الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    كيف تُسقِط باكستان مقاتلات هندية داخل العمق؟    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان أنشطة الدروات الصيفية    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 213    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكهرباء.. لغز محيّر
نشر في المصدر يوم 13 - 08 - 2011

شهر رمضان حل ومعه تتالت دعوات ربات البيوت على بقايا النظام بسبب قطع التيار الكهربائي بشكل لافت ولفترات طويلة بعد أن كانت الفترة الماضية قد شهدت تراجعاً ملحوظاً في فترات الانقطاع.

تبدد الحلم غداة بدء الشهر الكريم بست عشرة ساعة ظلام توسطتها نصف ساعة إضاءة فقط وسط العاصمة صنعاء.

اضطرت النساء لإعداد وجبتي عشاء آخر أيام شهر شعبان وسحور أول أيام رمضان على أضواء الشموع. أم علاء تؤكد بأنها تدعو باستمرار على من يقف وراء قطع الكهرباء، وتقول بأن الشعب يعرف أن النظام وراء أزمات الكهرباء والمشتقات النفطية وأنه يريد الإضرار بالمواطنين ليثبت بأنه كان نظاماً جيداً وأن الكهرباء كانت وفيرة في أيامه، لكنه لا يدرك بأن الشعب قد واجه أكثر من تلك العقوبات وصبر. تضيف: لو تم العفو عن أركان النظام فإنه لا يجب العفو عن وزير الكهرباء تحديداً.

الشموع غدت بعد حوالي عامين من الاحتفائية سلعة نادرة، وتضاعف سعرها 200% .. الشموع أصبحت إحدى أهم الهدايا للأهل والأصدقاء، فيما التقط الصينيون اللحظة كالعادة وضاعفوا من انتاج الفوانيس وقطع غيارها والشموع والكبريت دعماً لإنارة اليمن في اللحظة الراهنة.

* مؤسسة الكهرباء.. خسائر .. ووعيد
كأنه أمر جديد ولا يعاني منه المواطنون باستمرار لشهور مضت، ساق نائب مدير عام مؤسسة الكهرباء حارث العمري في مقدمة تصريحه لوكالة الأنباء اليمنية سبأ فاجعة على هذا النحو: مؤسسة الكهرباء تخسر 5 مليار ريال، كانت قبل شهر مليارين ريال و100 مليون للأجور عوضاً عن التجهيزات، وكان التصريح حينها لوزير الكهرباء، تطلق المؤسسة وعيدها بكل صراحة؛ تهدد بقطع التيار الكهربائي تماماً عن المواطنين؛ أقصد اليمنيين، العمري تكفل بالمهمة قال:" المحطات التي تعمل بوقود الديزل والمازوت متوقفة تماما، المؤسسة لم تتمكن من تسديد قيمة فاتورة الوقود لشركة النفط، مقدمتين مهمتين أضاف غيرها: لم تتمكن من عمل الصيانة للمحطات البخارية وشبكات الكهرباء وشراء قطع الغيار..." خلاصة التصريح بأن الوزارة والمؤسسة أصبحتا خارج نطاق الخدمة ولم تعودا تمارسان أي مهام باستثناء قطع الكهرباء رغم أن الوزير ومدير المؤسسة لم يحترقا في جامع الرئاسة مطلع يوليو الفائت.

لفت العمري إلى أن المحطات التي تعمل بالوقود بالأمانة توقفت بسبب عدم توفر الوقود الأمر الذي فاقم من عجز الطاقة التوليدية للتيار الكهربائي، فيما يتم الاعتماد حاليا على المحطات البخارية في رأس كثيب والمخا ومحطة مأرب الغازية. مشيرا إلى أن خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة يتسبب في زيادة عجز التيار الكهربائي بالأمانة ليصل الانطفاء إلى نسبة 70 بالمائة من الطلب على الطاقة.

