قالها شاب من محافظة الضالع بعد سفره من محافظته متجهاً إلى صنعاء، اليوم فقط شعرت بالوحدة. كان ذلك اليوم الذي يتحدث عنه أحد أيام الثورة. الأحد الماضي احتشد اليمنيون في ساحات الحرية والتغيير في كل المحافظات للاحتفاء بالوحدة هاتفين للوطن لا لفرد، رافعين علم اليمن لا صور زعيم. في الستين الشارع الأكبر في صنعاء تجاوز الناس كل المعيقات التي وضعها النظام، انتشر قطاع الطرق من قبله، وقوات الأمن. ليحدوا من تدفق الناس للاحتفال ب22 مايو العيد ال21 لتحقيق الوحدة، لكنهم وصلوا رغم ما تعرض له بعضهم؛ فمنهم سقط 16 جريحاً برصاص الأمن لمنعهم من المشاركة. مشهد مهيب للجموع وفرحة لا مثيل لها، تلمحها في عيني طفل جاء ليحتفل مع والده، في ابتسامة فتاة حين يمر الجنود والشعب يهتف "جيش الشعب". في ت حية عسكرية تؤديها سيدة لهم بتلقائية. في دمعة سقطت من عين رجل يرى في المشهد لوحدة مشرقة ليمن الغد. في العيد، يوم 22 مايو، استعاد الشعب وحدته كما استعاد إرادته قبلها، صمم الشعب على مقاومة ما اعتاد الرئيس عليه من إفساد فرحته: هو صانع الوحدة، رغم أن الشعب رضي به مفوضاً لتحقيق رغبته، هو باني ما تيسر من بناء اليمن رغم أن الشعب أعطاه حق التصرف في ماله. يقدم الشعب اليوم ملحمة حضارية تدهش العالم، لكنه يراهم قطاع طرق. ينشد الشعب وطناً أجمل لكنه بنظره ينشد الفوضى، هكذا اعتاد أن يسفه ألامنا! كل ما في الأمر أن شعباً مجيداً يتفوق على رئيسه أخلاقياً كما قالها الشيخ "العودة". كان من المهم أن يخرج الشعب لإسقاط عقود من المراوغة والكذب، ويبشر بمرحلة جديدة كما يراها: دولة مدنية قائمة على مبدأ المواطنة المتساوية يكون الشعب فيها شريكاً، مواطنين لا رعايا. خروج الشعب يعني أن تغير وأراد التغيير. وفي انتظار وعد يلوح.. لقد كان النظام منذ 100 يوم على الأقل يحكم اليمن كله كان ملكه الخاص، اليوم باعتصامه في ساحاتها استعاد الشعب مدنه، وهزّ حزب المتشبث بالسلطة، شتت من حوله الأنصار، أضعف مؤسسته التنفيذية والتشريعية، اليوم أصبح النظام يتفاوض على رحيله. اليوم هيهات أن يفسد فرحتنا بانتصاراتنا على الظلم وقيم الفساد. وحق القرآن الكريم، وحق "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وحق دعاء المظلوم على الظالم، وحق الأيادي المرتفعة طالبة النصر، وحق ركعات المعتصمين، وحق إخائهم في الساحات، وحق هتافاتهم، وحق دماء الشهداء من لم يرفعوا سلاحاً في وجه أحد، وحق جراح المصابين، وحق دعاء الأمهات، وبكاء اليتامى، وحق دمعة سقطت متشوقة للغد الأفضل، وحق ابتسامة فتاة ثائرة سرقتها من واقع مؤلم، وحق ضحكات الأطفال في الساحات، وحق إيماننا بالعدل، وحق دهشة العالم بنا، وحق "إن مع العسر يسرا".. إن النصر لقريب، وإن الصبح لا محالة آت.