طالما كان حلم "علي" أن يكون ضابطا في الأمن المركزي , فقراءته الكثيرة للقصص البوليسية جعلته يحلم أن يكون يوما ما ضابط أمن، والمنظر الأنيق لزي أفراد الأمن المركزي جذبته كثيرا. كان حينها في المرحلة الثانوية ,وشاء الله أن يتحقق حلمه فقبل في كلية الشرطة وتخرج بتقدير إمتياز لكنه وجد نفسه محاصراً بمتطلبات الزمن وتقزمت أحلامه ليصبح أكبرها أن يمتلك بيتا يضمه مع أسرته الصغيرة ويريحه هم المؤجر. وما أن سمع علي عن مشروع مدينة سكنية لضباط الأمن المركزي حتى بادر في الإشتراك وحالفه الحظ في سهم القرعة فكان من الدفعة الأولى في الضباط الذين ستسلم لهم شقق. خمس سنوات هي المدة التي كان من المفترض أن تسلم فيها المساكن صبر عليها وأحتسبها بالأيام، دفع كل ما طلب منه، فباع سلاحه الشخصي وحلي زوجته غير الخصم الدائم من مرتبه، ولكن الحلم تبخر. بدأت قصة المدينة السكنية التي تمناها وحلم بها ضباط الأمن المركزي في عام 1998م حينما أسسها قائد الأمن المركزي السابق المرحوم اللواء محمد عبدالله صالح. (سأبنيها ولو فرشت صماطتي عند كل سفارة) عبارة يرويها (ع.م)أحد ضباط الأمن المركزي، وينسبها إلى المرحوم محمد عبدالله صالح. وبحسب ضباط من الذين اشتركوا في هذه الجمعية فإن شعور اللواء محمد عبدالله صالح بمعاناة ضباطه جعله يبادر إلى تأسيس هذا المشروع، وكان يطمح رحمه الله إلى إنجاز هذا المشروع في أسرع وقت ممكن ولكن المرض لم يترك له فرصة في إكمال ما بدأه ووافاه الأجل قبل أن يحقق حلمه وحلم ضباطه. عام 1998م أنشئت ( الجمعية السكنية لذوي الدخل خل المحدود) وضمت كمرحلة أولى 1200 ضابط، تم اختيارهم بالقرعة من كافة وحدات الأمن المركزي. لتبنى على أرض وهبها رئيس الجمهورية لضباط وأفراد الأمن المركزي من أملاك الدولة، تقع الأرض في سعوان جوار ما يسمى "تبة دارس" على مساحة شاسعة من الأرض، تم إنزال المهندسين من قبل هيئة المساحة وعقارات الدولة وتم تخطيط الأرض وتم توزيع الأراضي بين الضباط بالقرعة بعد التخطيط بحيث يحصل كل ضابط على سبع لبن عشاري كما حددتها عقود التمليك التي لا زالت محجوزة لدى قيادة الأمن المركزي. وهو ما أكده توفيق البحم مدير عام مكتب الهيئة العامة للتخطيط والمساحة والسجل العقاري بأمانة العاصمة حيث أكد أن الأرض أملاك دولة صرفت بتوجيهات رئاسية وتم تخطيطها من قبل الهيئة وتعميد العقود وتسليمها لقيادة لأمن المركزي. وهي العقود التي ترفض قيادة الأمن المركزي تسليمها لأصحابها بحجج مختلفة. تم إصدار دفتر صغير موضح به إسم الجمعية (الجمعية السكنية لذوي الدخل المحدود) ورقم الدفتر واسم الضابط مع صورة له بالرتبة التي يحملها. باعتبار هذا الدفتر وثيقة إثبات باشتراك الضابط في الجمعية وكذلك سند قبض بما يدفعه شهريا وهو 3 آلاف ريال شهريا مقابل البناء وليس مقابل الأرض التي وهبت مجانا من أملاك الدولة. وتم إضافة مبلغ ألف ريال لمدة ستة أشهر من بداية الأقساط لتجيير مبلغ 6000ريال مقابل تكاليف إستخراج عقود الملكية التي تم إصدارها جميعا معمدة من أمانة العاصمه ورئاسة الوزراء. بعد عدة سنوات تم تغيير اسم المدينة إلى المدينة السكنية لضباط الأمن المركزي وتم إشهار جمعية سكنية لتبنيها بنفس الإسم. بدأ اللواء محمد عبدالله صالح بجمع الأموال اللازمة لتمويل المشروع وتم الإتفاق مع شركة سعودية للبدء في البناء إلا أن المنية وافته في 14/5/2001م قبل تحقيق حلمه. يقول الرائد( محمد.ع.