسام.. فالخواطر تتكسر يومياً وعلامات الأسى والحزن لسان حال كثيرين. الشارع السياسي يغلي والاحتقان بلغ ذروته، وانعكس ذلك على شوارع الوطن كافة، فهاهو الشارع الرياضي يحتقن ويئن نتيجة لتصرفات رعناء تمارس دور المنتصر وعلى المهزوم أن يحمل حقائبه جنوباً. ولا غرو عندما دوى صوت (مسئول) رياضي من محافظة شبوة في أرجاء ملعب الظرافي بالعاصمة صنعاء عقب أحداث الشغب التي شهدها لقاء "التضامن" و"وحدة صنعاء" وإحساسه بأن فريقه قد تعرض للذبح بطريقة (تحكيمية) غير مشروعة.
المسئول قال: "الانفصال سيُعلن قريباً ومن ملاعب كرة القدم"..! ما حصل في لقاء وحدة صنعاء وتضامن شبوة من أحداث لا تمت للرياضة بصلة، فهي تعمق الجراح وتجتر الآلام والأحقاد، ويقف حكم المباراة علي سيف القدسي كبطل متوج لفيلم أعده جمال الخوربي رئيس لجنة الحكام، ونافسه بدور البطولة إداري فريق الوحدة الذي انتهك حرمة الملعب وذهب إلى أحد لاعبي التضامن موجهاً كلاماً حاداً.. قاسياً: "أنتم انفصاليون وتستاهلون الهزيمة و....."!، ولا نعفي لاعبي التضامن من مسئولية ما حدث!
نحن لا نتحامل على أحد.. وكل ما قيل وسيقال من أرض الواقع ونتحمل تبعات ما نقول.. فالحكم دخل أرض الملعب وكله نية استهداف شباب التضامن وإبعادهم عن المنافسة وفتح أبواب الصعود إلى دوري الدرجة الأولى لكرة القدم لفريق وحدة صنعاء.. ومارس عليهم ضغطاً نفسياً فظيعاً، فما أن بدأت المباراة حتى أعلن موتها من خلال توزيع الكروت الملونة بحق التضامن، وأشهر الكارت الأحمر منتصف الشوط الأول في وجه نجم التضامن فتحي النعيمة في لعبة لا تستدعي الطرد المباشر..
وفي الشوط الثاني هطلت الأمطار بغزارة وحولت أرض الملعب إلى بركة.. وكان يُفترض إنهاؤها إلاّ أنه أصر على الاستمرار لأنه يدرك أن ممثل شبوة ستنهار قواه لنقصه العددي وعدم تعوده على اللعب في مثل هذه الظروف.. إلى أن سجل الوحدة هدفه في دقائق اللقاء الأخيرة.. وعندما اختلط الحابل بالنابل لضعف شخصية الحكم وتحولت المباراة في ما بعد إلى مصارعة للثيران والمطاردة وسط الأحجار وقوارير المياه التي نالت إحداها من رأس رئيس التضامن- التلال عارف الزوكا الذي خرج عن هدوئه متهماً حكم المباراة بالتحامل على فريقه في كثير من القرارات مُطالباً لجنة المسابقات بوضع حد لتصرفات أشخاص غير جديرين بتحمل المسئولية! مُعاتباً جمهور الوحدة..!
وبعيداً عن القرار الذي ستتخذه لجنة المسابقات (أو اتخذته لظروف الطباعة) فإن الجرح غائر في النفوس، والاستهداف كان واضحاً: إبعاد التضامن عن المنافسة بطريقة غير شريفة..! وكان الأجدى بالخوربي أن يأتي بحكم دولي ليدير المباراة لأنها مفترق طرق ولا تقبل القسمة على اثنين..!
الشق الثاني من الاستهداف كان من نصيب فريق سيئون المنافس هو الآخر على إحدى بطاقتي الصعود عن هذه المجموعة ذاتها.
وقد أسهم الحكم في توزيع الابتسامة على محيا يحيى محمد عبد الله صالح.. عفواً.. فريق العروبة، وخرج فائزاً بثلاثة أهداف مقابل هدفين!. وأكد شهود عيان أن الحكم تغاضى عن ركلتي جزاء واضحتين لسيئون واحتسب عليه هدفاً من تسلل واضح..! ولأن الاستهداف واضح فقد أكمل رجال الأمن تراجيديا الحزن بإطلاقهم عبارات قاسية باتجاه جمهور سيئون وأعقبوه بأكثر من 50 طلقة توزعت بين الهواء واستهداف المشجعين.. وتعرض الأمين العام المساعد لفريق سيئون لثلاث ضربات من رجال الأمن.. وكذا ثلاثة من اللاعبين نالوا حظهم من الضرب المبرح.. أما المشهد الأغرب فكان بطله سائق باص فريق العروبة الذي أشهر سلاحه واستعرض عضلاته وأنهاها بثلاث طلقات تصم الآذان..!
من هذا وذاك نستشف أن البعض يحاول إذكاء النعرات والكراهية من خلال القرارات المناطقية (الانفصالية) ومن خلال التصرفات الرعناء التي تساهم في ازدياد حدة الغضب وتشرخ ما تبقى من ود ووئام حتى في الجانب الرياضي...! طبخة كروية على مائدة السياسة: قرار (انفصالي) بصعود فريقي وحدة صنعاء والعروبة إلى دوري الأولى!