* الاعتداءات كمبرر
الأحد قبل الماضي نشر موقع نيوز يمن خبرا أن اعتداءً جديداً قد يكون الاعتداء ال38 على محطة مأرب الغازية وشبكة خطوطها قد أخرجها من الخدمة بعد يومين فقط من إصلاح الأعطاب السابقة. المهندس معاذ القباطي يؤكد بأن عدم الردع لمن يقوم بمثل تلك الممارسات غير القانونية أدى لزيادتها خصوصاً مع سهولة التخريب كما يقول، لكنه يوضح بأن المحطة حتى لو خرجت عن الخدمة تماماً فإن قطع التيار لن يصل ل25% مما هو حاصل اليوم، عجز الطاقة الذي كان سبباً معلقاً يتعلل به المسئولون خلال السنوات الماضية لم يعد هو السبب الأبرز، بات هنالك سببان إضافيان الآن: أولهما الاعتداءات على المحطة وأبراجها وشبكة نقلها، وغير المعلن هو العقاب الجماعي على خلفية الثورة.

أحد المهندسين أكد بأن العاصمة صنعاء لا تحتاج في هذه الفترة لأكثر من 200 ميجاوات بعد تراجع الاستخدام بسبب الظروف، مبيناً بأن محطتي حزيز التي تنتج 120 ميجا وذهبان التي تنتج 60 ميجا يمكنهما السيطرة على العجز وتغذية العاصمة بالكهرباء لو توفرت النية في رفع العقاب الجماعي عن المواطنين.

* البحث عن غريم
صعدت السلطات وبقايا النظام في تناولاتها الإعلامية اتهاماتها للثورة اليمنية وقواها المختلفة – في المقدمة أحزاب المشترك؛ ذلك ليس بدعاً فقد دشن الهجوم "صالح" نفسه منذ بدء الثورة الشعبية، البعض يخاف من أن تنقطع الكهرباء بالمرة فيما يزداد الوضع سوءاً، يقول عبدالله القاضي سكرتير منتديات الثورة بساحة التغيير بالعاصمة صنعاء بأن حتى الأطفال باتوا يفهمون لعبة إطفاء الكهرباء ومن يقف وراءها، القاضي يؤكد بأن مشكلة الكهرباء لن تؤثر على الثوار في الساحات، وأنهم سيوقدون الشموع ليضيئوا لياليهم؛ ولن يعودوا إلا بثورة مكتملة. أما الناشط الشبابي خليل الحيدري فيرى " بان انقطاع التيار الكهربائي ما هو إلا سياسية يمارسها بقايا النظام لمعاقبة الشعب لخلق نوع من الحصار على المواطنين "، مبديا انزعاجه من اتهامات السلطة لمعارضيها بأنهم يقومون بأعمال التخريب، وخليل كغيره من مئات الآلاف من الثوار الشباب يحملون السلطة مسئولية تلك الممارسات وأنها ستسأل عليها.

* الطاقة في معطف شيخ بمأرب
إحدى الروايات التي تسوق إعلامياً بأن الشيخ على جابر الشبواني قد اختطف علينا نهاراتنا وليلنا مع الكهرباء، لا تمر بسهولة هذه الرواية على الثوار.

يتكلم الشيخ محمد علي العمري عضو اللجنة الدائمة رئيس مجلس أحرار المؤتمر والمستقلين؛ عن بدايات الاعتداء على محطة مأرب الغازية وأنها بدأت من قبل الشيخ علي جابر الشبواني احتجاجاً على تقاعس السلطات في تقديم المتورطين بقتل ابنه جابر للعدالة؛ الشيخ وابنه أعضاء في المؤتمر الحاكم؛ لكن مشائخ مأرب التقوا الشبواني واقتنع بوقف تلك الاعتداءات، يضيف بأن الاعتداءات التي تعرض المحطة للتوقف تقوم بها السلطة، قصفتها بالطائرة، قالها بثقة، وبطرافة قال بأن المعارضة المتهمة لا زالت عند "سلمية" ويؤكد لا تملك طائرات بكل تأكيد، وأن قصف الحرس الجمهوري لأبراج الكهرباء بنقيل غيلان بنهم هو أحد الشواهد، الغرض " عقاب جماعي" حد قوله.

