اللحظات الفاصلة التي صحونا طويلاً من أجل مجيئها, يجب ألا تأتي ونحن نيام . الفجر الذي سكب في مهجتهِ الشهداء أرواحهم , ولونوا خيوطه بدمائهم , يطاردُ الآن آخر فلول الظلام . الصباح العابق بأنفاس الحرية والبازغ من قلب ساحات التغيير يمد أذرعته الآن كي يحتضن رفاقه بزهو غامر . الصباح الذي رعته قلوبكم , وحمته أرواحكم وغذته تضحياتكم يطلع الآن مؤذناً برحيل العتمة إلى الأبد , هذه الشمس الطالعة الآن , أنتم مطلعها وطلعتها وطلائعها . على الساحات الواقفة منذُ شهور في مواجهة بقايا الليل , أن لا تقعد الآن بانتظار تبين الخيط الأسود من الأبيض, لتنهض فقد صحا الفجر في الأعماق , لتنهض كي تستقبل الحياة واقفة . الشمس التي تلوح الآن : هي بنت أرواحكم , من حنايكم تشرق , وبنبض قلوبكم تخفق . يرحل صالح جريحاً وخلفه وطنٌ من جراح تنز دماً , ومقابر متوجعة حية الألم . مصيبتنا الكبرى ترحل مصابة بإتجاه الرياض طلباً للشفاء ,تاركةً بلداً مقفر من العافية ,لا مشافي خارجية تعالج أدواءه وتطبب أسقامه, وحده يتكفل بمعالجة تركة عقودٍ ممرضةٍ من الحكم . يطرد شعبنا طاعونه المزمن , مدركاً أن أمامه رحلة إستشفاء طويلة , هو محتشدٌ لها بكل ما أوتيا من صحة وقوه . تغادر البشاعةُ وجه اليمن , هذا صباحٌ آخر جميل يبعث على الغبطة ويدعوا للإحتفاء .