أثار إعلان الولاياتالمتحدة عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن موجة من ردود الفعل بين دول العالم، أعرب معظمها عن ترحيب بالعملية واعتبارها نجاحا هائلا في الحرب ضد تنظيم القاعدة. وفور إذاعة النبأ أقيمت الاحتفالات وحمل المواطنون الأعلام الأميركية في واشنطن وفي نيويورك مقر برجي مركز التجارة العالمي اللذين فجرا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول.
وتدفق آلاف الأميركيين وهم يلوحون بالأعلام الأميركية على شوارع نيويوركوواشنطن ابتهاجا بمقتل زعيم تنظيم القاعدة. وعم الفرح الحشود وأغلبهم من الشباب من سكان وزوار مدينة نيويورك، وهتفوا "اوباما تمكن من أسامة".
وعند موقع مركز التجارة العالمي الذي تحول إلى أنقاض في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، والذي بقي مكانا يذكر بالمأساة التي ذهب ضحيتها 2700 شخص، سالت دموع العديدين مرة أخرى، ولكن هذه المرة فرحا وليس حزنا. وعلق بعضهم الأعلام حول السور المحيط بموقع مركز التجارة العالمي القديم حيث يتم تنفيذ مشروع بناء كبير سيشتمل على صرح يخلد ضحايا الهجوم الذي كان أسامة بن لادن وراءه.
وكان من بين المحتفلين أقارب أشخاص قتلوا في الهجوم ومن بينهم رجال مطافئ وشرطة شاركوا في عمليات الإنقاذ التي أعقبت انهيار البرجين اللذين اصطدمت بهما طائرتا ركاب مخطوفتان. وقال هاريد غوميز احد عناصر الحرس الوطني الذي كان من بين من هرعوا إلى مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر/ أيلول "لم اشهد فرحة في حياتي توازي فرحتي بمقتل هذا الرجل".
أما انطوني كولونا فقال "لقد أثمر صبرنا تسع سنوات وسبعة أشهر وعشرين يوما". ووصف رئيس شرطة نيويورك ريموند كيلي مقتل بن لادن بأنه "لحظة تاريخية مفرحة" بالنسبة لعائلات الضحايا، مضيفا "لقد انتظرت نيويورك نحو عشر سنوات لسماع هذه الأنباء".
أما في واشنطن فقد خرج الآلاف إلى الشوارع متوجهين إلى البيت الابيض وهم يلوحون بالأعلام الأميركية في احتفالات عفوية صباح الاثنين بعد الأنباء عن مقتل بن لادن. وهتف المبتهجون " USA USA "وهم يرفعون قبضاتهم في الهواء، وبدئوا ينشدون النشيد الوطني حتى قبل تأكيد الرئيس باراك اوباما لمقتل بن لادن.
ونشرت على صفحات الانترنت وتويتر الرسائل التي أشادت بنبأ مقتل بن لادن، حيث سجلت 4000 رسالة على تويتر في الثانية خلال خطاب اوباما الذي أكد فيه مقتل بن لادن، حسب ما أورد موقع تويتر.
ردود فعل أميركية وعلى صعيد ردود الفعل في الولاياتالمتحدة، أعرب مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية CAIR ، وهو احد اكبر منظمات المسلمين في الولاياتالمتحدة عن ارتياحه لمقتل أسامة بن لادن.
وقال مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في بيان له انه ينضم إلى المواطنين الأميركيين للإشادة بالإعلان عن تصفية العقل المدبر للقاعدة أسامة بن لادن باعتباره خطرا يهدد الولاياتالمتحدة والعالم. وأضافت المنظمة أنها أعلنت مرارا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول إن بن لادن لم يكن أبدا ممثلا للمسلمين ولا للإسلام.
وفي لقاء مع "راديو سوا"، قال زلماي خليل زادة، سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى أفغانستان، إن مقتل بن لادن يعتبر نصرا ليس للولايات المتحدة فحسب، بل للعالم بأسره.