من جهته أكد مصدر قبلي بمأرب بأن قبائل مأرب أعلنت استعدادها حماية قاطرات النفط والديزل من الشركة حتى وصولها إلى المدن ولكن صافر رفضت.

*أزمات مفتعلة
مصدر مطلع بالمؤسسة العامة للكهرباء أكد بأن أزمة الكهرباء مفتعلة، يفند حجج ومزاعم بقايا النظام على النحو التالي: العجز في العاصمة صنعاء يكاد ينعدم إذا ما تم تشغيل محطتي حزيز وذهبان خصوصاً مع توقف الكثير من المعامل المرتبطة بالشبكة الوطنية وتوفيرها الكثير من الطاقة. يضيف: "شركة النفط ملزمة بتوفير الديزل الخاص بتشغيل المحطات ولكنها لا تستشعر المسئولية، أما ما يخص محطة مأرب الغازية فإن إصلاحها لا يستغرق في العادة أكثر من يومين".
تكرار الاعتداءات مع سفر الوفود الأممية مباشرة يأتي بإيعاز من السلطات كما يبدو المشهد ويؤكده المتابعون وأبناء المناطق التي تقع فيها. إصلاح الأعطاب بسرعة لا تتوفر إلا مع قدوم الوفود في المرة التالية، يضيف المصدر بأن ما يقال بحق العاصمة ينطبق على محافظات الجمهورية، فحضرموت وشبوة ليستا ضمن الشبكة الوطنية؛ عموماً لا مبرر منطقي لمعاناة أهل المحافظتين لكن الأهالي يؤكدون تقاسمهم للمعاناة مع غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى كما يفيد بذلك علي الظهرة أحد ساكني عسيلان بشبوة، كثير من المحافظات الجنوبية والوسطى تأتيها الطاقة من المحطات البخارية الثلاث المتواجدة في كلٍ من عدن( الحسوة) وتعز( المخا) والحديدة(الكثيب، ورأس عيسى)، لأن النفط إن توقف ضخه من مأرب على قلته (10 ألف برميل يومياً فقط) فإنه لم يتوقف من شبوة وحضرموت، المازوت –أحد المشتقات النفطية والمشغل للمحطات البخارية- أرخص من الديزل ومتوفر جراء استمرار الإنتاج من المحافظتين.

* الحديدة أولاً.. شهداء الكهرباء
مطلع الشهر كنا على موعد مع تقارير صحفية أكدت وفاة أكثر من 20 يمنياً جراء انقطاع الكهرباء، مركز غسيل الكلى بالحديدة وحده حصد 15 حالة وفاة بسبب توقف الغسيل الدوري للكلى.
تحول عن مهمته كباعث للحياة إلى مصدر للموت، مستشفى معبر هو الآخر شاهد على الحدث، تؤكد منظمة هود وفاة ثلاثة من المواطنين فيما تقول مصادر صحفية بأنهم 6، كل ذلك جراء توقف جهاز التنفس الصناعي نتيجة انقطاع الكهرباء، حاولت نساء الثورة الضغط على النظام وثنيه عن جريمة كتلك عبر مظاهرات خرجت فيها النسوة يحملن الفوانيس في إشارة الى عودة اليمنيين لاستعمالها مطلع الألفية الثالثة كمصدر للإضاءة.

ليس الحدث الوحيد الذي تابعته وسائل الإعلام كما أن المستشفيات لم تكن الوحيدة التي قدمت شهداء على ذمة الكهرباء، الاحتجاجات أيضاً على قطع التيار الكهربائي ساهمت في ذلك أيضاً، ثلاثة شهداء بالرصاص في مديرية القطيع بمحافظة الحديدة يوم الخميس 26 من شهر مايو الفائت، في ذلك اليوم شهدت المديرية تظاهرات منددة بقطع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة في اليوم الواحد على محافظة لا تستطيع مواجهة الصيف بدون الكهرباء والمكيفات والثلج.

