يبدو أن اللاعبين في المشهد اليمني يعيشون لحظات الإرتباك التي تجاوزت حد التوقع..فبقايا النظام تلهث وراء سراب يقنع الناس أن الرئيس صالح مازال قادراً على مواجهة الثوار.. إلا أن المؤشرات تؤكد أن تصريح الرئيس صالح الشهير الذي أطلقه في انتخابات الرئاسة السابقة عندما قال أنه مل دور التاكسي للوصوليين ومتسلقي السلطة والثروة.. هؤلاء الآن يريدون الرئيس استكمال رحلة التاكسي ولو كان حتى يسير على "الطاوة" !! تابعت هنا من فرنسا وتابع معي الكثيرون من عرب وعلوج وفرنجة حديث الرئيس صالح في مشفاه السعودي, وتألم الجميع وتحسر على ما أقدم عليه أطباء السعودية وعائلة الرئيس وبقية نظامه بالسماح بإجراء ذلك الحديث التلفزيوني دون أي وازع إنساني أو إحساس ولو ضئيل بالمسؤولية..اتفق جميعنا رغم اختلاف مشاربنا الدينية والفكرية والثقافية أن هذا عمل بائس غير إنساني بالمرة يؤكد ادعاء جزء من العالم الغربي أن الإنسان لا قيمة له في مضارب بني قحطان وعدنان!.. تباً للسلطة ولصوص الشعوب الذين تصحروا إنسانياً.. إن بقايا النظام المفلس غدت تنتقم من الشعب بحرمانه من كل أسباب الحياة, فلا كهرباء ولا ماء ولا وقود ولا أكسجين إن استطاعت إليه سبيلا!!! أطالب دول الخليج بفك الحصار عن الشعب اليمني, وإلا فعلى شعبنا الزحف باتجاه الخليج ..فالناس شركاء في الماء والكلأ والبترول!! الثوار وجدوا أنفسهم يثورون على إقليم تعتليه أمريكا بوقاحتها وتماديها غير المحتمل..صدقوني حتى الغرب هنا يستهجنون الموقف الأمريكي الذي ينظر لليمن كباب يأتي منه ريح لأجوائه ومياهه مستبيح.. الموقف الأمريكي موغل في احتقار الشعوب, وأناني حتى النخاع, ولن ينس التاريخ هذا الانحطاط الأمريكي في اليمن. لا يمكن أن يتحمل الشعب اليمني مدافع المستعمر الوطني في تعز وأرحب, والأمريكي في أبين وكأنهم في ماراثون دموي دون أي رادع إنساني..إني أعجب لهؤلاء الغرب ..فقد خرجوا أمام عيني في لندن أكثر من مليون يستنكرون قيام المزارعين بصيد الثعالب وجعلوني أبكي معهم على ثعالبهم البريئة!!! وعندما تسفك دماء بني البشر في أكثر من بلد على يد قواتهم يفضلون التظاهر لدماء بني جلدتهم, الثعالب !! الثورة ستنتصر بإذن الله فالخوف من الجلاد احترق مع جسد التونسي البوعزيزي رحمه الله..ثوارنا فقط تنقصهم معادلات هندسة الثورة باتجاه الحسم, وما زالت كل متغيرات هذه المعادلات بأيديهم ... يجب عليهم التسامي فوق كل الخلافات, وتوحيد صفوفهم وتجاوز فترة الإرتباك الثورية .. أتمنى على الشيخ الجليل الزنداني أن يستكمل أبحاثه في علاج الأمراض المستعصية ويدع الثوار يواصلون ثورتهم بهدوء..يريد الشيخ الزنداني دولة إسلامية في اليمن, وهل في اليمن الآن دولة مسيحية أو يهودية ياشيخ..إن حديثك عن دولة الخلافة في هذا الوقت بالذات هو ذبح للوطن والثورة من الوريد إلى الوريد!! لا داعي لشرح هذه النقطة أكثر.. كان أخر حديثي مع الدكتور ياسين سعيد نعمان في الشهر الماضي أن أطراف في العمل الثوري يجب أن تتواضع وتتكاتف مع الجميع لمصلحة الوطن برمته.. أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت .. بقي أن أقول أن التاريخ يقول أن الثورة هي روح واحدة يتلبسها الشعب في لحظة مقدسة ليصنع بها شمسه بيديه.. كما قال أبو الأحرار الزبيري : يومٌ من الدهر لم تصنع أشعته....شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.. نعم الثورة هي روح وليست شركة مساهمة محدودة يتقاسمها شباب الثورة والمشترك والحراك والحوثيون والمستقلون والجيش..عندما ينصهر هؤلاء جميعاً في بوتقة الثورة بروح واحدة, عندها فقط سنري ثورة مباركة ومكتملة.. أستاذ في جامعة أدنبرة نابير البريطانية أستاذ زائر حالياً في جامعة فالنسيان الفرنسية..