وأضاف: "إنها ضربة بالنسبة للقاعدة، وللتنظيم الإرهابي الدولي، رغم أن مقتله يعتبر أمرا رمزيا، لكن هناك العديد من الأسئلة الآن، أولها دور باكستان في العملية، والثاني هو مدى تأثير خبر مقتله على المتطرفين في كل من باكستانوأفغانستان".
تفاصيل جديدة في الإعلام الأميركي من جانبها نشرت وسائل الإعلام الأميركية تفاصيل جديدة عن مقتل بن لادن، وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن عملية تعقب بن لادن بدأت في أغسطس/ آب الماضي، ودخلت في مرحلة الجدية في شهر مارس/ آذار حيث عقد الرئيس اوباما خمسة اجتماعات لمجلس الأمن القومي من أجل مراجعة خطة عملية استهداف زعيم القاعدة
وأضافت الصحيفة أن اوباما أعطى الموافقة النهائية للقيام باستهداف بن لادن يوم الجمعة الماضي قبل مغادرته إلى ولاية الاباما لتفقد الأضرار التي خلفها الإعصار الذي اجتاح عددا من الولايات الأميركية. من جانبها، نقلت عدة وسائل إعلام أميركية متعددة فجر الإثنين عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن جثة أسامة بن لادن قد تم دفنها في البحر، فيما قالت شبكة Fox News إن الإدارة الأميركية ستتعامل مع جثة بن لادن وفقا للشريعة والتقاليد الإسلامية.
أما صحيفة واشنطن بوست فأشارت إلى ان بعض المعلومات التي استخدمت في هذه العملية تم الحصول عليها من عدد من معتقلي القاعدة في غونتانامو.
وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤول لم تكشف عن هويته أن المجمع الذي قتل فيه زعيم القاعدة كان مراقبا لفترة طويلة للتأكد من هوية بن لادن وذلك من خلال مراقبة احد مبعوثيه المقربين له. وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي كان يراقب جميع تفاصيل العملية حيث جرى في الساعة الثالثة والدقيقة الخمسين ظهر الأحد التأكد من هوية بن لادن بشكل نهائي.
وذكرت شبكة CNN الأميركية أن واشنطن وضعت جميع المنشات الدبلوماسية التابعة لها حول العالم في حالة تأهب. كما أعلنت وزارة الخارجية ان على جميع الرعايا الأميركيين توخي الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم والفنادق التي يقيمون بها في الوقت الحالي.
ردود فعل عربية على الصعيد العربي، قال مراقبون ل"راديو سوا" إن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يعتبر انجازا كبيرا يحسب للإدارة الأميركية. من جهته أكد الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي في حديث ل"راديو سوا" أن القاعدة في اضمحلال الآن بعد فشلها وبسبب تخلي الشارع العربي عنها.
من جانبه أشاد الخبير في الإرهاب السياسي هشام جابر بالإشارة التي أوردها الرئيس اوباما في خطابه، والتي تحدث فيها عن أن واشنطن ليست في حرب مع الإسلام. وقال هشام جابر إن باكستان ستكون الآن جبهة المواجهة الأولى في مرحلة ما بعد بن لادن وهي المرحلة التي ستبدأ بعمليات انتقامية يقوم بها التنظيم.
من ناحيته أكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، على الموقف المبدئي لمنظمة المؤتمر الإسلامي المدين للإرهاب بجميع أشكاله. وقال إن الدين الإسلامي يرفض الإرهاب ويدينه ويعتبره من أخطر الجرائم التي يمكن أن ترتكب ضد الإنسانية، وقد شرع الإسلام أقسى العقوبات بحق مرتكبيه. الإخوان المسلمون يعلقون هذا، وطالبت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وأكد المتحدث باسم الإخوان المسلمين في مصر عصام العريان أن الوقت قد حان لإنهاء احتلال الولاياتالمتحدة والقوى الغربية للبلدان الإسلامية التي تضررت من ذلك لفترة طويلة، على حد ما جاء في بيان صادر عنه.
وأوضح العريان أن "الثورات" التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط دليل على أن الديموقراطية لها مكان في الشرق الأوسط، وأن المنطقة لا تحتاج إلى "احتلال أجنبي بعد الآن"، على حد تعبيره. وتوقع احتمال حدوث رد فعل عنيف لمقتل بن لادن في مناطق من العالم.