ذات المظاهرة شهدت رداً على الرصاص الحي من قبل الأمن المركزي تمثل في رصاص حي لمرافقي عضو مجلس النواب عن المديرية كما أورد ذلك موقع مأرب برس حينها، أصيب مدير أمن المديرية واحتجز مديرا المديرية والنجدة في أحدى غرف مصنع الشركة التضامنية للمشروبات الغازية في المنطقة.

نقيب المعلمين بالمحافظة وأحد قيادات الثورة الشبابية بالمحافظة طارق سرور يؤكد بأن الحالة في الحديدة سيئة للغاية ولا تزال حتى الآن. قال بأن المحافظة خرجت في مظاهرات حاشدة للتنديد بالتعامل معها بكل تلك القسوة.

خروجها هذا عرض شبابها لرصاص القناصة والأجهزة الأمنية القامعة؛ سقطوا في القطيع وشوارع باجل ومدينة الحديدة؛ خرجوا للضغط من أجل منح الأمراض ومواطني الحديدة أبرز ما تحتاجه ويحتاجونه في موسم شديد الحرارة، يضيف سرور بأن الحديدة تغرق في الظلام والحر بدون أجهزة تبريد ولا حتى شربة ماء، حتى أن قالب الثلج وصل سعره إلى خمسمائة ريال في وقت لا تملك الأسر في المدينة الوادعة والفقيرة مثل ذلك المبلغ .

* المكلا .. النفط مقابل الظلام
قريباً من المكلا احتج مواطنون في مديرية غيل بن يمين على تلاعب الشركات النفطية بكميات الديزل المخصصة لمولدات الكهرباء– حسب المكلا اليوم، تطورت الاحتجاجات السلمية للمطالبة من الشركات النفطية بتبني المجتمع المحلي وتنميته إلى إطلاق الرصاص الحي من قبل حراسات الشركات واشتباكات مع المواطنين الذين استخدموا الحجارة.

* قصة كهرباء لحج
للكهرباء في لحج قصة حزينة؛ هي محافظة شبه محرومة؛ تعاني من الحرارة في الصيف لدرجة تفوق الوصف، عاصمتها الحوطة الخضيرة باتت فقيرة ومهملة وينهش لحم أبنائها سياط الانطفاءات الطويلة للكهرباء كما يؤكد ذلك الصحفي موسى النمراني.
بلغت قضايا فساد الكهرباء خلال الفترة الماضية أوجها كما يقول غالب السميعي الناشط الحقوقي وخسائر فادحة مئات الملايين فضلاً عن الأراضي والمباني.
نهش فساد مؤسسة الكهرباء بلحج كبد المدينة ومديرياتها؛ كهرباء لحج لا تشغل رسمياً سوى مديريتين هما عاصمة المحافظة الحوطة ومديرية تبن، أما بقية المديريات ال10 فليس فيها كهرباء رسمية ويعتمد بعضها على مولدات خاصة .
يعاني مواطنو الحوطة وتبن من انقطاع الكهرباء المتكرر حيث تضرر عدد من المرضى واضطر آخرون كما يقول أبو محمد الأزرقي لشراء مولدات صينية باعوا من أجلها حلي نسائهم، تلف الأجهزة وتدهور الحالة الصحية واضطرار مواطنين لسكن الفنادق وتهرش جلود المواطنين خصوصاً الأطفال بعض ما رصده الناشطون الحقوقيون في لحج.

* مأرب مضاءة بمولدات تجارية
حتى مأرب حاضنة المحطة الغازية لا زال مجمعها مضاءاً من محطة تجارية تتبع أحد التجار وهو ما اكتشفه الأهالي مؤخراً، وراء تلك المحطات التجارية التي باتت تقدم خدمات الكهرباء في عدد من المحافظات بمناقصات مشبوهة، بالمثل تضاء العاصمة من خلال محطتي حزيز وذهبان وذهبت مناقصة تزويدهما بالديزل إلى أحد الشخصيات التجارية المقربة من النظام فيما يرتبط ذات المشغل بعقود توفير الديزل مع شركة النفظ، فهو متعاقد مع الكهرباء لتشغيل المحطتين ومتعاقد مع شركة النفط لتوفير الديزل، في معادلة غريبة وغير مفهومة.

