قادة الجنوب الاحرار لا ولن يبيعوا الوهم بقضية الجنوب    وصول أبراج المحطة الشمسية الإماراتية المخصصة لشبوة    عمران.. 85 مسيرة حاشدة تبارك انتصار إيران وتؤكد الثبات مع غزة    جيرو يعود لأوروبا من بوابة الدوري الفرنسي    وفاة واصابة 4 مواطنين نتيجة صواعق رعدية بصنعاء وحجة    - الأمن في صنعاء يكشف مقتل العريس عباس الأشول ليلة زفافه.. وكيف استدرجه صديقه؟     كيف حوّل الحوثيون الكتب المدرسية إلى أداة هدم وجباية؟    غداً .. انطلاق مواجهات ثمن نهائي كأس العالم للأندية بمواجهات قوية    إلى متى الرضوخ؟    إخوان اليمن في مأرب يطردون النازحين اليمنيين من خيامهم    الآنسي يعزي في رحيل المناضل الحميري ويشيد بجهوده ودفاعه عن كرامة الشعب وحرياته    رفع اكثر من 750 سيارة متهالكة وبسطة من شوارع صنعاء في اسبوع    الرئيس يعزي بوفاة الشاعر فؤاد الحميري ويشيد بمسيرته الحافلة بالعطاء    "مسام" يتلف 4620 قطعة من الذخائر ومخلفات الحرب في ابين    إصابة مواطن برصاص قناص مليشيا الحوثي شرقي تعز    صنعاء : تشييع جثمان شيخ قبلي بحضور رسمي كبير    وزير الاقتصاد يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بالعام الهجري الجديد    وداعاً بلبل الربيع    رحيل فؤاد الحميري    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    صاروخ بوتين الجديد يخلط أوراق الردع في أوروبا    في ذكرى سقوطه السابعة والأربعين.. هذه اخطاء سالمين.    حواري مع "أبو الهول الصناعي".. رحلة في كهف التقنية بين الحيرة والدهشة    وفاة الشاعر والسياسي فؤاد الحميري بعد صراع مع المرض    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    غدا بدء العام الدراسي الجديد    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    في مساحة الاختلاف.. يبقى الوطن أولاً..    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    مانشستر سيتي ينتظر الهلال السعودي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية    الفزعة الإماراتية.. نخوّة وشجاعة في كل موقف    الهلال السعودي إلى ثمن نهائي كأس العالم    نادي النصر يجديد عقد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    عراقجي: لا نقبل حاليا زيارة غروسي لطهران    Fairphone تعود لعالم أندرويد بهاتف منافس    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البس" .. يراوغ في الزاوية
نشر في المصدر يوم 11 - 05 - 2011