هنية يستنكر من جانبه، استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة والقيادي في حركة حماس إسماعيل هنية "اغتيال" زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وفق وصفه. وأشار إلى انه يستنكر هذا القتل "بغض النظر عن الاختلافات في الاجتهادات بيننا".
هذا، فيما أكدت وزارة الخارجية العراقية في بيان أن العراق سعيد جدا بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. من ناحيته، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري الاثنين أن أسامة بن لادن شكل "علامة سوداء"في تاريخ الإسلام ووضع هذه الديانة "في موقع عدائي مع حضارات وأديان وثقافات أخرى".
وقال الحريري في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي تعليقا على مقتل زعيم تنظيم القاعدة، إن "الأذى الذي ألحقه أسامة بن لادن بصورة الإسلام وقضايا العرب لا يقل عن الأذى الذي يلحقه الأعداء بقضايا المسلمين والعرب في كل مكان".
ترحيب دولي على صعيد ردود الأفعال الدولية الأخرى، رحبت لندن بنبأ مقتل أسامة بن لادن لكنها أكدت على ضرورة التحلي باليقظة تجاه تهديدات القاعدة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: "هذه الأخبار يتم الترحيب بها في كل أنحاء البلاد، وبالتأكيد أنها لن تعني نهاية التهديد القادم من الإرهابيين المتشددين، بل بالعكس يجب أن التحلي باليقظة خلال الأسابيع القادمة. لكن عموماً هي خطوة كبيرة إلى الأمام".
فرنسا تشيد بجهود واشنطن وذكر مراسل "راديو سوا" في باريس عزيز روحانا أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أشاد بتصميم الولاياتالمتحدة التي كانت تلاحق زعيم تنظيم القاعدة منذ 10 سنوات، مرحبا بهذا الحدث الكبير في مكافحة الارهاب في العالم. وشدد على ان بن لادن كان يروج لايديولوجية كراهية ويقود منظمة ارهابية اوقعت آلاف القتلى .
وحذرت الرئاسة الفرنسية ايضا من ان الهزيمة التاريخية التي منيت بها آفة الارهاب لا تعني نهاية القاعدة وهو ما اشار اليه ايضا وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه.
وقال جوبيه: "هذا لا يعني حتما ان التهديد الارهابي زال تماما يجب بالتالي ان نبقى متيقظين لكي نواجهه." من جانبه قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغييه: "انه حدث عالمي في غاية الاهمية لأنه دليل على ألا ملاذ آمن للارهاب وأن دولة القانون تنتصر".
ورحبت رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا جيلارد بالنبأ وقالت: "أرحب بالأخبار التي تتحدث عن مقتل أسامة بن لادن، اعتقد أن الرئيس اوباما والجيش الأميركي جعلا من هذا الهدف ممكناً، ، لكن القاعدة لم ينته أمرها بعد، الحرب ضد الإرهاب يجب أن تستمر، وعلينا الاستمرار في العمل في أفغانستان لكي لا يكون بلدا ينشط فيه الإرهاب."
وقال وزير خارجية ألمانيا إن الأخبار التي أعلنها الرئيس أوباما جيدة ، وأضاف غويدو فيسترفيلي في بيان له أن العالم أصبح مكانا أفضل بعد مقتل أسامة بن لادن. وفي بيان له وزع في فيينا، قال وزير الخارجية النمساوية ميخائيل شبيندل أيغر إنه على الرغم من أن مقتل بن لادن يشكل نجاحا مهما في مكافحة الإرهاب وتخفيفا من معاناة الكثير من البشر، لكنه يجب اتخاذ الحيطة والحذر وعدم الإفراط في التوقعات لأن الإرهاب لم يهزم بعد .
وذكر مراسل "راديو سوا" في فيينا نوار علي أن الوزير النمساوي أكد أن على تنظيم القاعدة وكافة الإرهابيين أن يدركوا أنه ليس هناك مكانا آمنا يختبئون فيه، وقال إن الديموقراطيات الحرة ستظل مستعدة للدفاع عن نفسها حتى لو أقتضى الأمر اتخاذ ما وصفه بتدابير جذرية.