* الأثر الإنساني
يسلط الحقوقي عبدالرحمن برمان الضوء على الأثر الإنساني، ويؤكد بان تلك العمليات الإجرامية المتمثلة في قطع التيار الكهربائي قد أدت حسب إحصائيات منظمة هود إلى نتائج مؤلمة وكبيرة، يستبعد الحقوقي برمان أن يكون لدى بقايا النظام أي اهتمام بالمواطنين، أكثر من 70% من السكان يعيشون في الريف، المهنة الأساسية في الريف هي الزراعة وعليها تقتات الكثير من الأسر، الزراعة توقفت أو كادت في موسم جفاف وانقطاع الكهرباء بسبب انعدام الديزل ما يهدد بكارثة كبيرة، إلى ذلك فإن أمراضاً انتشرت جراء انعدام الكهرباء وضعف مقاومة الأطفال لحرارة ملتهبة.

* قطع الكهرباء كجريمة ضد الإنسانية
التكييف القانوني لقطع الكهرباء يؤكد على أنها جريمة ضد الإنسانية كجريمة اضطهاد؛ وعقاب جماعي تم فيه الحرمان من حقوق أساسية نتجت عن قطع الكهرباء، حق الحصول على الطعام الذي بدأ ينفد في بعض المناطق مثلاً، وصل للحرمان من حق الحياة؛ إحصائيات مستشفى الحديدة السابقة شاهد أولي؛ في تفصيلاته: وفاة 4 أطفال في حضانات ما بعد الولادة في مستشفى العلفي جراء قطع التيار لثمانية وثلاثين ساعة، وبحسب الاحصاءات فإن 7 من مرتادي قسم الغسيل الكلوي توفوا فيما لم يتم تصنيف 4 حالات وفاة أخرى حدثت لذات السبب والمستشفى.
إن معنى الاضطهاد الوارد بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حسب الفقرة ( 2/ ز) من المادة ( 7 ) هو حرمان جماعة من السكان أو مجموع السكان حرمانا متعمدا أو شديدا من الحقوق الأساسية، بكل تأكيد فإن الحكومات الوطنية تتحمل المسئولية الأولى عن جعل حقوق الإنسان حقيقة ملموسة وعليها احترام حقوق الأفراد وحمايتها. يأتي النص القانوني الدولي واضحاً على هذا النحو: يعني "الاضطهاد " حرمان جماعة من السكان أو مجموع السكان حرماناً متعمداً وشديداً من الحقوق الأساسية بما يخالف القانون الدولي, وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع".

* ومخالفة دستورية
محمد العروسي رئيس مؤسسة مساواة لحقوق الإنسان يشير إلى جريمة ومسئولية قانونية أولى تتمثل في تنسيق الجهات الأمنية مع الكهرباء لقطع التيار خلال الاعتداءات على المعتصمين؛ حصل ذلك يوم 12 مارس أثناء محاولة اقتحام الساحة من جهة سيتي مارت، ويوم 9 إبريل فيما عرف بحادثة كنتاكي حيث تم قطع التيار استجابة لأوامر أمنية من أجل خطف الجرحى والجثث التي لا يزال مصيرها مجهولاً حتى اللحظة، يضيف هدفاً ثانياً هو محاولة قطع التواصل بين المعتصمين وإخفاء الخطر الذي يتعرضون له، وثالث يتمثل في قطع التواصل مع الجنود المكلفين بالاقتحام أو الاعتداء والذين يتم مخاطبتهم بمسئولياتهم الدستورية وكثير منهم يفكر في الأمر ويتوقف عن الممارسة غير الدستورية، تلك الأوامر المخالفة تبدو أحد وسائل النظام وبقاياه لتنفيذ جرائم ضمنها القتل.
العروسي يؤكد القصد الجنائي وراء قطع التيار والذي يكشفه الأوامر التي صدرت للمركز الوطني للتحكم بقطع التيار رغم توفر الطاقة إثر حادثة النهدين؛ كان الهدف إثبات أن صالح لم يكن وراء بلاء اليمنيين، المهندسين حين امتنعوا زج بهم في السجون؛ لكنهم لم يصدروا بلاغاً صحفياً يخلي ساحتهم من المسئولية القانونية.
يشير هنا إلى تعارض المهام المستحدثة مع الحماية القانونية التي وفرها الدستور للمواطنين في المادة 28 " الخدمة العامة تكليف وشرف للقائمين بها، ويستهدف الموظفون القائمون بها في أدائهم لأعمالهم المصلحة العامة وخدمة الشعب...".