ش. ) " كان موته فاجعة بالنسبة لضباط الأمن المركزي، وظننا أن حلمنا تبخر بعد موته إلا أن بريقا من أمل لاح في الأفق عندما سمعنا تصريحات صحفية أطلقها يحيى محمد عبدالله صالح النجل الأكبر للمرحوم والذي عين أركان حرب الأمن المركزي وأطلق اسم اللواء "محمد عبدالله صالح" على المدينة أحيا الأمل في قلوب الضباط بإستكمال المشروع"، وما ساهم في إبقاء الأمل حيا في نفوس الضباط ثقتهم أن يحيى يملك علاقات جيدة مع المستثمرين أكثر مما كان يملك والده، إلا أن 3 سنوات من الركود مر بها المشروع جعلت أحلام الضباط تتلاشى. في عام 2004م قامت الشركة السعودية التي تتبع أحد أمراء آل سعود بالبدء في تنفيذ المشروع وذلك بالشروع في بناء 1200 وحدة سكنية، كان من المفترض إنجازها خلال 3 سنوات وطلب من كل ضابط مشترك دفع مبلغ 300ألف ريال يمني مقدما بالإضافة لما يدفعه شهريا من أقساط، على أن يدفع بعد إستلام مفاتيح فلته جاهزة 50 $ شهريا. لم يصدق الضباط أنفسهم من الفرح وتجاوبوا بشكل منقطع النضير وأستطاع 700 ضابط توفير المال وقاموا بدفع المبالغ المطلوبة مقدما، ورغم ظروفهم المعيشية الصعبة فقد أوفوا بالتزاماتهم فمنهم من باع ذهب زوجته وآخر باع سلاح الشخصي وثالث باع أراضيه الزراعية بالريف، فالحلم أصبح قاب قوسين أو أدنى ويتحقق على الأرض. يقول الرائد (ع.م): "بعت ذهب الزوجه وبقرة الوالدة وجنبية والدي لتوفير المبلغ ويضيف وهو يبتسم إبتسامة تطفح بالخيبة: "كل يوم تسألني امي هيا وين جا البيت حقك ياابني اللي قلت باتبنيه لك الدولة، قد قلت لك الدولة كذابة قلت ماشي ذلحين قل لها ترجع بقرتي". وبعد فترة قصيرة صحى الضباط من أحلامهم على وقع خبر صاعق، فالشركة السعودية أوقفت العمل لأسباب لازالت غامضة، تركت البناء بعد أن وصل في 20 وحدة سكنية إلى المنتصف وغادرت اليمن طبعا. حيث وزع على كل ضابط ملف به عدة تصاميم لأبراج مكونه من شقق صغيرة وأخرى أكبر منها وتصاميم لوحدات سكنية متفاوتة الأحجام والأسعار تبدأ من سعر 3 مليون ريال للوحدة السكنية وتصل إلى 20 مليون ريال، طلب من كل ضابط اختيار النموذج الذي يناسبه والتوقيع عليه وكل بحسب ظروفه المالية والأنكى من ذلك أنه لم يوضح مصير بقية الأراضي الممنوحة لهم ولا لماذا تم هذا الإستثمار بطريقة لا تراعي ظروف الضباط المالية كما لم يتضح كم المبلغ المطلوب كمقدم وكم القسط المؤخر. الشيء المؤسف جدا في نظر الضباط هو تحول المدينة من مدينة لمحدودي الدخل من الضباط، إلى مدينة لا يستطع سكنها سوى الميسورين من كبار القادة. بالطبع معظم الضباط وقفوا مذهولين أمام التصاميم الجدية ولم يختر كثير منهم أي صنف، والسبب ببساطة أن تكلفة الشقة الأصغر في هذة التصاميم تفوق ال3مليون ريال. بينما يصل قيمة بعض الفلل الى 20 مليون. يقول (م.أ ) رائد في الأمن المركزي بشء من الحسرة: بالكاد إستطعت تدبير مبلغ ال300ألف بعد أن بعت كل ذهب زوجتي وسلاحي الشخصي ولو كنت أستطيع تدبير ال3مليون لأشتريت أرض وبنيت من زمان. ويضيف أنا أعول أسرة مكونة من 14نسمة وأستأجر بيت شعبي في أحد الأحياء بأطراف العاصمة مكون من 3غرف نتكدس فيه كلنا ولولا ما أوفره من كدم وتعيين (مواد غذائية ) لافتضحنا خاصة ووالدتي تعاني من مرض مزمن. ويضيف بألم: " كنا نؤمل في الفندم يحيى أن يسير على خطى والده ولكن يبدو أنه لا يشعر بمعاناتانا، ويتساءل كيف سيشعرون بمعاناتنا وهم يسكنون القصور الفارهة ولم يذوقوا ذل الإيجار". بحسبة بسيطة نجد المبالغ التي خصمت من مرتبات 700 من ضباط الأمن المركزي المشتركين بواقع 3000 ريال شهريا منذ 10 سنوات بلغت (432) مليون ريال وبإضافة مبلغ ال300 ألف ريال سلمها الضباط المشتركون والتي تبلغ 210 مليون سيكون إجمالي الاشتراكات الشهرية والمبلغ المدفوع مقدما 642 مليون ريال فإذا ما حسبنا أرباحها لمدة خمس سنوات فقط في البنك بافتراض أن الفائدة فقط10 % فتكون أرباحها 642 مليون ريال أي أن المبلغ تضاعف ولا أحد يعلم بمصيره. المصدر حاولت التواصل مع العميد يحيى صالح أركان حرب الأمن المركزي والطرف الأساسي في القضية، وطلب منا مكتبه إرسال الأسئلة المطلوب الإجابة عليها وفعلنا ذلك وظلت الصحيفة تؤجل نشر الموضوع منذ أكثر من شهر بانتظار رد العميد يحيى صالح لكن أي رد لم يصل ولمسنا من ردود موظفي مكتبه أنه لا يرغب بالخوض في هذا الموضوع.