كما رحب وزير الخارجية الياباني تاكيكي ماتسوموتو بمقتل أسامة بن لادن ووصف ذلك بأنه مؤشر على التقدم الكبير في محاربة الإرهاب.
كابل ترحب بمقتل بن لادن ورحبت الحكومة الأفغانية بنبأ مقتل أسامة بن لادن، وشدد الرئيس الأفغاني حامد كارزاي على وجوب أن تتعلم طالبان درسا من مقتل أسامة بن لادن ودعاها لوقف القتال. من جانبها دعت كابل الحكومة الباكستانية إلى التعاون بطريقة أفضل من أجل تحقيق النتائج المرجوة من الحرب على الإرهاب.
وقال حميد علمي، نائب المتحدث باسم الرئيس حامد كرزاي، إن مقتله في الأراضي الباكستانية يؤكد صحة ما جاء في تصريحاتنا السابقة التي تحدثت عن وجود بن لادن في باكستان، وأضاف: "لقد قلنا مرارا إنه ليس في أفغانستان، وإنه ليس في أي من المدن أو البلدات الأفغانية، بل أنه في مكان ما في باكستان، ويجب العثور على منبع الإرهاب إذا أردنا مكافحته بنجاح، وبن لادن كان موجودا في باكستان وليس أفغانستان".
وأعرب نائب المتحدث باسم الرئيس كرزاي عن أمله في أن يؤثر مقتل بن لادن بشكل إيجابي على العلاقات بين أفغانستانوباكستان: "نأمل في أن يجلب مقتل بن لادن الأمن والاستقرار في البلدين، وأن تتخلص المنطقة من الإرهاب نهائيا، والتعاون بشكل أفضل بين حكومتي البلدين".
ونقلت محطة التلفزيون الإيرانية Press TV عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قوله انه بعد مقتل أسامة بن لادن "لم يعد للولايات المتحدة وحلفائها أي مبرر لنشر قوات في الشرق الأوسط بحجة محاربة الإرهاب".
دعوة الأميركيين للحذر من جانبه دعا الجمهوري بيتر كنغ رئيس لجنة الأمن الوطني في الكونغرس الأميركي لشبكة CBS الأميركية إلى ضرورة أن يكون الأميركيون حذرين في الأيام القادمة بعد عملية قتل بن لادن، وأضاف: "العملية تعني انتصارا كبيرا، ولكنها في نفس الوقت تعني انه ستكون هناك عمليات انتقامية في أسرع وقت ممكن، يجب أن نكون متيقظين داخل الولاياتالمتحدة وخارجها".
كما أكد بيتر كنغ أن القاعدة خسرت بن لادن والميدان الذي طالما حاربت فيه: "القاعدة ستفعل كل شيء ممكن الآن من اجل الانتقام، مقتل بن لادن لن يكون خسارة زعيم فقط، بل هو خسارة ميدان معركة بالنسبة لهم." استبعاد الحد من خطر الإرهاب
وقد استبعد فواز جرجس مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في لندن أن يؤدي مقتل بن لادن إلى الحد من خطر الإرهاب الذي يواجهه الغرب، وقال: "لقد غرس بن لادن بذرة الجهاد العالمي في شتى أنحاء العالم، ولكن الحرب على الإرهاب التي أشعلتها الولاياتالمتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول هي التي تسببت في خلق تحديات أكبر بالنسبة لأمن الولاياتالمتحدة والدول الغربية".
وأضاف قائلا: "على المدى الطويل لن يؤدي التخلص من أسامة بن لادن إلى حدوث تغيير في الحسابات الإستراتيجية على الأرض".
ويذكر ان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قتل في عملية قادتها الولاياتالمتحدة شاركت فيها طائرات هليكوبتر وقوات برية أميركية في باكستان، وقال مسؤولون أميركيون انه تم العثور على بن لادن في مجمع تكلف مليون دولار في بلدة ابوت أباد الواقعة على بعد 60 كيلومترا شمالي العاصمة الباكستانية إسلام آباد.