تلك الممارسات تجاوزت النصوص الدستورية، من ذلك ما نصت عليه الفقرة (ه) من المادة 137 من الدستور المبينة إحدى مهام مجلس الوزراء؛ " اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على أمن الدولة الداخلي والخارجي ولحماية حقوق المواطنين".
القانون الخاص بالكهرباء لا يعطي أي جهة الحق في اللاعدالة والتمييز ويحظر ذلك في مادته ال(35): "يتم التعامل مع المستهلكين وفقاً لقواعد العدالة والمساواة دون تمييز"، أما المادة ال(36) الخاصة بالتعويض للمستهلكين من القانون فيبدو أنها وضعت ديكوراً ليس إلا.

* القدرات الكهربائية اليمنية.. المشكلة رقمياً
لا تزال أرقام الكهرباء اليمنية متواضعة جداً قياساً بما يجب أن يكون عليه الحال، والاحتياجات التي تتطلبها قطاعات التنمية بل والاحتياجات الأساسية للمواطن اليمني، فإن التأخر في إنتاج المزيد والكافي من الكهرباء سيؤخر من نهضتنا " الكهربائية" يعبر عن ذلك الدكتور العسلي بأن " اليمن على موعد مع الظلام لفترة طويلة لا يعلمها إلا الله". من أجل التنمية الشاملة في البلد يرصد مجلس الشورى في تقرير عرضه موقع نيوز يمن مؤخراً حاجة اليمن لخمسة ألف ميجاوات وهو رقم يزيد بحوالي أربعة أضعاف الطاقة المتوفرة حاليا ًوالتي لا تتجاوز كثيراً ال1200 ميجا.
ويؤكد المهندس معاذ القباطي بأن الطاقة التوليدية للشبكة الوطنية لا يتعدى ال1150 فيما تستثنى محطتين تجاريتين غير حكوميتين في كل من المكلا وعتق تغطيان المحافظتين بحدود 80 ميجا وات.

* تقارير وخطط ..
ليس بمقدور التقارير والخطط الحكومية تجاوز تلك الكوارث الحاصلة في هذا القطاع، لا تسوق فشلها إعلامياً؛ النجاح وحده ما يمكن تسويقه، فيما الفشل يمكن تحميله في مثل تلك التقارير بعد التلاعب به مئات المرات على جهات أخرى، ذات الخطة تتحدث عن "ثبات القدرات التوليدية منذ أكثر من عقدين من الزمن"، "باستثناء زيادة محدودة في المحطات المستقلة والإسعافية عن طريق تركيب مولدات بالديزل والمازوت والتي عادة ما تكون غير مواتية اقتصاديا وبيئياً"، أكثر من ذلك فإن الفاقد بلغ 30% من الطاقة متجاوزة المتعارف عليها دولياً- قالت الخطة الخمسية الثالثة.
يبدو الريف محظوظاً في هذه اللحظة؛ محظوظاً بجريمة حرمانه من الكهرباء لعقود من الزمن، 93.33 فقط هي القدرات التوليدية لكهرباء الريف العام 2005م، تقول الخطة؛ وبأن الخدمة الكهربائية متوفرة ل2.1 مليون نسمة فقط أي ما نسبته 15% من سكان الريف، هذه الكارثة لا حسنة لها غير أنها أبقت المواطن معتمداً في حياته على الوسائط البدائية ووفرت عليه تعقيدات الحياة بدون كهرباء كما هو حاصل اليوم في المدن الرئيسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.