ليس أكثر من "بس" محشور في زاوية، يرفض مغادرتها، ويتسلى بابتزازهم بمعرفتهم أنه "سيخارش" ويعيث في البيت إن هم ضيقوا عليه أكثر وقرروا الإمساك به وإخراجه بالقوة..
فعادة عندما تصل مطاردة "بس" ما إلى زاوية ضيقة من البيت، يلجأ المطاردون إلى عدم الضغط عليه أكثر، ويبدؤون بإغرائه بأساليب متعددة لإقناعه بالمغادرة طوعا، قد يحضرون له السمك، أو اللحم أحيانا، لمسألة تتعلق بتجنب الكلفة.
إلا أنه عندما يتمادى في المراوغة والتدلل ورفض كافة الإغراءات للخروج الطوعي، يذهبون إلى إجباره بالقوة.. فليس مقبولا بقاءه في البيت مقابل الخوف من كلفة حشره في الزاوية.. ربما على "البس" أن يعرف ذلك أيضا..
أعتقد أن ذلك بالضبط ما يحدث بشأن موقف "صالح" من المبادرة الخليجية التي تعد خطة إقليمية ودولية وبقبول محلي لإخراج "البس" من الزاوية سلميا، ليس حبا فيه، وإنما لتجنيب البلد كلفة عملية الإخراج بالقوة، لا يرغبون في حدوثها.
ولأن صالح يعرف تلك الحقيقة.. أغراه أن يبتزهم بها، ويتمادى في مراوغاته بشأن المبادرات المقدمة إليه حتى الآن، تارة أنه لا يريد القطريين، ومرة أن كرامته لا تسمح له بالتوقيع في الرياض، وأخيرا أنه سيوقع كطرف عن المؤتمر الشعبي مع 14 آخرين وسيعمد الاتفاق في الأخير كرئيس للجمهورية..
إلا أن رضوخ الخليجيين لتعديل ما يتعلق بالتوقيع على المبادرة بذلك الشكل، وتفسيره على أنه ليس تعديلا لها، بحجة أنه لا يمس البنود، كما جاء على لسان الزياني، بعد أن كانوا قد قالوا إن المبادرة في نسختها الثالثة التي أتى بها أمين مجلس التعاون إلى صنعاء في 21 إبريل، نسخة نهائية وغير قابلة للتعديل، أمرا معيبا لأداء الوسيط، ويمثل بداية غير مشجعة..
إضافة إلى أنهم كانوا قد أقنعوا المشترك بالتراجع عن تحفظه على المشاركة في الحكومة في فترة الثلاثين يوما، ومطالبته لهم بتفسير بند إنهاء مظاهر التوتر السياسي والأمني..
الأمر المعيب الآخر في أداء الوساطة هو البت في التعديل عملا برغبة الطرف الأول الذي هو "الرئيس" وبدون مشاورة الطرف الثاني الذي هو "المشترك"، وكعرف للوساطة يعد ذلك أمرا مخلا، ويجعل من مصداقية الوسيط على المحك..
ومع ذلك لست مع من يذهبون إلى اتهام الأشقاء في الخليج بالتآمر والتواطؤ مع صالح لإجهاض الثورة، ربما ينم عن قلة حنكة لدى الوسيط، أو هو أمر مشابه لعمليات إغراء "البس" بمغادرة الزاوية طوعا، ولا يعني قبولا من أي نوع ببقائه في البيت.
وهو أيضا ما أعتقد أنه أخر حتى الآن أي تحرك إقليمي ودولي قوي للضغط على صالح كتجميد الأرصدة أو الخروج بموقف حازم في مجلس الأمن، أو رفع ملفه كمجرم حرب إلى محكمة الجنايات الدولية، فهم كما يبدو لم يرغبوا في حشره في الزاوية منذ أول الأمر وقد بدت التجربة مع القذافي غير مشجعة.
فيما لا يبدو أن أي من الوسطاء الخليجيين أو من يسندونهم من سفراء الولايات المتحدة وأوروبا يجهلون طبع صالح "المراوغ"، أو أن مراوغاته الآن بشأن المبادرة أصبحت مملة ولا تطاق.
هذا الأسبوع خرج أهم الكتاب الخليجيين كمدير شبكة العربية "عبدالرحمن الراشد" والكاتب المخضرم "داوود الشريان" وهما سعوديان صديقان لأفراد الأسرة المالكة، يتحدثان عن "صالح المراوغ والضعيف"، وأنه إن أصر على عدم الخروج السلمي سيخلع مثل "السن التالفة" غير مأسوف عليه، ودعوا بصراحة دول الخليج إلى إعادة استراتيجية تعاملهم معه.

ربما بات الخليجيون والقوى الدولية على قناعة أن "البس" في محاولات إقناعه بالخروج الطوعي يحتاج إلى جانب "الإغراءات" إلى "النكز بالعصا" أيضا، سياسة "العصا و الجزرة"، في هذه المرحلة على الأقل..
فأمر الوساطة كما هو مصلحة يمنية هو مصلحة إقليمية ودولية أيضا، فتجنيب البلد "الفوضى والانهيار"، بقدر ما هو شأن يمني بالدرجة الأولى، هو يعنيهم أيضا، ولا أظنهم يرغبون في دولة منهارة إلى جوارهم وعلى أهم ممر بحري في العالم.
كلفة الانهيار، أمنيا واقتصاديا عليهم، وكلفة إعادة الاستقرار بعد ذلك سيكون أكبر بكثير من كلفة لو توصلوا لخروج آمن وسلمي، مع علمهم أنهم سيدفعون على كل حال.. ربما حسبة من تلك قد تبدد كل توجسهم من الثورة المجاورة، أو أن يتآمروا عليها وتوجساتنا أيضا.
أظن أنهم لن يعلنوا نهاية الوساطة أمام عقدة التوقيع، وربما سيضغطون على صالح، ولأمر يتعلق بهذه المسألة بعث رئيس حكومة تصريف الأعمال علي مجور إلى ملوك وأمراء دول الخليج باستثناء قطر التي اتخذها عدوا معلنا.

