أعربت منظمات حقوقية في اليمن عن قلقها مما أسمته عمليات "الحجب والقرصنة" التي تمارسها السلطات ضد المواقع الإلكترونية المستقلة والحزبية، وعدتها تصرفات تتنافى مع الدستور اليمني الذي كفل حرية التعبير عن الرأي. وكانت مواقع المصدر أون لاين ومأرب برس ونشوان نيوز ويمن نيشن والإصلاح نت قد تعرضت للحجب الكلي عقب اندلاع الاحتجاجات السلمية باليمن، كما تعرض موقع "البيضاء أون لاين" للاختراق والعبث بمحتوياته ونشر صورة مسيئة للشيخ حميد الأحمر.
واتهمت إدارة الموقع -في بيان لها- جهاز الأمن القومي بعملية الاختراق في محاولة منه لإعاقة تغطية الموقع لأحداث الثورة الشعبية المطالبة برحيل الرئيس صالح، ورأت أن الاختراق يعبر عن الإفلاس والعجز عن مواجهة الحقيقة.
وتأتي هذه التطورات ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها السلطات اليمنية ضد عدد من وسائل الإعلام، إذ تم إغلاق العديد من مكاتب القنوات الخارجية وسحب تراخيص المراسلين وتهديد الصحفيين في أكثر من مؤسسة صحفية. خرق القانون من جهتها، أعلنت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني اختراق موقعها، واستبدال الصفحة الرئيسية للموقع بخلفية سوداء كتبت عليها مفردات تسيء للجنة التحضيرية للحوار الوطني وأحزاب اللقاء المشترك، تحت توقيع اتحاد قراصنة اليمن.
وحمّلت إعلامية الحوار الوطني -في بيان صحفي- الجهات الأمنية المسؤولية الكاملة، وقالت إن أعمال القرصنة دليل على الانحطاط الأخلاقي والسياسي الذي وصلت إليه السلطة.
وأشارت إلى أن لجوء السلطات إلى الشبكة الإلكترونية لمواجهة ثورة الشعب يدل على أن النظام المتهاوي يعيش "حالة من الهذيان والتخبط" وفق قولها.
وقد أدان سكرتير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين أشرف الريفي هذه التصرفات، ووصفها بالإجراءات القمعية التي تعبر عن ضيق النظام الذي لم يستوعب الواقع الجديد في عالم الاتصال الرقمي.
واتهم الريفي في حديث للجزيرة نت الجهات الأمنية بحجب عشرة مواقع إخبارية مستقلة وحزبية لتغطيتها مجريات الثورة الشعبية السلمية.
قذافي آخر من جانبه، انتقد الناشط الحقوقي خالد الأنسي جميع عمليات الحجب والاختراق وعدها انتهاكا صارخا لمبادئ حقوق الإنسان. وقال الأنسي إن النظام اليمني يعتقد أن حجب المواقع واختراقها سيحد من إقبال الناس عليها، لكن العكس هو الصحيح كما حدث مع قناة الجزيرة التي لاقت إقبالا جماهيريا واسعا بعد إغلاق مكتبها بصنعاء وختمه بالشمع الأحمر، وفق تعبيره.
وأوضح للجزيرة نت أن النظام يسوّق نفسه أمام الرأي العام الخارجي كحام للحريات، بينما هو في الحقيقة "نظام قذافي آخر" يمارس أعمال القرصنة الإلكترونية وحجب المعلومات ومصادرة حرية الرأي والتعبير. أما مدير تحرير موقع المصدر أونلاين ياسر العرامي فيرى أن حجب المعلومة يدل على أن السلطة ما زالت تعيش في عصور قديمة.
وأضاف في حديث للجزيرة نت "لم تعد سياسية الحجب مجدية ولقد غاب عن الجهات الأمنية أن بإمكان أي متصفح كسر الحجب وتصفح المواقع باستخدام برامج متطورة" وأكد أن عدد زيارات الموقع بعد حجبه زادت أربعة أضعاف مقارنة بما كان عليه الحال قبل الحجب.
يُذكر أن مواقع "عدن نيوز" و"حضرموت نيوز" و"المكلا برس" و"عدن برس" و"شمسان نيوز" و"يمن بورتال" و"شبوة برس" و"الضالع برس" و"العوالق نت" تتعرض لحجب كلي منذ اندلاع ما يسمى الحراك السلمي الجنوبي، وما تزال محجوبة حتى الآن.
حالة طوارئ لكن نائب رئيس الدائرة الإعلامية بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم دافع عن إجراءات حجب المواقع الإخبارية مبررا ذلك بحالة الطوارئ.
وقال للجزيرة نت إن اليمن يعيش الآن في ظرف استثنائي ويحق بموجبه لأجهزة الدولة اتخاذ إجراءات أمنية في أي شيء، وليست المواقع الالكترونية استثناء في وضع مثل هذا.
وأكد النهاري أن كل الحريات تصبح في ظل الطوارئ مرهونة أمام التدابير الاحترازية، بمعنى أن أي موقع يحاول نشر معلومات تضر بالأمن القومي فمن حق السلطات أن تتدخل ولا بد أن يكون هذا مفهوما للجميع وفق قوله.
لكن المسؤول قال إنه رغم إعلان الطوارئ فإن القانون لم يطبق بحذافيره، مستشهدا بما سماها الصحف التحريضية التي تزاول الصدور وكأن شيئا لم يحدث. وأضاف "إذا كان هناك حجب فبالأحرى أن يطال مكتب قناة سهيل التي تحرض الشعب ضد النظام".
وقد شجبت منظمة مراسلون بلا حدود في باريس ولجنة حماية الصحفيين في نيويورك واللجنة العالمية لحرية الصحافة بواشنطن والشبكة العربية التابعة لاتحاد الصحف العالمية في باريس، في وقت سابق، العمليات المتكررة لحجب تلك المواقع وبصورة مستمرة.