يفتخر الداعمون للثورة اليمنية بأنها ثورة شبابية، ويرفع كثير من الشباب في ساحة التغيير في صنعاء شعار "لا حزبية ولا أحزاب، ثورتنا ثورة شباب". ولكن لا يغفل الزائرين والمقيمين لساحة التغيير في صنعاء الوجود القوي للمعارضة وعلى وجه الخصوص تيار الإصلاح. كما أن الكثير من اليمنيين القابعين بالبيوت والمترقبين للثورة، أو ما يمكن أن نسميهم بالأغلبية الصامتة، لا يسمعون كلمة الشباب في هذه الثورة وإنما تصلهم الأصوات الحزبية التي تبث على قنوات التلفزيون. قد يقول البعض بأن آلة البروباجاندا التي يديرها النظام نجحت في جعل الجميع يفكر بأن الثورة هي ثورة المشترك أو ثورة الإصلاح أو ثورة بيت الأحمر والكثير من الأشياء التي يروج لها النظام لتشتيت الرأي العام. ويدافع المناصرون للثورة بضراوة ضد هذه الأفكار، ويصرون على أن الثورة شبابية شعبية. والحقيقة أن الطرفان على حق، فساحة التغيير في صنعاء تضم الشباب والمعارضة. فكيف تقاطعت المصالح ولماذا يتحالف الشباب مع المعارضة؟ "إن الثورة اليمنية حققت ما فشل صالح بتحقيقه: الوحدة اليمنية" كما أوردت توكل كرمان في مقالتها على صحيفة الغارديان البريطانية. إذ تقاطعت مصالحة اليساريين واليمينيين والحراك الجنوبي والحوثيين والحركة النسوية والحركة الشبابية وجميع أطياف المجتمع اليمني. إن الشباب على علم تام بثقل المشترك وعلى سيطرتهم على اللجان المختلفة وعلى المنصة بالذات. ولكن الشباب نجحوا بفصل أنفسهم عن المشترك إذ قام الشباب بصياغة مطالبهم الخاصة وأعلنو بأنهم لن يبارحوا الساحة حتى تتحقح تلك المطالب. إن مطالب الشباب هي إسقاط النظام وقيام مرحلة انتقالية تقود اليمن إلى بر الأمان، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة بنظام يقوم على أساس العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية. وهنا هي نقطة تقاطع مصالح الشباب والمشترك. وطالما يواصل المشترك بكل تياراته الالتزام بهذه المطالب سيظل التحالف قائم. إن الكثير في الأغلبية الصامتة أصبحوا على وعي بأن وقت التغيير قد حان، فلا أحد يكره الدولة المدنية وسيادة القانون والقضاء على الفساد، وهذا فيه إجماع واضح ولكن تختلف رؤيتهم حول كيفية حدوث هذا التغيير. و بينما تتهاوى سلطة الرئيس يقف اليمنيين بخوف من ماهية التغيير القادم.. و السؤال الذي يدور في رأس كل يمني ويمنية الآن هو: هل التغيير سيكون إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟ التحالف ما بين الشباب والمشترك قد يواجه تحدي في المرحلة القادمة. وبالفعل قد ظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية على الساحة بعض المظاهر والأحداث التي تثير القلق وتضع علامات استفهام حول مسار الثورة. ففي الاسبوع قبل الفائت قامت مجموعة من الشباب المستقل بمسيرة تطالب الرئيس بالتنحي ولكن لم "تطلب الإذن" من اللجنة التنظيمية في ساحة التغيير. قامت تلك المجموعة من الشباب بالتوجه عفوياً باتجاه شارع الستين وعندما وصلت المجموعة إلى جولة مذبح منعت الفرقة أولى مدرع خروجهم وتم ضرب الشباب بأعقاب البنادق. وفي حدث مشابه خرجت مجموعة من النساء الليبراليات في مطلع الأسبوع الحالي في مظاهرة بالتنسيق مع النساء من التيار الإصلاحي ولكن حين أرادت النساء الليبراليات التقدم بمرافقة زملائهن تعرضن للاعتداء اللفظي والجسدي من قبل أعضاء في اللجنة التنظيمية ومن ثم تعرضن للاعتداء بأعقاب البنادق من قبل افراد الفرقة أولى مدرع. إن هاتين الحادثتين تمثلان نقطة مفصلية تجبرنا على التأمل في مبادئ الثورة وفي التحالف بين الشباب والمشترك. هل ثورة الشباب قامت ضد الديكتاتورية من أي جهة كانت؟ أم هل الثورة قامت ضد ديكتاتورية الرئيس فقط وبينما يجب استحمال ديكتاتورية الحلفاء لأن الغاية تبرر الوسيلة؟ ساحة التغيير أصبحت ظاهرة مثيرة للإعجاب، ولكن إذا لم تخلق الديمقراطية الحقيقة من هناك فإنه من السذاجة الاعتقاد بانه سيكون هنالك مجال لخلق الديموقراطية بعد الثورة. على المعارضة وبالذات التيار الإصلاحي إثبات أنهم مع التقدمية لا مع الرجعية. وعلى الشباب أن لا يخافوا من استنكار المواقف السيئة خشية شق الصف لأن واجبهم الحفاظ على مبادئ الثورة وعليهم تقديم النقد البناء واستنكار القمع من أي جهة كانت للحفاظ والدفاع عن الثورة.