فمن عادته منذ بداية الأزمة عندما تصل أمور الوساطة إلى ما يشبه الطريق المسدود، يبادر صالح إلى الاتصال بالملوك والأمراء، ويرسل المبعوثين على طريقة القبائل في "وجيهكم"، هو مراوغ لكنه ليس صلبا وديكتاتوريا حقيقيا ليواجه الكل.

فيما يخص موقف المشترك وتمسكه بنص المبادرة في نسختها الثالثة بدون التعديلات على الموقعين، فهو موقف مشروع ويستند إلى تأكيدات الوسطاء سابقا أنهم لن يقبلوا بتغيير وتبديل حرف واحد.
ليس لذلك فحسب، بل لأن المشترك لا يملك التنازل أكثر مما قدم، خاصة في شأن تعديل التوقيع وقد حرف الوساطة إلى أزمة بين حزبين وحول الرئيس كطرف من جهة وراع وضامن من جهة أخرى.
أظن أن رأيا كان في داخل المشترك يميل إلى الموافقة على المبادرة رغم التعديل المشين، من باب أن البنود تلزم صالح بالتنحي خلال ثلاثين يوما على كل حال، ويمكن تعريته حينها إن رفض.
إلا أن ذلك كان سيحدث شرخا كبيرا في صفوفه المشترك بصفة خاصة، والثوار بصفة عامة.. لم يملك المشترك إلا أن يرفضها، بالأصح يتمسك بالمبادرة كما هي، فهو لم يستشر بشأن التعديل على التوقيع.
الكرة في ملعب الوسطاء المعلنين الخليجيين وغير المعلنين الأمريكيين والأوربيين، ويتطلب منهم ضغوطا قوية على صالح معلنة وغير معلنة، ليكف عن هذه المراوغة المملة.. بما أن المغريات وحدها لم تكف، فقد بات مطلوبا التلويح بالعصا.
إن تلويحا رسميا منهم وإن لم يعلن عن تجميد أرصدته الخارجية، وتلويح آخر بتحريك ملف قتلى المظاهرات في محكمة الجنايات الدولية، أو عدم الاعتراف بشرعيته السياسية، قد يكون كافيا ليجبر صالح على الكف عن المراوغة، فيما يخص التوقيع في المرحلة الراهنة على الأقل.

أعتقد أن القضية اليمنية من الأهمية بمكان للأشقاء في الخليج، ما يجعلها محل اهتمام أكبر مما سبق، ربما يتطلب منهم الأمر نقل مهمة المفاوضات المباشرة مع الأطراف من أمين مجلس التعاون عبداللطيف الزياني إلى أحد الأمراء وزراء الخارجية.. في تصوري قد يبدو الزياني كرجل ينتمي لدولة تشهد ظروفا مشابهة "البحرين" غير مؤهل للعب هذا الدور في اليمن.
ما يهم قوله إن أداء الوساطة الخليجية قد يكون متفهما من جهة، إلا أنه لم يكن جيدا من جهات أخرى، أهمها أن الأمور تأخذ فيه وقتا أكثر مما يجب، وهو كأداء قد لا يكون مقبولا في زمن الثورات والأزمات التي توشك على الانفجار.
ومع ذلك لست مع من يفترضون في الأشقاء سوء النية، وأتفهم أن صالح قد يبتزهم أيضا بالانهيار والفوضى، غير أن ما يمكن قوله إن وساطتهم باتت تتطلب أداء مختلفا أكثر حزما وحسما وسرعة، ما لم، فليدعونا نواجه قدرنا بشجاعة.

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.